الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

أوهام «أرض الميعاد» قيادات كنسية تؤكد انتهاء أسطورة الأرض الموعودة لليهود.. البابا شنودة: اليهود احتلوا فلسطين بوعد بلفور وليس وعد الله.. دراسة للأب وليم سيدهم اليسوعى تكذب أسطورة أرض الميعاد

البابا شنودة
البابا شنودة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تسعى إسرائيل وآلة الإعلام الصهيونى لتهويد القدس وتروج دائما أن فلسطين حق وراثى منذ القدم وتجاهلت إسرائيل ما وثقه التاريخ وكشف كذبتهم الكبرى حيث وثقت كتب التاريخ القدس إنها عربية وفى الوقت الذى كان يتوقع فيه اليهود ظهور منقذ أو مخلص يقود ثورة تحرير ضد الرومان، ويعيد اليهود المشتتين إلى أورشليم، جاء السيد المسيح مخيبا لكل هذه التوقعات ومحطما لآمال اليهود العنصرية، فلم يتحدث أبدًا عن الأرض التى كان اليهود يتحدثون عنها، لكنه تحدث عن مفهوم جديد للأرض كأحد الأركان المهمة في عهد الله مع إبراهيم فما هو تفسير المسيح لهذا الركن من العهد، هذا ما يقدمه ثلاثة من أبرز قيادات الكنائس المصرية الثلاث عبر هذه السطور، بتأكيدهم على انتهاء أسطورة أرض الميعاد.



روجت إسرائيل وآلة الإعلام الصهيونى أن فلسطين هى أرض الموعد وأنها حق وراثى منذ القدم وتجاهلت إسرائيل ما وثقه التاريخ وكشف كذبتهم الكبرى حيث وثقت كتب التاريخ القدس أنها عربية ويذكر العديد من المؤرخين أن الكنعانيين من القبائل العربية التى استوطنت فلسطين منذ عام 2500 ق. م وهذا سبب تسمية فلسطين بأنها «أرض كنعان» وذكر العهد القديم التوارة المسمى وبعد تأسيسها احتلها دواود، ودمرها الرومان ثم أعادوا بناءها وازدهرت في العهد الإسلامى، يؤكد المؤرخون أن تاريخ القدس لا ينفصل عن تاريخ فلسطين وعروبتها وأن ما حدث لها نتاج الأطماع الاستعمارية والسياسية وكانت القدس جزءًا لا يتجزأ من سوريا والوطن العربى وشاركت في صنع أحداثه وتراثه وحضارته لأن التحالف بين الاستعمار والصهيونية في غزو البلاد المقدسة لم يكن مسألة دينية وإنما مصلحة استعمارية لاستغلال ثورات المنطقة والهيمنة عليها ومحاربة هويتها واغتصاب وطن بالرغم من أن المسلمين قد حافظوا على حقوق الطوائف المختلفة وتراث المدينة الحضارى وكانت فلسطين عبر التاريخ إلى أن جاءت اتفاقية سايكس بيكو وبعدها الوعد الملعون وعد بلفور.
وقاوم البابا شنودة الثالث هذه الأكذوبة واستشهد بالعهد الجديد وفى عام 2002 عقد البابا مؤتمرا شعبيا في الكاتدرائية المرقسية لإعلان دعمه للرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات بعد تحديد إقامته في رام الله، وقام البابا بإجراء مكالمة تليفونية مع عرفات للتأكيد على مساندته له في القضية الفلسطينية.
وأعلن البابا شنودة الثالث موقفه كاملا من مقاومة الكيان الإسرائيلى وقال بوضوح: إن إسرائيل ليست شعب الله المختار وأكد أن فكرة شعب الله المختار كانت لفترة معينة أو لغرض معين وانتهت، وأن إسرائيل الحالية ليست شعب الله المختار، وأن اليهود جاءوا إلى فلسطين بوعد من بلفور، وليس بوعد من الله.
واستمرت مسيرة البابا شنودة في الدفاع عن القضية الفلسطينية وقاوم بشدة أكاذيب المحتل ومنع زيارة الأقباط للقدس رغم كل المعارضة من اتجاهات متعددة قائلا: «لن ندخل القدس إلا وأيدينا في أيدى إخواننا المسلمين».
كان موقف البابا واضحًا من الاحتلال الإسرائيلى، كما أنه كان محل الاحترام من ياسر عرفات الرئيس الفلسطينى الراحل الذى كان يزوره في العباسية كلما جاء إلى القاهرة.
وحينما حاصرت إسرائيل ياسر عرفات في رام الله أقام البابا شنودة فاعلية المؤتمر الوطنى الشعبى من أجل تأييد الشعب الفلسطينى وكان ذلك مساء يوم الخميس 11 أبريل 2002 في الكاتدرائية بالعباسية ومعه عدد من أبناء الكنيسة معلنين دعمهم للقضية الفلسطينية وقضية القدس.

كشف البابا شنودة الثالث أيضا في ندوة معرض الكتاب منتصف التسعينيات عن أكذوبة عودة اليهود وقال بوضوح: إن قلنا إنه لا يوجد آيات عن عودتهم سيرصدون عشرات الآيات عن عودتهم، ولكن الحقيقة أنهم عادوا بالفعل أيام سبى بابل واشور، وهناك ترنموا وبكوا قائلين على أنهار بابل هناك جلسنا ولكن عودتهم المزعومة الآن غير حقيقية.
استمرت الكنيسة في موقفها الوطنى ورفضها التطبيع مع الاحتلال الصهيونى وقاد البابا شنودة الثالث حملة المقاطعة وكان موقفا وطنيا دفع البعض إلى منحه لقب بابا العرب، وذكرت منصة تاريخ الأقباط واقعة تؤكد مكانة ودور الكنيسة قادة وشعب في رفض أكاذيب الاحتلال، حيث في مايو عام ١٩٩٧م كان البابا شنودة على موعد لحضور اجتماع رؤساء مجالس كنائس الشرق الأوسط بسوريا ثم يتبعه لقاء مع الرئيس السورى حافظ الأسد.
وكان البابا قبل سفره تلقى دعوة لزيارة اللاجئين الفلسطينيين بمخيم اليرموك ورغم ترتيب جدول الزيارات لكن لم يتردد ورحب البابا وفى مساء الخامس من مايو وصل البابا شنودة إلى المخيم وحالت الجموع المحتشدة دخول سيارته وسيارات الوفد المرافق فنزل مترجلا وسار بموكبه محاطًا بأبناء المخيم وهم يرددون: «بابا شنودة أهلا بيك.. شعب فلسطين بيحييك».
وهناك ألقى عصام القاضى الأمين العام لمنظمة طلائع حرب التحرير الشعبية الفلسطينية كلمة ترحيب بقداسة البابا قال فيها: يسرنى أن أقول لك يا قداسة البابا إنك موجود في قلب كل فلسطينى بل في قلب كل العرب والمسلمين إنك بابا الشرفاء في العالم الذين يناضلون لأجل الحق والعدل.. إنك بابا القدس بابا العرب واستعرض البابا وقتها في كلمته أوجاع القضية الفلسطينية وختمها بكلمته المشهورة لن ندخل القدس إلا مع أخواننا المسلمين عندها لم تهدأ القاعة من التصفيق ثم ختم جولته بالمخيم التى كانت حديث فلسطين والبلاد العربية.
وعندما رحل البابا شنودة وتقديرا لكشفه أكاذيب الاحتلال نعته الجامعة العربية وكان بيانها: «لقد كان قداسته رمزا دينيا كبيرا وقامة مصرية ووطنية عظيمة حملت هموم المصريين والعرب جميعا وعاش بإيمانه العميق مدافعا عن الوحدة الوطنية، وعن القضايا العربية، وعن روح التسامح والمحبة والحوار بين أتباع الديانات السماوية».


وليم سيدهم الراهب والكاهن الثائر لم يكتب لاهوت عن فلسطين فحسب بل دعا تلاميذه من الثوار الذين تبعوه على حمل صليب الثورة الفلسطينية، ليصدر كتاب «لاهوت التحرير الفلسطينى» شهادة مروية بدماء الشهداء والجرحى.. في مواجهة مع الفاشية الصهيونية وعدوانها على قطاع غزة ولذلك يرى الأب وليم سيدهم في كتاب لاهوت التحرير الفلسطيني:
في البدء كان وعد الله لإبراهيم بأرض الميعاد، منذ نحو ثلاثة آلاف عام ومنذ عام 1917 وعد بلفور هرتزل بتكوين دولة لليهود المضطهدين في أوروبا، ولقد اتخذت هذه الأرض أسماء مختلفة منذ إبراهيم وحتى الآن فلسطين أم إسرائيل أم الأرض المقدسة أم أرض الموعد كلها مفردات ولطالما استخدمها في الكتب المقدسة في كل الديانات بلا استثناء غطاء مقدسا لتبرير أحط غرائز الإنسان من قتل وذبح وسفك الدماء ؟!
فتارة «الحرب المقدسة»، وتارة باسم «الجهاد» وأخرى باسم «الدفاع عن المقدسات» إلخ وأى مدقق في تاريخ منطقتنا وفى وضع أراضى فلسطين بكامل ترابها يرى أن ما حدث منذ وعد بلفور لم يكن له أى علاقة بالكتاب المقدس اللهم إلا غطاء مقدسا لتبرير الاعتداء على أراضى الغير والتمسح بنصوص العهد القديم التى تجاوزها سيدنا عيسى (المسيح) بصفتة الوحيد الذى استطاع أن ينفذ وصية «يهوه» ويربط بين تنفيذ وصايا الله واكتساب أرض الميعاد.
ويعود الأب وليم في دراسته اللاهوتية إلى مفهوم الأرض في الكتاب المقدس من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا ويؤكد على أن مفهوم ملكية الأرض تعود لله، ويخلص الأب وليم إلى أن مفهوم «أرض الميعاد» في العهد القديم أصبحت مهيئة لعهد جديد يعيد لها معناها كمصدر للبركة والسلام لأن العهد القديم بين الله وبين شعب الله المختار قد فشل لأن هذا الشعب لم يكن أمينا على العهد الذى قطعه مع صاحب هذه الأرض وبالتالى انتهت مسيرة هذا الشعب إلى طريق مسدود وعليهم أن يجنوا ما اقترفت أيديهم، وأن يتساوا مع جميع الشعوب لأن العهد الجديد سيحل مجئ يهودى يعرف كيف يصون العهد مع الله وكيف سيصبح هو وأرض الميعاد بركة لجميع الأمم وهو يسوع المسيح الذى سيولد في بيت لحم ويعطى لأرض الميعاد مفهوما جديدا أمميا بعيدا عن العنصرية الصهيونية.
وينتقل الأب وليم من العهد القديم إلى العهد الجديد، ويتوقف على مفهوم الأرض المقدسة في حواره مع المرأة حول السامرية (إنجيل يوحنا فصل 4) حينما سألته ويذهب بها إلى ما هو أبعد ما يمكن تصوره من جعل أرض الميعاد مجرد عنصر ثانوى فقد محوريته التى استمرت في العهد القديم لتتحول بعد مجئ المسيح وموته وقيامته إلى حلقة من حلقات الخلاص لجميع الشعوب، هكذا ينتقد المسيح وجود أرض محددة لإقامة علاقة تعبدية مع الله، ورغم التكامل بين العهدين القديم والجديد فإن يسوع يعلن القطيعة مع مفهوم الأرض بين العهدين القديم والعهد الجديد لأن مملكة المسيح في العهد الجديد ليست أرض كما كان يظن اليهود بل مملكته ليست في هذا العالم ولا تتأسس على اغتصاب أرض الغير بل على الإيمان بالله، ويمتد استشهاد الأب وليم بانتفاء مفهوم أرض الميعاد بعد مجئ المسيح إلى الرسالة إلى العبرانيين.
وتقول الرسالة إلى العبرانيين عن إبراهيم: «بالإيمان لبى إبراهيم دعوة الله فخرج إلى بلد به ميراث، خرج وهو لا يعرف أين يذهب وباريمان نزل في أرض الميعاد كأنه في أرض غريبة، وأقام في الخيام مع إسحاق ويعقوب شريكيه في الوعد ذاته وفى الإيمان مات هؤلاء كلهم دون أن ينالوا ما وعد الله به، ومن هنا يثبت الكاتب أن الوطن وأرض الميعاد مفهوم إيمانى وليس جغرافى.
ويصل الأب وليم إلى سفر أعمال الرسل ليؤكد أن أرض الميعاد هى ليست أرض بالمعنى الجغرافى ولكنها في السماء ويمضى وصيته لا إلى سفر الرؤيا لتأكيد انتفاء مفهوم أرض الميعاد بالمعنى الصهيونى وما هى بعد مجئ المسيح إلا «أورشليم ـ القدس السماوية».
ويختتم الأب وليم سيدهم دراستة بالقول: (هذه الدراسة مجرد مساهمة بسيطة للرد على الآيات الكتابية التى يستخدمها اليمين المسيحى الصهيونى لتبرير عدوانيته على أبناء شعبنا الفلسطينى في القدس والضفة والقطاع، هذه الآيات النابعة من الكتاب المقدس لا تمت بصلة إلى ما حدث على أرض الواقع في «أرض الميعاد» التى تستخدم سياسيا بشكل فظ وغير علمى، ولكن نظرا للحساسية الدينية لدى شعوبنا العربية فإنهم يظنون أن هذا موقف المسيحيين جميعا من الآيات التى تبرر المجازر والتعديات على الشعب الفلسطينى باسم الله زورا وبهتانا).
يعد هذا الكتاب هو الحادى والعشرين من إبداعات الأب وليم، والحادى عشر من كتاباته عن لاهوت التحرير، وهي: لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية 1993، لاهوت التحرير في أفريقيا 1997، لاهوت التحرير في آسيا 2001، حقوق الإنسان رؤية مسيحية 2011، لاهوت التحرير الفلسطينى 2018، لاهوت التحرير ـ رؤية مسيحية إسلامية 2008، المجتمع المدنى عبر العمل الاجتماعي 2008، يوكيات كاهن في زمن الثورة 2015، قضية التنوير ولاهوت التحرير2019، مشكلة التأويل عند ابن رشد 2019، وهكذا يعد الأب وليم سيدهم صوتا صارخ ضد الصهيونية من منظور كتابى مسيحى ولاهوتي.




قال الدكتور القس إكرام لمعى رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر، عن رؤية الكتاب المقدس للقدس، إن القدس عاصمة فلسطين وهى من أقدم العواصم في الشرق الأوسط وتوجد رسائل مرسلة من ملك فلسطين إلى أخناتون ملك مصر في القرن الرابع عشر قبل الميلادى. وقد بدأت قصة الشعب اليهودى كما اتفقت عليها جميع الأديان بخروج أبينا إبراهيم من وطنه الأصلى بمدينة أور الكلدانيين بجنوب العراق ليستقر في بلد أجنبى وكان الله هو سبب خروج إبراهيم وقال له: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِى أُرِيكَ.2 فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً».
وأضاف لمعى في كتاب له بعنوان «الاختراق الصهيونى للمسيحية»، بإنه بعد دخول إبراهيم إلى الأرض أصبح الوعد بالأرض محددا، وقد كان مفهوم إبراهيم لتملك الأرض أنه لم يمتلك أى قطعة من الأرض التى وعده الله بها حتى ماتت سارة زوجته وعندما أراد أصحاب تلك الأرض إعطاءه مقبرة لدفن زوجته كهدية رفض وأصر على شرائها ودفنها في مغارة المكفيلة وهذا يعطينا انطباعا بأن إبراهيم عندما أخذ الوعد من الله لم يفهمه على أنه تصريح من الله بسرقة الأرض من ملكها واعتبارها حقا له بل أصر على دفع الثمن كاملا وتوقيع عقد قانونى متكامل الأركان أمام شهود «تك 23»، ثم جاء إسحاق ليرث هذه الأرض عن أبيه ومن بعده يعقوب ليرث من إسحاق وتكونت قبيلة من اثنى عشر ابنا وأحفاد كثيرين ثم تركوا الأرض ليعيشوا في مصر مع يوسف وهكذا بدأ وكأنهم تركوا الأرض إلى الأبد لكنهم عادوا ثانية من مصر بالخروج مع موسى واكتمل دخول الشعب إلى الأرض ثانية على يد يشوع خليفة موسى في القيادة وهكذا تحقق بندان من العهد الأرض والنسل.
وتابع لمعي: لكن كان هدف العهد «أن يتبارك فيك جميع قبائل الأرض» البركة المقصودة هنا هى وصول رؤية الله وأهدافه ووصاياه إلى كل الأمم من خلال شعب إسرائيل وأن تكون إسرائيل خادما للأمم لذلك أوصى الله شعب إسرائيل بمحبة الغريب وحسن معاملته والحفاظ على حقوقه، وأعلن الله في وضوح أنه في حالة عدم طاعة إسرائيل وخضوعها فسوف يعاقبها كما عاقب الأمم من قبل وقد تمثل انحراف الشعب الإسرائيلى في عده أمور منها:
رفض أخلاقيات الله «استخدام العنف في تملك الأرض» – رفض حكم الله «استخدام العنف داخل المملكة وكان الحكم هو النفى من الأرض» وهكذا جاء الفناء على بنى إسرائيل مكملا لعقوبة سفر التثنية «وَيُبَدِّدُكُمُ الرَّبُّ فِى الشُّعُوبِ، فَتَبْقَوْنَ عَدَدًا قَلِيلًا بَيْنَ الأُمَمِ الَّتِى يَسُوقُكُمُ الرَّبُّ إِلَيْهَا»، وانتهى الوعد بفناء الموعودين به وهذا ينسف المشروعية الدينية والقومية لليهود المعاصرين في فلسطين.
واستطرد لمعى، بأن المسيحيين يؤمنون أن وعد الله لإبراهيم لم يكن في يوم من الأيام عنصريا أو مقتصرا على شعب معين لكنه وعد يشمل جميع الأمم، وأن إسرائيل أساءت فهم الوعد وتطبيقه في الوقت الذى استمر فيه الوعد لكل الأمم الأخرى. وقول السيد المسيح «طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ». المقصود بها أرض فلسطين فقد أخذ المسيح هذه الجملة من مزمور 37 «اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ»، لأنَّ عَامِلِى الشَّرِّ يُقْطَعُونَ وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ». وفى عدد 11 من نفس المزمور يقول «أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ وَيَتَلَذَّذُونَ فِى كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ». وكاتب المزمور يقصد أرض فلسطين، والسيد المسيح يقصد بالودعاء المساكين وصانعى السلام من أى شعب.
وكشف الدكتور القس إكرام لمعى رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر، في الفصل الرابع «الشعب والأرض والعهد» من كتاب الاختراق الصهيونى للمسحية، بأن أرض الميعاد الحقيقية في مفهوم المسيح هى الأرض بكاملةا والتى يدعوها الله أن تتحول إلى ملكوته أى إلى عائلة واحدة على اختلاف الأمم والألسنة، إذ يملك الله عليها ويوحدها بروحه أفرادًا وشعوبا، مع تأكيد الفرادة والتمايز بينهم، فأرض الميعاد الجديدة لا حدود لها، لأنها المسكونة كلها إذ يتحقق فيها وعد الله بأن تتبارك بذرية إبراهيم، فتتحول جميع قبائل الأرض وشعوبها إلى شعب واحد لله يؤول تنوع عناصره لا إلى صراع واقتتال بل إلى تناغم وتكامل.
وفى سفر الرؤيا آخر أسفار العهد الجديد بالكتاب المقدس نرى الوعد بالأرض لم يعد وعدا بأرض فلسطين بل أصبحت الأرض كلها لشعب الله الذين يقبلونه.