دفعت الزيارة التاريخية التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى دولة جيبوتي الكثيرون إلى البحث في طبيعة العلاقات بين البلدين التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، في الوقت الذي تتحلى فيها جيبوتي بأهمية إستراتيجية جعلت الكثيرون ينادون بضرورة تدشين قاعدة عسكرية مصرية في دولة جيبوتي الواقعة في وسط قارة أفريقيا، كون جيبوتي مركزًا استراتيجيًا لإقامة القواعد العسكرية الخارجية على أراضيها.
ولم تكن تلك الزيارة التي يقوم بها الرئيس السيسي للمرة الأولى إلا تعبيرًا عن عمق العلاقات بين البلدين، في ظل دعم دولة جيبوتي الكبير للموقف المصري من مسألة سد النهضة، وتبني جيبوتي لضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول آلية تشغيل السد الإثيوبي، تفاديًا لأية أثار جانبية أو سلبية على أمن واستقرار المنطقة بالكامل، بسبب تضرر حصة مصر والسودان المائية.
أما عن الدعم المصري لجيبوتي، فقدمت مصر الدعم الفني والدورات العسكرية داخل منشآتها ومعاهدها العسكرية للكوادر العسكرية الجيبوتية في التخصصات المختلفة، كما أن هناك تعاونُا بين مصر وجيبوتي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف من خلال تنشيط الآليات القائمة لتعزيز علاقات التعاون العسكري والأمني، وكذلك حماية البحر الأحمر من التهديد الإرهابي وعمليات القرصنة الدولية، ولأهمية هذا الموقع الاستراتيجي لاسيما أنها من المحاور الأساسية لأمن القاهرة المائي والاقتصادي والأمني، ظهرت في الآونة الأخيرة أصوات تنادى بضرورة إقامة مصر قاعدة عسكرية بجيبوتي لحماية الأمن القومي للبلاد.
وجاءت تلك المطالبات المتعلقة بإقامة قاعدة عسكرية مصرية في جيبوتي في ظل وجود قواعد عسكرية أيضًا لعدة دول حليفة لمصر أبرزها أمريكا والصين وفرنسا واليابان والسعودية.
أما عن العلاقات الاقتصادية بين مصر وجيبوتي، فإن الإحصائيات تدلل على ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين فيما قبل جائحة كورونا التي أثرت على حركة التبادل التجاري في العالم كله، لكن التبادل التجاري بين مصر وجيبوتي ارتفع ليسجل 48.01 مليون دولار خلال 2018، مقابل 37.99 مليون دولار خلال 2017، فيما ارتفعت نسبة التبادل التجاري أيضًا خلال الأعوام التالية في 2019 و2020، وفق تقرير صادر عن إدارة الدول والمنظمات الأفريقية ووحدة الكوميسا بجهاز التمثيل التجاري.
وأوضح التقرير أن الصادرات المصرية إلى جيبوتى ارتفعت لتسجل 40.88 مليون دولار في عام 2018، وأشار التقرير إلى ارتفاع الواردات المصرية من جيبوتى لتسجل 7.13 مليون دولار خلال 2018، مقابل 3.99 مليون دولار خلال 2017.
كما شهد الرئيس السيسي في وقت سابق التوقيع على 7 اتفاقيات ومذكرات تفاهم للتعاون بين البلدين في عدد من المجالات والقطاعات، تضمنت: "مذكرة تفاهم بين البلدين لتصدير واستيراد وعبور المواشي واللحوم، مذكرة في مجال التعليم الفني، اتفاق تعاون اقتصادي وفنى بين البلدين".
أما في مجال التعليم والبحث العلمي، فقد استقبلت مصر بعثات دراسية جيبوتية، ووفرت العديد من فرص التدريب للكفاءات الجيبوتية من مختلف المجالات، ضمن البرامج التدريبية المقدمة من الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، حيث يبلغ عدد مبعوثي الأزهر الشريف في جيبوتي حاليًا 12 مبعوثًا، بالإضافة إلى المنح الدراسية التي يقدمها الأزهر الشريف لطلاب جيبوتي.