كانت المحطة الأخيرة التي وصل إليها صالون تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بالأمس، "أفريقيا.. حيث العمق الاستراتيجي لمصر والقلب النابض بخارجها.
وبينما تحتفل القارة بيومها العالمي، كانت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين تجوب دولها لتناقش أبرز التحديات التي تواجهها والمخاطر التي تتربص بها.
أماني الطويل تحكي مسيرة "منظمة الوحدة الأفريقية"
في البداية، قالت الدكتورة أماني الطويل، خبير الشئون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، خلال الصالون الذي نظمته تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بعنوان "مصر.. أفريقيا"، إن منظمة الوحدة الأفريقية نشأت في بدايتها كرد فعل على سياسة الاستعمار والفصل العنصري في القارة السمراء، حيث كانت المظلة الوحيدة التي تتبادل تحتها الدول الأفريقية الرؤى والمقترحات لمجابهة القوى الاستعمارية والتخلص من هيمنتها على موارد القارة الأفريقية.
وأضافت "الطويل" أن المنظمة أدت إلى التفاعل بين الدول الأفريقية، لكنها لم تنجح على مستوى تطوير القارة بشكل كامل، نتيجة عدم وجود آليات قوية قادرة على حل مشكلات ما بعد الاستعمار، ونتيجةً لذلك تم تأسيس الاتحاد الأفريقي ليحمل لواء التطوير بعد أن أدت منظمة الوحدة الأفريقية دورها في التخلص من الاستعمار.
كما أكدت "الطويل"، رجوع الاستعمار إلى القارة السمراء في أشكال جديدة، عبارة عن تغول الشركات متعددة الجنسيات وتنافس الأقطاب المتصارعة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى استمرار استنزاف موارد القارة وابتعاد حلم تحقيق التكامل الاقتصادي عن الواقع.
وفي محور التكامل الاقتصادي، قالت الدكتورة نهلة أبو العز، أستاذ الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية، أن التكامل الاقتصادي يعني إلغاء كافة الحواجز الجغرافية وغير الجغرافية بهدف تنسيق السياسات بين الدول، كما يمر التكامل الاقتصادي بست مراحل مختلفة، لم ينجح في تجاوزها غير الاتحاد الأوروبي.
وأضافت "أبو العز" أن التكامل الاقتصادي في القارة الأفريقية حلم بعيد المنال ويحتاج إلى مواجهة التحديات التي تتمثل في خوف الدول الأفريقية الناشئة من الدول الأفريقية العملاقة، حيث تعتقد الدول الناشئة أن التكامل الاقتصادي يصب في مصلحة الدول الأفريقية الكبرى التي سوف تجني الثمار وحدها، كما أن تعدد العضويات في المنظمات المختلفة يعيق هذا التكامل بسبب الاشتراطات المختلفة لكل منظمة اقتصادية.
وإلغاء التعريفات الجمركية يعد إحدي التحديات الكبيرة التي تواجه التكامل الاقتصادي في الدول الأفريقية كما قالت "أبو العز"، حيث تتردد الدول في هذه الخطوة نتيجة خسارة جزء من مواردها المتمثلة في التعريفات الجمركية، ولذلك تحتاج القارة مزيد من التعاون لتذليل هذه العقبات.
أما عن الآمال التي تقوم عليها اتفاقية التجارة الحرة التي كانت مصر سببًا رئيسًا في ظهورها، تقول "أبو العز"، إن هذه الاتفاقية تضمن تبادلًا تجاريًا مع ٥٤ دولة في العالم، وهو ما يحفز الصادرات المصرية ويشجع على اتخاذ خطوات أخري نحول التكامل الاقتصادي.
وبخصوص الصراعات في القارة الأفريقية، قالت النائبة رشا أبو شقرة، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وأمين سر لجنة الشئون الأفريقية، أن سد النهضة هو مشروع إلهاء للشعب الإثيوبي، حيث يستخدمه آبي أحمد كشعار لمد فترة ولايته المنتهية دون إجراء انتخابات، كما يستخدمه للهروب من مواجهة الانقسام والتشرذم الداخلي في الدولة التي تعتمد على الفيدرالية العرقية.
وأضافت "أبو شقره" أن آبي أحمد جلب القوات الإريترية لمساعدته في قمع شعب التيجراي رغم أن الدستور الإثيوبي ينص على الحق في الانفصال للإقليم الذي يريد ذلك، كما شددت "أبو شقره" على أن سياسة آبي أحمد سوف تؤدي لحالة من عدم الاستقرار في القارة الأفريقية.
وبالحديث عن الموارد في القارة السمراء، قال الدكتور عباس شراقى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن القارة الأفريقية غنية لكن شعوبها فقيرة، حيث تمتلك أفريقيا ثلث موارد العالم من المعادن، لكن ينقصنا التكنولوجيا التي نستطيع بيها تسخير تلك المعادن لخدمة القارة السمراء.
وأضاف "شراقي" أن مشكلة المياه عالمية، وليس هناك شح في الموارد المائية بقدر ما هو عدم استغلال لتلك الموارد، فالمياه ليست موزعة بطريقة متجانسة، كما أن كميات ضخمة منها تصب في البحار، ونهر الكونغو مثال على ذلك، حيث تمتلك الكونغو ثلث مياه القارة السمراء وأغلب هذه المياه تضيع في البحار، ونهر الأمازون أيضًا، ويري "شراقي" أن الأمم المتحدة عليها العمل على حل هذه المشكلات.
وبالحديث عن سد النهضة، أثبت "شراقي" حق مصر التاريخي في حصتها من المياه، حيث كانت هذه المياه تضيع في البحر الأحمر قبل إنشاء السدود في مصر، كما أن حصة مصر أقل بكثير من حصة إثيوبيا التي تستهلك ٣ أضعاف ما تستهلكه مصر والسودان معًا.
وينفي "شراقي" المزاعم الإثيوبية حول الجدوى الاقتصادية لسد النهضة، فإثيوبيا تعتمد على الزراعة المطرية، كما أن إنتاجها من الكهرباء لا يعالج سوء التوزيع السكاني على أراضيها والذي يمنع وصول الكهرباء إليهم، كما أن تصدير الكهرباء لا يحقق الجدوى الاقتصادية التي يمكنها ان تعوض جزءًا بسيطًا من تكاليف السد، وبالتالي فإن للسد أهدافًا سياسيةً فقط.
واختتم النائب محمد السباعي، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، اللقاء باستعراض أهم ما تناوله الصالون من موضوعات تتعلق بمستقبل القارة الأفريقية، كما أكد ضرورة الاستفادة من مخرجات الصالون بتقديم الحلول والمبادرات للجهات المختصة داخل مصر وخارجها.