الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

الأقباط و30 يونيو.. من العزلة إلى المواطنة.. الخروج الكبير من خلف أسوار الكنيسة إلى قلب الوطن.. جماعات العنف اضطهدتهم لمدة 41 عاما

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد سنوات من العزلة، والانحصار خلف أسوار الكنيسة، أسهمت ثورة 30 يونيو، في أن يكسر الشباب القبطى أطواق العزلة ويهرول للشارع يرفع الصلبان كرد فعل لإغلاق الإخوان للكنائس، ويحملون اللافتات مطالبين برحيل النظام الإخواني، كانت إرهاصات تمرد الأقباط والخروج من عباءة الكنيسة «طائفية» قبل شهور من ثورة 25 يناير، خاصة مع اندلاع أحداث كنيسة العمرانية نهاية 2010، وتبعها الغضب القبطى من تفجير كنيسة القديسين قبل أيام من ثورة يناير.ولكنهم التحموا بشكل وطنى مع باقى المصريين ليرسموا صورة الثورة في ميدان التحرير وكل ميادين مصر، ثاروا رغم خوف الكنيسة عليهم، وهدأوا حينما ظنوا أن شعارات «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» ستتحقق، ولكن كانت الأحداث الطائفية لهم بالمرصاد، فبين أحداث كنيسة صول والماريناب، خرج الأقباط يعتصمون أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو»، وهى نقطة التحول الدراماتيكى في علاقة الأقباط والكنيسة بثورة 25 يناير والدولة من جهة أخرى والإخوان من جهة ثالثة، بعد صدام ماسبيرو، وجاهد الأقباط بدعم من الكنيسة ليحصلوا على حقوقهم السياسية، وهو ما عُرف بـ«المقاومة المكتومة»، ولكن مع قرب اعتلاء الإخوان لكرسى السلطة، رحل «البابا شنودة الثالث» الذى سيطر عليهم وشكل وجدانهم لأكثر من 40 عامًا، وفى ظل المرحلة الانتقالية التى كانت تعيشها الكنيسة، كان الأقباط في الخارج يبلورون ائتلافاتهم وحركاتهم السياسية، يحاولون أن يلعبوا دورًا مؤثرًا على المسرح السياسى، ولا يصبحون أداة طيعة في يد الكنيسة، التى كانت المُعبر والناطق باسمهم والمتفاوض الوحيد مع سلطات النظام. أراد الأقباط أن يصبح لهم صوت وقرار، وهو ما منحه لهم الأنبا تواضروس الذى صار «البابا تواضروس الثانى»، في نهاية عام 2012، ليعلن أن الكنيسة مؤسسة روحية، وأن الأقباط أحرار في تحديد مصيرهم السياسى، ولا علاقة للكنيسة بالسياسة، لترفع اليد رسميًا عن الأقباط، ويشهد عام 2013، الانقلاب الحقيقى للأقباط أو «الخروج الكبير». «30 يونيو».. إذا كان هذا التاريخ يمثل للمصريين شيئًا، فإنه يمثل للمصريين الأقباط، تاريخ «الخروج الكبير»، على اضطهاد «المتأسلمين « وجماعات العنف لهم، الذى استمر 41 عامًا، منذ حادث الخانكة عام 1972 وحتى واقعة الخصوص في أبريل 2013، والتى شهدت أثناء الصلاة على ضحايا الخصوص بالكاتدرائية لأول مرة في التاريخ الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية والمقر البابوى.. أولًا: «1972/1981»: بلغت أحداث العنف ضد الأقباط 193 حادثًا، راح ضحيتها 3 وجرح 141 قبطيًا، وجرى الاعتداء على 34 كنيسة.
ثانيًا: في المرحلة «1981 - 2010»: قتل 157 قبطيًا، وجرح 811، واستُحلت أموال وممتلكات 1384 قبطيًا، في 324 حادثًا، والاعتداء على 103 كنائس «آخرها كنيسة القديسين»، وتخلل ذلك 10 مذابح للأقباط، وتهجير 43 أسرة قسريًا،

ثالثًا: مرحلة صعود الإسلاميين «أبريل 2011/أبريل 2013»، في هذه المرحلة دفع الأقباط 59 قتيلًا، وأصيب 912 قبطيًا، وحدثت اعتداءات على 25 كنيسة، وتهجير قسرى لـ141 أسرة، في 63 حادثة طائفية، ومن جراء صناعة التخويف هاجر طوعيًا ما يقارب الـ100 ألف مسيحى لدول المهجر التقليدية، إضافة إلى جورجيا وما يتردد عن إسرائيل. وأوضح «شفيق» أن أخطر ما تميزت به مرحلة الإسلاميين هو فقه استباحة مقدسات المسيحيين وازدراء المسيحية، مثل حرق أبوإسلام للإنجيل لأول مرة في تاريخ مصر، ورصد 14 فتوى للدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، موثقة في مواقع «أنا سلفى» و«صوت السلف» أشهرها فتوى عدم جواز توصيل القساوسة للكنائس، فيما جرت محاكمات عاجلة لـ14 مسيحيًا بتهمة ازدراء الإسلام، وحكم عليهم بأحكام مختلفة تتراوح بين 3 و4 سنوات. ذلك حدث جنبًا إلى جنب مع سلسلة التصريحات المعادية للأقباط سواء من الرجل الأول في الجماعة خيرت الشاطر، بأن 80% من المتظاهرين أمام الاتحادية من الأقباط، واتهام الأقباط بأنهم وراء «البلاك بلوك» والعنف، واتهام عصام الحداد، مستشار الرئيس الخائن مرسى للشئون الخارجية، للأقباط بأن لديهم أسلحة واستخدموا العنف في الوقت الذى حدثت فيه اعتداءات عليهم للمرة الأولى منذ تأسيس الدولة الحديثة، وغيرها من التصريحات المتطرفة. وشهد 2013، تأكيدات من الكنيسة أنها بعيدة عن السياسة، وتلك كانت أكبر أزمة تواجه الإخوان في علاقتهم بالكنيسة، التى وصفها الرئيس المخلوع في آخر خطاباته بأنها علاقة «فاترة»، حيث كان الإخوان يرغبون في إعادة الأقباط من الشوارع إلى الكنيسة مرة أخرى، لتصبح العلاقة بين مرسى والبابا، علاقة الشد والجذب، دون تدخل الأقباط، ومن أجل ذلك صارت معركة الأقباط مع الإخوان معركة «وجود»، وكان المنقذ لهم هو 30 يونيو، فخرجوا بالملايين إلى الشوارع يطالبون بعزل الرئيس الإخوانى، فليس أمامهم مهرب، إما عزل مرسى وزوال الإخوان أو التنكيل بهم، وذلك مع غض الكنيسة النظر عن المطالب الرئاسية بأن تأمر الأقباط بعدم الخروج في 30 يونيو، وردها أنها لا تملى على الأقباط أوامرها وأنهم أحرار كسائر المصريين. بعد 3 يوليو وعزل الرئيس، وتصدر البابا مشهد خارطة الطريق بجانب الفريق السيسي، وشيخ الأزهر، دفع الأقباط والكنيسة ثمن هذا المشهد، وهو الثمن الذى وصفه البابا تواضروس الثانى، بأنه «ثمن بسيط للحرية، يدفعه الأقباط والكنيسة عن طيب خاطر من أجل مصر»، وبلغت ذروة العنف ضد الأقباط يوم 14 أغسطس الماضى عقب فض اعتصامى الإخوان وأنصارهم برابعة العدوية ونهضة مصر، حيث وقعت اعتداءات على 111 كنيسة، منها 23 كنيسة دُمرت بشكل كامل، و88 كنيسة هُدمت بشكل جزئى، وحرق 55 منزلًا من منازل الأقباط، وتدمير 75 سيارة وأوتوبيسًا مملوكة لأقباط، و7 قتلى، و7 مخطوفين، وعشرات المصابين، وأصبحت الكنيسة والأقباط هدفًا للجماعات الإرهابية، والتحرشات الطائفية، كما حدث في كنيسة العذراء بالوراق، وما تشهده قرى المنيا من أزمات وفتن طائفية. يقول الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية «حينذاك»، وأسقف عام كنائس وسط القاهرة، لـلصحافة، إن الأقباط كانوا منذ عهد السادات حتى مرسى يتعرضون لاضطهاد منظم من الدولة، ولكن ما يواجهه الأقباط حاليًا هو الإرهاب، وتتوقع الكنيسة أن تتكرر بين الحين والآخر حوادث إرهابية مشابهة لما وقع في كنيسة الوراق لبث الرعب في قلوب الشعب المصرى عمومًا، لأن الإرهاب ليس له قانون. وحول علاقة الكنيسة بالأقباط في المشاركة السياسية، قال الأنبا رافائيل، إنه على المجتمع أن يعرف أن العلاقة بين الكنيسة والأقباط علاقة روحية، فالكنيسة حينما تبدى رأيها في الأمور السياسية والوطنية يكون هذا الكلام ردًا على أسئلة الصحفيين وبصفتنا مواطنين نحب بلدنا، ولكن مسئولية الكنيسة الأولى هى مسئولية روحية، وليس للكنيسة سلطان على الأقباط من جهة ممارسة حقوقهم الوطنية إلا التشجيع على المشاركة الإيجابية مهما كان موقف كل شخص على حدة، وبالتالى فليس في مقدورنا أن نقول لإنسان أن يفعل شيئًا يخالف ضميره، وليس للكنيسة توجيه الأقباط للأمور السياسية والوطنية.

وعلي الرغم من كل ما يلقاه الأقباط من تنكيل من الإرهاب الأسود عقب 3 يوليو، فإن مشاركتهم السياسية كانت فاعلة جدًا، فكان هناك وجود وحضور قوى للكنيسة والأقباط داخل لجنة الخمسين لتعديل الدستور، الذى شهد حصول الأقباط على كثير من حقوقهم، فلأول مرة تُذكر في الدستور كلمة الكنيسة والمسيح، ولأول مرة يوضع تمييز إيجابى للأقباط في البرلمان، وإجبار الدستور للحكومة بالتقدم في أول دورة انعقاد للبرلمان بقانون لبناء الكنائس، وقال عن ذلك الأمر الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها وممثل الكنيسة الأرثوذكسية بلجنة الخمسين في الدستور الأسبق، إن الدستور مكسب لكل المصريين وأبرز مكاسب الأقباط به هى «مشاعر وأحاسيس» بأنهم جزء من الوطن، وأن مكاسب الأقباط في الدستور ستعود بالفائدة على مصر كلها، فقانون بناء الكنائس مطلب رئيسى لوقف الفتن الطائفية،
وشدد على أن الكنيسة لن تتدخل في اختيار الأقباط الذين سيترشحون للانتخابات البرلمانية المقبلة، كما أن 2013 شهد مشاركة قطاعات مجتمعية واسعة النطاق من الشعب المصرى، وأحد أكثر تلك القطاعات هم الأقباط، وذلك نتيجة للخروج المسبق للأقباط طوال العامين 2012 و2013، بسبب أعمال العنف ضدهم، الأمر الذى دفعهم للخروج للتعبير عن آلامهم، وكذلك نتيجة إدراكهم أن ذلك هو السبيل الوحيد للحصول على حقوقهم في المواطنة الكاملة.