لأن عالم الطفل له سماته المميزة المختلفة عن عالم الشباب والكبار، فالدراسات والتجارب المتعلقة بتأثير الموسيقى التربوي، والعلاجي تحتاج إلى وقفة خاصة، فالطفل يتعلم ببطء في هدوء إيقاع الحياة.. ومع كل شروق وغروب يؤقلم نفسه أكثر فأكثر من اتجاهات ومؤثرات بيئته.. ومع مرور الفصول والسنين، يبدأ بحثه الذى يستمر طوال حياته عن تحقيق ذاته. إن الكلمتين اللتين تعتبران محورا للموقف كله هما «يتعلم» و«يتأقلم» إنهما المدخل الطبيعى والجوهرى لكل من يريد أن يفهم عالم الطفل.. من هنا ظهرت أهمية تعليم الموسيقى للطفل.
فلقد استخدمت الموسيقى في مدارس الأطفال لتحقيق أعظم الأهداف التربوية والاجتماعية والفكرية.. فهى تساعد على تطوير الإدراك الحسى للفرد، وتنشيط العقل، وتسهم في علاج الخجل والانطواء.. بسبب قدرتها على إعطاء الفرصة للتعبير عن الذات.
وعلى ذلك، فقد اقترحت جولييت ألفين (Alvin Juliette) برنامجا موسيقيا للأطفال، لتحقيق الأهداف التالية:
• خلق اتصال بين الطفل والموسيقى، وبينه وبين بيئته.
• تمكين الطفل من إدراك صوته، وتقبله.
• مساعدة الطفل على الانفتاح والغناء.
• إعطاء الطفل الإحساس بالإيقاع الجسمانى الذى قد يفتقده في بعض الأحيان.
• خلق علاقة حب وثقة بين الطفل ومعالجه.
• تطوير تذوقه بالموسيقى لمساعدته على تكوين المزاج السليم له.
• تمكينه من احتمال الضوضاء.
الكفايات أو المهارات المهنية الواجب توافرها بالقائم بالعلاج الموسيقى
هناك العديد من الكفايات أو المهارات الواجب توافرها في القائم بعمليات العلاج بالموسيقى ولعل من أهمها ما يلى:
• أن يكون حاصلًا على درجة البكالوريوس على الأقل في العلاج الموسيقى.
• الحصول على دورات تدريبية عدد ساعاتها ١.٢٠٠ ساعة في التدريب الإكلينيكى تحت إشراف مجموعة واسعة من المتخصصين في تقديم الخدمات للمدارس والمستشفيات، والتيسيرات في الطب النفسى.
• توافر مجموعة من المهارات والكفايات الموسيقية مثل العزف على الآلات الموسيقية مثل البيانو أو الجيتار وكذلك مهارات الغناء.
• أن يكون ملما بطرق العلاج الموسيقى المختلفة.
• أن يكون ملما بمجال علم النفس الموسيقى.
• أن يكون حاصلًا على مستويات متقدمة في مجال التدريب الأكاديمى مثل حصوله على درجة الماجستير Master's أو الدكتوراة Doctorate.
• لديه اهتمامات متعمقة بدراسة العديد من المجالات النظرية في مجال علم النفس، والمداخل الديناميكية في علم النفس، وعلم نفس النمو، ومبادئ علم النفس الاجتماعي البيولوجى biopsychosocial principles ونظريات العلاج بالموسيقى، وطرق البحث في مجال علم النفس الموسيقى.
• الحصول على شهادة اعتماد تفيد بأنه قد استوفى المتطلبات السابقة.
• يستخدم المعالج الصوتى المدرب أدوات كثيرة متنوعة تشمل الآلة الموسيقية والأشرطة والشوكات الرنانة والأجهزة التى تطلق موجات صوتية بترددات معينة، بل ويستخدم حتى صوته هو في المساعدة على علاج الجسم، وكثير من المستشفيات ودور الحضانة ومراكز إعادة التأهيل تقدم جلسات علاجية جماعية كجزء من برامجها العلاجية.
• المعالج يمكنه أيضًا أن يستكمل متطلبات التعليم كل خمس سنوات أو يحصل على اختبار من مجلس الترخيص للمعالجين الموسيقيين، ومن يستكملون هذه المتطلبات يسمون مرخصين من المجلس (البورد)، ويعتبرون قد اطلعوا على أحدث الاتجاهات في هذا المجال حسب قول بومانيس: عليك أن تتوقع أن تنفق نحو ٥٠ دولارا مقابل جلسة مع معالج خصوصى؛ ويقول الخبراء إنه ثمة بعض التقنيات التى يمكنك أدائها بالمنزل وأغلبها يشمل استخدام الموسيقى المسجلة لإرخاء أو لتنشيط جسمك وعقلك. ويقدم إليك اقتراحات عن المؤلفات الموسيقية التى قد تساعدك على التعامل مع حالات صحية محددة. ومن المهم أن تلتقط نوع من الموسيقى المناسب لك. ويقول د. هولبرن: كل شخص لديه تفاعل مختلف تجاه مؤلفة موسيقية معينة، فقد يقول لك أحد الأشخاص أن أغنية ما تساعده على الاسترخاء، ولكن إذا كانت تلك الأغنية يطغى عليها صوت آلات الكمان في حين أنك تبغض صوت الكمان، فإن الإنصات إليها لن يكون ذا فائدة لك على الإطلاق، بل إنك ستشعر بصوتها في أذنيك وكأن شخصًا ما يحك سبورة بأظافره!.
• يتعين على المعالج أن يقوم بتجربة ليكشف الصوت الذى تشعر أنه أفضل لك، والموسيقى الكلاسيكية تعتبر في الغالب اختيارًا جيدًا للعلاج بالموسيقى، ولكن بعض الخبراء يحذرون من أن تلك الموسيقى ليست مثالية، وتشرح ذلك جاناليا هوفمان الملحنة والمعالجة الموسيقية في كنائس سيتى بولاية ميزورى قائلة: «إن تلك الموسيقى الكلاسيكية لم تؤلف خصيصًا للعلاج بالموسيقى، فموسيقى الباروك تتميز بحركة الموسيقى ببطئ تكفى لإبطاء دقات قلبك، ولكن هذه السرعة تتغير أثناء المؤلفة الموسيقية، فأحيانًا تسرع وأحيانًا أخرى تبطئ، وهذا قد يجعل من الصعب على قلبك أن يتفاعل معها بشكل حى».
المستفيدون من خدمات العلاج بالموسيقى
هناك العديد من الفئات التي يمكن أن تستفيد من تلقى هذه الخدمة مثل الأطفال، والشباب، والكبار مثل:
• الطلاب الذين يعانون من صعوبات عقلية أو مادية mental or physical disabilities
• الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم learning disabilities
• المصابون باضطرابات التوحد autism spectrum disorders والاضطرابات السلوكية behavioral disorders، والإيذاء الحسى sensory impairments، وتعاطى المخدرات substance abuse
• الناجون من الاعتداء الجسدى، والجنسى والعاطفى survivors of physical sexual and emotional abuse
وبذلك يمكننا القول أن عمليات العلاج بالموسيقى تشمل العديد من المستفيدين، وتعتمد عملية العلاج بالموسيقى على خلفية القائم بعمليات العلاج إلى جانب القدرة على تلبية الاحتياجات التى تختلف من عميل إلى آخر، وكذلك الأسس والمداخل النظرية المعرفية السلوكية المستخدمة في عمليات العلاج
طرائق وأساليب العلاج بالموسيقى
فتح النجاح بالعلاج الموسيقى الباب أمام محاولة وضع برنامج لتدريب هؤلاء الموسيقيين، وقد تطور الأمر ونشأ أول برنامج في العالم لمنح درجة علمية في العلاج بالموسيقى في جامعة ولاية ميتشغن عام ١٩٤٤ م، وكان ذلك بمثابة نقطة البداية لانتشار هذا النمط الجديد للعلاج وهو «العلاج بالموسيقى»، ومن حينها أصبح علمًا مستقلًا بذاته يدرس في معاهد متخصصة، وأصبح لا يحق للأشخاص ممارسة هذا النوع من العلاج إلا بعد أن يقوم بدراسة البرامج العلمية المعتمدة لهذا التخصص والجدير بالذكر أنه ومنذ سنوات قليلة، وبالتحديد في الحادى والعشرين من شهر ديسمبر من عام ١٩٩٧م، تجمع عدد من الموسيقيين الغربيين والايطاليين في مدينة موستار Mostar البوسنية لافتتاح مركز بافاروتى الموسيقى Pavarotti Music Centre كأحد مشروعات مؤسسة طفل الحروب War Child، وهى مؤسسة مهتمة بتأسيس المشاريع العلاجية التى تساعد الأطفال على تجاوز الخبرات الأليمة التى يمرون بها خلال الحروب،ويقوم المركز الجديد بعلاج أطفال البوسنة الذين عانوا من ظروف الحرب من خلال استخدام الموسيقى، فمن المعروف أن مدينة موستار عانت من دمار أثناء الحرب بسبب انقسام بين المسلمين والكروات بعد الحرب، وقد أدى تطور الممارسة والعلم لظهور عدد من المناهج والأساليب العلاجية منها:
- العلاج الموسيقى التحسينى Improvisational Music Therapy: ومنه أسلوب نوردوف روبينز Nordoff-Robbins وأساليب أخرى تعتمد على تحفيز ردود أفعال المريض على كافة المستويات.
- الغناء والمناقشة «Singing and Discussion» ويعتمد على تحفيز المريض للاستجابة للمؤلفات الشعرية والموسيقية، عن طريق ترك الشخص يعبر عن الأفكار والمشاعر التى استثارتها فيه هذه المؤلفات. ويستخدم هذا الأسلوب في العلاج النفسى، وفى علاج مشكلات المراهقين وكبار السن.
- الوصف التصويرى والموسيقى الموجهة Guided Imagery and Music (GIM): ويعتمد هذا الأسلوب على الإنصات الموسيقى الكلاسيكى على أن يكون في وضع الاسترخاء العقلى والجسدى. ويساعد ذلك الشخص على تحفيز الوصف التصويرى لديه وذلك بهدف الوصول للواقع الذاتى.
- أسلوب اوراف سولفيرك السريرى Clinical Orff Schulwerk (COS): ويعتمد هذا الأسلوب العلاجى على استخدام الحركة والإيقاع والأصوات واللغة والتعبير الموسيقى في إطار جماعى، ويستخدم هذا الأسلوب.