سؤال أبحث له عن إجابة، فمن يعرف يعطيني الإفادة لأنني في حيرة، فدعك من ظهورهم المفاجئ لدى وقوع الحوادث أو غلق الإشارات أو المظاهرات أو الثورات.
أظن وأظن أنك تظن معي أن هناك «سيم» أو طريقة للتواصل بينهم، أو أن لهم في «كل خرابة عفاريت» هذا العفريت بمجرد أن يجد «طريق واقف» أو إشارة أو «لجنة مرور» يطير ويُخبر كل البائعين وخاصة بائعي السميط وحمص الشام.
هؤلاء الباعة المتجولين لا يختلفون كثيرا عن الكثير من أصحاب «الكرفتات» خلف الشاشات فهؤلاء وهؤلاء يبحثون عن «لقمة عيش» أي أنهم لا وطنيين ولا إخوان ولا مسلمين ولا نشطاء ولا حقوقيون ولا «دياوله» في ميدان التحرير تجدهم وفي النهضة تجدهم بنفس «البيض ونفس السميط» وبأكواب حمص الشام، كذلك الحال بالنسبة لبعض أو لجزء من السادة الإعلاميين والمحللين والخبراء فقط يغيرون بعض «الكلمات» حسب الحالة والموجة فلديهم أكثر من لافتة وأكثر من رابطة عنق. منها «سميط التحرير وحمص شام النهضة ورباطات عنق بعدة ألوان حسب القنوات وعدد المشاهدات».
أسوق لك كل ما سبق لأن الكثير يتحدث عن «30» يونيو في قوالب سياسية وأنا أود أن أصطحبك إلى ما كان يدور في الأزقة والحارات كما فعلت وقصصت عليك ما جرى من «زكريا المضاد».
«شحتة» عاطل من بولاق هذا اسم ووصف إن أردت اختصار الحكاية، يظل مستيقظا طيلة الليل، ليس لأنه منشغل بأمر ما ولا منهمك في ترتيب أمور الحياة ولا يسترجع دروسه قبل مناقشة الدكتوراة، وإنما كان يستيقظ لأن دوره في النوم الساعة السادسة صباحا.
أشرح لك الأمر أكثر.. شحتة وأشقائه ووالده ووالدته وبعض الأقارب يسكنون في حجرتين بسريرين وحتى لا يحدث تدافع لا يُحمد عقباه وحتى لا يتحول الأمر إلى مظاهرة، رتبوا فيما بينهم جدول النوم من الساعة... إلى الساعة، وكان ترتيب شحتة أن ينام السادسة صباحا ويسهر طيلة الليل، واحد من أبناء الحلال من المنطقة عرض على شحتة أن يستثمر الليل في كسب المزيد من المال في موسم المظاهرات إما أن يسرح بسميط وبيض وإما أن يسرح بحمص الشام.. فقط عليه أن يختار الصنف والميدان.
«فكاكة» شحتة جعلته يختار الاثنين معا ولا يتوقف عمله على ميدان، فقط كان يٌغير اللافتات والشعارات والصور، دارات العجلة مع شحتة وتعلم أن يُخرج الكلمات حسب هوى الزبون، فإذا كان الزبون يقول سلمية سار خلفه وإذا كان يقول إسلامية صار خلفه وحينما يجد ثالثا «محتار» يقول له وإحنا مالنا.. أحوال.. كل واشرب ونام.
حياة «شحتة» ينطبق عليها «وَكَمْ ذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا»، في ليلة خرج شحتة بعربية «حمص الشام» وكان من المفترض أن يتجه إلى ميدان التحرير وكان مكتوبا عليها «لا للإخوان».. يسقط.. يسقط حكم المرشد.. الشعب والجيش والشرطة إيد واحدة»..
«نسيت أقولك حاجة مهمة في الحكاية.. شحتة غلبان.. غلبان فعلا مكنش بيعرف يقرا ويكتب لكن كان صاحب العربية بيحدد له المكان حسب اللافتات والشعارات.. تمام زي ميعاد النوم.. دي المرة الوحيدة اللي شحتة خد فيها قرار بقلبه.. بعقله إنه يروح في قلب «المعمعة» ويقول رأيه.. يقول كفاية خراب.. لما انضرب في ميدان النهضة وهو بيموت قالوا إنه قال الشهادة وهتف تحيا مصر.. برغم ضيقة المكان والنوم بطابور وضياع الحرف والحرفة كان بيحبها بطريقته ويمكن مكنش هو نفسه عارف.. شحتة هو كمان وقت الجد اختار.
لو حد قابل أهل شحتة في «الأسمرات» يسلم عليهم ويقولهم إزي الحال؟