الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أسباب تدهور الصحافة المطبوعة ومقترحات للنهوض بها (2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أشرنا في المقال السابق إلى أن الدراسة المهمة التى أجراها د. فتحى إبراهيم إسماعيل مدرس الصحافة بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة بنها لاستطلاع أسباب تدهور الصحافة المطبوعات والوصول إلى مقترحات محددة للنهوض بها، قد طُبقت على عينة من النخبة الصحفية في الصحف الورقية ونقابة الصحفيين وكليات الإعلام وأقسام الإعلام قوامها ٥٥ مبحوثًا.
وقد أوضحت نتائج الدراسة إجماع الخبراء الممارسين والأكاديميين من عينة الدراسة على أن الصحف الورقية تعانى من أزمة حقيقية وشديدة لم تتعرض لها من قبل "ذلك لأن الصحف الورقية ليس لديها دراسة جدوى جعلتها تخسر، وإن الاستثمار في المجال الإعلامى لا يحكمه عوامل استثمارية فقط، بل معظم الوسائل الإعلامية تعمل كأداة دعاية، سواء للدولة أو رجال أعمال الذين بدورهم يحاولون فرض وجودهم في المجال السياسى.
وأشارت الدراسة إلى أن نحو ١٢٪ من الخبراء الممارسون يرون أن أولى أسباب تدهور توزيع الصحف الورقية هو ضعف المستوى المهنى لإدارة التحرير، وأن ١٤٪ من الأكاديميين يؤكدون أن من أول أسباب تدهور توزيع الصحف الورقية هو تشابه مضامين الصحف الورقية من حيث تناول الموضوعات، وأن نحو ١٢٪ من إجمالى عينة الدراسة يرون أن من أول أسباب تدهور توزيع الصحف الورقية هو ضعف المستوى المهنى لإدارة التحرير "فغياب الكوادر الصحفية المؤهلة وذلك لغياب عنصر التدريب إضافة لذلك الاختيار غير الموفق للقيادات الصحفية ساهم كثيرا في تراجع الصحف الورقية".
وأن نحو ١٠٪ من إجمالى عينة الدراسة يرون أن من أول أسباب تدهور توزيع الصحف الورقية وجود مصادر بديلة للقراء للحصول على الأخبار كوسائل التواصل الاجتماعي. وقد أدى تغيير آليات التلقى السائدة في المجتمع إلى تراجع الصحف الورقية وذلك للجوء البعض من أفراد المجتمع إلى مصادر المعلومات البديلة ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضًا تلقى المعلومات عبر شاشات التليفزيون عوضًا عن المصادر المقروءة وذلك عالميًا وليس على المستوى المحلى فقط، مع العلم بوجود تباين بين الدول المجتمعات في عملية تراجع توزيع الصحف الورقية، وفى المقابل فمن المرجح أن الصحف الورقية ستبقى لمدة تتراوح بين ١٠ و٢٠ عاما ولكنها لن تختفى مرةً واحدة.
في حين يرى البعض أن وجود مصادر بديلة للصحف الورقية لاستقاء المعلومات ومعرفة الأحداث لا يمكن أن تُغنى عن وجود الصحف الورقية؛ فظهور التليفزيون كوسيلة لمعرفة ما يحدث لم يلغ وجود الإذاعة ولا الصحيفة الورقية؛ فالصحف الورقية ما زال لها جمهورها القارئ، لأن هناك قوانين تحكم عملية النشر في الصحف والمصداقية تتواجد بشكل أوسع وأشمل في الصحف الورقية عن غيرها من المصادر البديلة مثل مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضحت الدراسة أن نحو ٨٣٪ من الخبراء الممارسين و٧٠٪ من الخبراء الأكاديميين يرون أن المحتوى الصحفى له الدور الأكبر والأكثر تأثيرًا في عملية توزيع الصحيفة، وأن ٧٨٪ من عينة الدراسة إجمالًا ترى أن المحتوى الصحفى له الدور الأكبر والأكثر تأثيرًا في عملية توزيع الصحيفة؛ فالمحتوى الصحفى يمثل حجز الزاوية في عملية توزيع الصحيفة لأن المضمون المُعَاد والروتينى يبعد القارئ عن قراءة الصحيفة والتمسك بها، وأن التبويب النمطى والسطحية في التناول كلها عوامل أثرت بشكل كبير على عملية توزيع الصحيفة وأدت إلى انخفاض توزيعها، لذلك يجب على الصحف الورقية البحث عن المضمون الجديد والجيد وغير المألوف مثل التوسع في زيادة نسبة مادة الرأى داخل صفحات الجريدة، ومادة الراى ليست هنا بمعنى كتابة المقالات الشخصية فقط، وإنما مادة الرأى القائمة على التحليل والتفسير والتى تتسم بالعمق في التناول من حيث تحليل الأحداث وإبراز خلفيات الحدث وتداعياته وعلاقته بالأحداث الأخرى، وأيضًا على الصحف التوسع في نشر الصفحات المتخصصة بشكل أوسع للعثور على جمهور جديد ونوعى والتوسع أيضا في نشر المادة الخاصة بالمحافظات وليس أخبار العاصمة فقط فجمهور المحافظات أكثر عددا وأكثر تنوعًا.
وذكرت الدراسة أن نحو ١٦٪ من الخبراء الممارسين يرون أن ضعف مستوى الجودة للمحتوى الصحفى المقدم وتشابه المحتوى الصحفى المقدم في الصحف الورقية بكافة توجهاتها يعد من أهم أسباب انخفاض توزيع الصحف وأن نحو ١٥٪ من الخبراء الأكاديميين يرون أن تشابه المحتوى الصحفى المقدم في الصحف الورقية بمختلف توجهاتها والتوجه الذى يعترى المحتوى الصحفى المقدم في الصحف الورقية يعد من أهم أسباب انخفاض توزيع الصحف، في حين أن ١٥٪ من إجمالى عينة الدراسة يرون أن تشابه المحتوى الصحفى المقدم في الصحف الورقية بكافة توجهاتها يعد من أهم أسباب انخفاض توزيع الصحف.
إن عدم قدرة الصحف على خلق دورٍ جديد في ظل المنافسة الشرسة مع وسائل الإعلام الأخرى مع تشابه محتوى الصحف أدى إلى تراجع الصحف الورقية؛ فالدور الخبرى للصحف والذى يركز على الخبر فقط قد انتهى، فما وراء الخبر هو ما يبحث عنه القارئ ستظل أهم ما يميز الصحف التى تطمح لتطوير الذات؛ فالمحتوى في الصحف الورقية أصبح غير مُرْضٍ، فإذا راهنت الصحف الورقية على الخبر كعنصر أساسى في عملية المنافسة مع وسائل الإعلام الأخرى ستخسر كثيرًا وستظل في حالة ثبات عميق يشبه الركود يؤدى مع مرور الوقت إلى التراجع كما يحدث الآن، لذلك على القائمين على أمر الصحف إعادة النظر في المحتوى الصحفى المقدم وفى الأشكال التقليدية للتغطية الصحفية، فلا يصح أن أقرأ إعادة وصف لمباراة كرة قدم قد شاهدها الجمهور منذ ساعات، وكأن الجمهور لم يشاهدها من قبل؛ فالقارئ دائمًا يحتاج إلى ما وراء الكواليس وردود الأفعال حول الحدث.
ولذلك كله يجب إعادة النظر في كل أشكال التحرير الصحفى بحيث يحكمها المساحة الصغيرة مع كثرة استخدام العناوين والتوسع في استخدام الثقافة البصرية.
إن تشابه المحتوى الصحفى بالصحف جاء كنتيجة طبيعية لضعف توافر المعلومات المتاحة أمام الصحفى، إضافةً لضعف المستوى المهنى لنسبة كبيرة من المحررين بالصحف الورقية.
وإلى اللقاء الأسبوع القادم لاستكمال عرض نتائج الدراسة.