استعرضت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مظاهر عودة الحياة إلى طبيعتها في الولايات المتحدة، محذرة، في الوقت نفسه، من أن الوضع الوبائي لفيروس كورونا المستجد يزداد سوءا في معظم بقاع العالم.
وأشارت الصحيفة -في تحليل أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء- إلى أن المطاعم والحانات في الولايات المتحدة عادت لتمتلئ مرة أخرى، ويتم حجز الإجازات وتنفد الرحلات الجوية، بينما في الأحداث الرياضية يتعانق المشجعون دون ارتداء أقنعة ويهتفون، موضحة أن سبب ذلك أن غالبية الأمريكيين قد تلقوا جرعة واحدة على الأقل من لقاح فيروس كورونا، وتقل الإصابات والوفيات اليومية الجديدة إلى أدنى مستوياتها منذ عام تقريبا. ويتراجع الوباء ببطء عن مشاهد الحياة اليومية للعديد من الأمريكيين مع فتح الشركات وتخفيف السلطات المحلية القيود. ويمكن لبريطانيا -التي لم تبلغ يوم الثلاثاء عن أي وفيات جديدة مرتبطة بفيروس كورونا للمرة الأولى منذ مارس 2020- أن ترى الحياة المضاءة بنور الشمس لمستقبل ما بعد الوباء.
ورغم ذك نقلت الصحيفة عن ديفي سريدهار رئيس قسم الصحة العامة العالمية في جامعة إدنبرة قوله إنه: "لن ينتهي كوفيد -19 بضجة أو باستعراض.. فعلى مر التاريخ، انتهت الأوبئة عندما توقف المرض عن السيطرة على الحياة اليومية وتراجع إلى الخلف مثل التحديات الصحية الأخرى".
وذكرت الصحيفة أن الوباء بالكاد يتراجع في أي مكان آخر، فقد ساهم ظهور متغيرات أكثر ضراوة للفيروس في بلدان مثل البرازيل والهند فضلا عن بطء جهود التطعيم في العديد من الأماكن خارج الغرب في موجات جديدة مميتة. وكانت أعداد حالات الإصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم أعلى بالفعل في عام 2021 مما كانت عليه في عام 2020. ومن شبه المؤكد أن عدد الضحايا سيكون كذلك أيضا.
واستشهدت الصحيفة بجنوب شرق آسيا - التي وصفتها بأنها كانت في يوم من الأيام معقلا لمقاومة الفيروس عندما اجتاح الدول الغربية - ورأت أنها أصبحت الآن في قبضة ارتفاع مروع في الإصابات. فقد ارتفعت الحالات في تايلاند وفيتنام بشكل كبير خلال الشهر الماضي. وتسجل ماليزيا الآن عددا من الإصابات الجديدة لكل مليون شخص أكثر من أي دولة متوسطة أو كبيرة الحجم في آسيا - متجاوزة الهند - التي لا تزال بؤرة ساخنة عالمية.
أما في إفريقيا ، فتتزايد المخاوف بشأن احتمال وصول موجة جديدة مدفوعة بسلالة أكثر قابلية للانتقال من الفيروس. ووجدت دراسة حديثة أن القارة السمراء لديها أعلى معدل وفيات في العالم للمرضى المصابين بأمراض خطيرة بفيروس كوفيد -19، وذلك بسبب قلة مرافق العناية المركزة واحتياطيات الإمدادات الطبية الحيوية مثل الأكسجين.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه في أجزاء من أمريكا اللاتينية ينتشر الفيروس بلا هوادة إلى حد كبير. ووفقا لبياناتها المعدلة من جانب الحكومة، فإن بيرو لديها الآن أسوأ معدل وفيات للفرد في العالم بسبب فيروس كورونا. ومن المقرر أن تجري البلاد انتخابات الإعادة الرئاسية المتنافس عليها بشدة في نهاية هذا الأسبوع.
حتى في شرق آسيا - حيث وضعت مجموعة من الدول معيارا ذهبيا لمنع انتشاره في المجتمع - فإن الفيروس في مستمر. فقد شهدت تايوان ارتفاعا في عدد الحالات خلال الشهر الماضي. وفي اليابان -التي لا تزال تعتزم استضافة الألعاب الأولمبية الصيفية- لا تزال العديد من المناطق بما في ذلك طوكيو في حالة الطوارئ.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسئولي الصحة العامة والمنظمات الدولية يدركون المشكلة الرئيسية وهي: الفجوة العالمية في اللقاحات. ففي الولايات المتحدة، هناك بالفعل نقاش حول الحقن المعزز لعامة الناس، في حين أن العاملين الطبيين في الخطوط الأمامية في بعض من البلدان النامية لم يتلقوا حتى الآن الجرعة الأولى من اللقاح. وفي بيان مشترك لهم وضع رؤساء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية خطة 50 مليار دولار للعمل الجماعي التي من شأنها تسريع توزيع اللقاحات على البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل فضلا عن توسيع نطاق وتنويع الطاقة الإنتاجية في جميع أنحاء العالم.
وكتبوا في مقال رأي نشر في صحيفة واشنطن بوست: "إن التوزيع غير العادل للقاحات يترك الملايين من الناس عرضة للفيروس بينما يسمح للمتغيرات القاتلة بالظهور والارتداد مرة أخرى في جميع أنحاء العالم". "مع انتشار المتغيرات اضطرت حتى البلدان التي لديها برامج تطعيم متقدمة إلى إعادة فرض تدابير أكثر صرامة للصحة العامة وقيود السفر. إن الوباء المستمر يعمق التباين في الثروات الاقتصادية، مع وجود عواقب سلبية على الجميع".