قبل أن نبدأ نقول فرق كبير بين (الصلاة) و(إقامة الصلاة)، وهو ما لم ننتبه له عبر تراثنا الدينى، حتى نبهنا له الراحل العظيم محمد شحرور فالصلاة من الصلة بالله وهى وصال مستمر لا ينقطع، أما فعل إقامة الصلاة فيقصد به شعيرة الصلاة الحركية التى تتطلب إقامة وطهارة ووضوء.
وفى المصحف وردت "الصلاة" مفردة دون اقامة لتدل على الصلة والصلاة تسبقها لفظه (إقامة) لتدل على الشعيرة صلاة الفجر أو صلاة الظهر أو العصر أو غيرها.
كما وردت لفظة "صلوات" 5 مرات في المصحف حيث بسط الله التاء ليعبر عن دلالة مختلفة عن "صلوة" التى وردت هى الأخرى 63 مرة و"صلاة" التى وردت 9 مرات.
وبينما عبرت إقامة "الصلاة" عن الصلاة الفردية وإقامة "الصلاة" لتدل على إقامة الصلاة الجماعية وإقامة "الصلوات" لتعبر عن اتصالك المالى بالله وتسديدك للزكاة التى أمر بها، فزكاتك هى صلة مالية بالله.
كل رسم مختلف في المصحف له دلالة مختلفة ورسم ألفاظ المصحف وحى نبه به الأمين جبريل الرسول الكريم على الرسول محمد (ص) ولغة المصحف ورد على اللفظ دقيقة وحصرية.
وعلينا أن ننتبه لرسم اللفظ في المصحف وأنت تقرأ فتغير الرسم إشارة لتغير الدلالة، (صلاة) غير (صلوة) غير (صلوات).
وإقامة الصلاة غير الصلاة، ونقول إنه سهل جدا على الإنسان أن يقيم الشعائر (يصلى، يزكى، يصوم، يحج) لكن تكمن الصعوبة كل الصعوبة في أن يكون إنسانا فاضلا يتحلى بالأخلاق في تعامله مع خلق الله.
فالتحلى بالأخلاق يحتاج أيمان بقيم فاضلة إنسانية ودينية ونبل وخوف من الله واحترام وجوده الدائم معنا، ويحتاج إلى أن يكون الله في ضميرك، في وعيك، ولا وعيك، موجود وجود كلى دائم، ويحتاج إلى قيم تخرس وتروى عبر سنين، ويحتاج إلى مران وتمرين وصبر صبور، وجهد جهيد، وإيمان صادق، وتصديق بالوعد وبالوعيد وإيمان بالعطاء المستمر والعمل الصالح يوميا وباستمرار، احتفوا بالسهل والرمزي والطقوسى والشعارى (من شعار) فالشعائر شيء يميز الملة التى أنت عليها وهى للذكر وتتم في دقائق أو في ساعات معدودات في أيام معدودات معلومات وتركوا ما يدخل الجنة وينجيك من عذاب السعير، ويجعلك صالحا للدخول، والنتيجة الناس تهرول إلى المساجد وتقطع الطرق وتفترشها للإقامة الصلاة، لكنها في الدرك الأسفل أخلاقيا وقيميا، ووجدانيا، زيفوا معنى العبادة واختصروها في إقامة الشعائر، ونقلوها من الصراط المستقيم ومحرماته التسعة إلى إحدى الشعائر الرمزية الأربعة للشريعة وهى إقامة الصلاة، قالوا لهم إن (إقامة الصلاة) ركن من أركان الإسلام وأن أركان الإسلام 5 وأن الشعائر الرمزية الأربعة للشريعة (إقامة الصلاة ورديفتها الزكاة والصيام والحج) هى أركان الإسلام إلى جانب الشهادة بينما أركان الإسلام في المصحف (3 ) هى الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر والعمل الصالح، قالوا لهم إن الصلاة عماد الدين، وهم لا يقصدون الصلة بل الصلوات الخمس ونسوا أن يقولوا لهم إن الصلاة في المصحف نوعان (صلاة) من الصلة وهى عماد الدين، (وإقامة) الصلاة والتى هى للذكر والاستعانة فقط وأن صلتك بالله الدائمه ووضعك لله في نفسك وفى ضميرك هى الدين، هى العبادة، لم يخبروهم أن هناك عبادة وهى الأهم وأن هناك استعانة، وفى المصحف هناك (إياك نعبد) و(إياك نستعين)، لم يفرقوا بين (الصلاة) و( إقامة الصلاة) لم يقولوا لهم إن عبادتك لا تبدأ إلا عندما تخرج من المسجد لا عندما تدخله فتلك هى مجرد استعانة (إياك نعبد... وإياك نستعين) وقال ربى (اعبدنى) أولا ثم تاليا (وأقم الصلاة لذكرى).
لم يقولوا لهم إن الدين المعاملة والمعاملة لا تكون في المسجد، وإنما هناك خارجه أي أن الدين يبدأ عند خروجك من المسجد، لم يقولوا لهم إن العبادة لا تكمن في أداء الشعائر الرمزية الأربعة ولا توجد في إقامة الصلوات وإنما تكمن وتوجد في محرمات الإسلام في محرمات الدين هناك بعيدا عن الشعائر تماما قال ربى ( وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) يس
*قالوا لهم إن الصراط طريق رفيع بين الجنة والنار يوم القيامة نمشى عليه بينما الصراط في كتاب ربى طريق نمشى عليه طوال الحياة لا يوم القيامة وقد حدده ربى في المصحف في سورة الأنعام في آيتين 151-152ـ وهو عبارة عن التقاء 9 محرمات نتقى الوقوع فيهم طوال الحياة لا يوم القيامة وقال ربى بعدهما (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الأنعام
قالوا لهم إن الشيطان يحضر لهم إذا أقاموا الصلاة لينسيهم قراءة الآيات أثناء صلاة الظهر أو العصر أو غيرها بينما المصحف بينما كتاب ربى أكد على لسان الشيطان أنه سيقبع لهم هناك بعيدا عن المساجد سيقبع في محرمات الصراط التسعة كى يقعوا فيها ويعتدوا على ما حرم الله لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) الأعراف.
فأقاموا (الصلوة) وقطعوا (الصلاة) ولا حول ولا قوة إلا بالله.