رغم اختلاف المكان والزمان إلا أن المشهد واحد، ٧ سنوات كن الفرق بين حرب غزة ٢٠١٤ و٢٠٢١ ليذوق فيهما علاء نفس المرار مرتين، يقف علاء أمام منزله والذى تهدم للمرة الثانية حيث كانت الأولى فى حرب ٢٠١٤، يصف علاء حاله بجملة صغيرة «وفى كل حرب لى نصيب».
يقف «علاء» يلملم أوراقه المبعثره يمينا ويسارا من فوق ركام المنزل والذى تهدم بشكل كامل، كانت أثر الصدمة على نفسه كبير جدا جعلته حتى لا يجد من كلمات اللغة ما يعبر عن ما بداخله.
يقول «علاء» فى حديثه معنا: «فى حرب ٢٠١٤ كانت لى تجربة أولى فى قصف منزلى وتدميره بشكل كامل فى حى الشجاعية وأصبحنا مهجرين مشتتين إلى أن استقر بى الحال في وسط غزة وما بينهما تفاصيل عظيمة من المعاناة».
وفى حرب ٢٠٢١ قصف الاحتلال شقتى السكنية فى شارع اليرموك وأصبحت هذه تجربة ثانية فى تدمير المنزل والتهجير وفقدان أغلى ما نملك والعودة لمربع المعاناة من جديد.
وإختيار وسط غزة للسكن لم يكن بشكل عشوائى، يؤكد علاء أنه اختار هذا المكان بالتحديد للبعد عن المناطق الحدودية وبالتالي يصبح في مأمن من صواريخ الاحتلال، يضيف علاء: «حاولت بكل الطرق المتاحة البحث عن الاستقرار وقمت بامتلاك شقة فى شارع اليرموك عن طريق مرابحة من البنك الوطنى بنظام السداد لمدة ٨ سنوات».
يقول «علاء»: «تركت حي الشجاعية الذى يعد على الحدود الشرقية لمدينة غزة باحثا عن أمان، وقُصف بيتنا أخيرا، وهكذا سوف يضطر ثلاثة من أولادى أن يعيشوا نزوحا ثانيا منذ ولادتهم، وهم لم يبلغوا بعد سن المراهقة».
ولدى شمالى خمسة أولاد، أكبرهم «ديما- ١٢ عامًا» و«عبادة- ١١ عامًا» و«صلاح- سبعة أعوام» و«عبدالله- خمسة أعوام» فيما أصغرهم «لينا- عامان».
يحكى «علاء»: «الشقة انهارت وذهبت أدراج الرياح فى غمضة عين، لكن ديونها وأقساطها لم تنته وبقيت على كأهلى وسيتواصل لمدة عامين قادمين».
ويصف «الشمالى» الوضع فى غزة أنه بات أكثر صعوبة خصوصًا بعد القصف المتعمد للأبراج السكنية وتهجير أهلها، ويضيف: «رغم ذلك، فإن معنويات سكان غزة عالية ولديهم الكثير من الصمود فى وجه الاحتلال الإسرائيلى، لكن هذا الصمود يحتاج إلى مقومات لا بد من تأمينها لهذا الشعب الذي يعانى في الحرب الرابعة على التوالى. فهذه الأيام كانت أصعب بكثير من الأيام الـ٥١ التى قضيناها في حرب عام ٢٠١٤، وهذا دليل على أن الوضع الإنسانى والمعيشى يفوق الصعوبة بدرجات كبيرة».
ورغم كل ما يعانيه «الشمالى» إلا أنه لا زال صابرًا محتسبًا ما حدث عند الله، ويؤكد أن كل شىء فداء للأقصى الشريف، يقول «علاء» إن مدينة القدس والمسجد الأقصى أغلى من أرواحنا وأموالنا وكل ما نملك.
ويتابع: «ما يخفف عنا في هذا العدوان أنه جاء بسبب نصرتنا لأهلنا فى القدس وحى الشيخ جراح، فنحن مستعدون للتضحية بالغالى والنفيس من أجل القدس والأقصى».
ويوجه رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلى، فيقول إن تدمير المنازل والأبراج لن يثنى عزيمتنا فلدينا من القوة والصبر ما يعيننا على تحمل الألم والمعاناة من أجل وطننا وقدسنا.
ويؤكد: «من بنى أول مرة سيبني ثانيًا وثالثًا وبأفضل مما كان، وستعود لنا بلادنا من جديد».