قبل سبعة أشهر من اليوم لم يكن يعلم الأطفال المنتمين لعرقية التيجراي في إثيوبيا، أنهم سيجبرون على البقاء ساعات طويلة تحت الشمس الحارقة بلا مأوى أو حماية للبحث عن طريقة لكسب المال إما بالعمل أو التسول، بعدما ازداد الوضع الإنساني سوءا جراء الحرب التي شنها الجيش الإثيوبي على إقليم التيجراي بأوامر من آبي أحمد رئيس الوزراء الحاصل على جائزة نوبل للسلام قبل عامين.
تجسد قصة الطفلين "ألمونجوس" و"هابيل" المعاناة والمأساة التي يمر بها الأطفال المنتمين لعرقية التيجراي، في إثيوبيا بعد التطهير العرقي وجرائم الحرب التي ارتكبها نظام آبي أحمد على مدار سبعة أشهر، حيث اضطروا مع ثلاثة أطفال آخرين تتراوح أعمارهم بين 8 و 18 عاما، إلى الإنزلاق إلى الطرقات الخطرة لكسب المال بأي طريقة، فلم يجدوا إلا "سد الثقوب والحفر في الطريق بالتراب"، وطلب المال من السائقين بعد ذلك، وفقا لتقرير نشرته إذاعة فرنسا الدولية.
لجأ أطفال التيجراي إلى تلك الحيلة، لكسب المال بعدما فر سكان التيجراي من الإقليم هربا من الاغتصاب والقتل والدمار، وأغلقت المتاجر والدراسة تعطلت بسبب الحرب ويقول الطفل "ألمونجوس": "أحاول إحضار بعض المال لشراء الطعام.. نلتقي الساعة السادسة صباحًا، ونبقى هناك حتى الساعة السادسة مساءً موعد حظر التجول.. حتى المدارس مغلقة بسبب الحرب، لذلك ليس لدينا شيء آخر نفعله".
تلك الحيلة التي ابتكرها أطفال التيجراي لا تجدي نفعا مع قوات الجيش الإثيوبي، حيث أوضح الطفل هابيل (16 عامًا) أنه عند مرور سيارات الجيش فإنهم "لا يطلبون شيئا خوفا منهم لأنهم يقتلون الناس"، مشيرا إلى أنهم "يبدأون العمل مبكرًا، ففي بعض الأحيان تجب إزالة الحجارة الكبيرة، إنه عمل متعب، لا سيما عندما تكون الشمس حارة، لكن كل مبلغ من المال يمكن أن ينقذ حياتنا".
وفي نهاية يوم شاق، يتمكن الأطفال أحيانًا من جمع دولار واحد، ويقول أراجاوي، وهو سائق: "رؤية الأطفال والشباب يتسولون أمر محزن.. يجب أن يكونوا بالمدرسة، لكن بسبب النزاع تم إغلاق المدارس، وهم مجبرون على القيام بذلك، رغم أنه لا يحق إجبارهم على العمل، أو دفعهم للتسول".
ويختتم التقرير قائلا: "أكثر من 90٪ من سكان تيجراي، بحاجة لمساعدات إنسانية، وفقًا للأمم المتحدة. وبحسب مراقبين، فإن إنهاء النزاع -فقط- هو الذي يمكن أن يحسّن الوضع".
وبدأت الحملة العسكرية على إقليم التيجراي في مستهل نوفمبر الماضي، وتسببت في نزوح أكثر من 63 ألف إثيوبي إلى ولاية القضارف السودانية المتاخمة للحدود الإثيوبية، بسبب انتشار أعمال القتل والاغتصاب والاعتداء الجنسي من الجيش الإثيوبي الذي استعان بالجيش الإريتري لاجتياج إقليم التيجراي.
وفرضت الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع الماضي عقوبات على نظام آبي أحمد بسبب الجرائم التي ارتكبها ضد عرقية التيجراي، وقالت الخارجية الأمريكية في تقرير لها أن ما حدث في التيجراي هو تطهير عرقي.