على الرغم من أن المدة المتبقية على موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية، لا تتجاوز 218 يوما فقط، فإن التوصل للشكل النهائي للقاعدة الدستورية التي ستحكم هذا الاستحقاق، مازال يمثل عقبة قادرة على إيقاف هذه الخطوة المصيرية.
البعثة الأممية للدعم في ليبيا، أعلنت أنها ستبدأ جولة جديدة من المناقشة بشأن القاعدة الدستورية، عبر اجتماع افتراضي يعقده أعضاء ملتقى الحوار السياسي، على مدى يومي 26، 27، من شهر مايو الحالي، مشيرة إلى أنه سيتم إحالة نتائج المداولات التي ستجري إلى مجلس النواب للنظر فيها، مع التنبيه إلى وجوب مراعاة الموعد النهائي لوضع الإطار الدستوري الانتخابي المحدد في الأول من يوليو المقبل، على النحو الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن رقم 2570.
اللجنة الدستورية في معرض إعلانها عن خطوتها المقبلة، بشأن القاعدة الدستورية، أعربت عن أسفها لما وصفته بمحاولات تضليل الرأي العام، لتقويض العملية السياسية، عن طريق تداول وثائق مزورة بزعم أنها تحمل بنود القاعدة الدستورية للانتخابات.
مقترح القاعدة الدستورية المنتظر مناقشته خلال الجولة الجديدة من اجتماعات ملتقى الحوار، تضمن تعديل البند الأول من الفقرة الثانية عشرة بالمادة رقم ثلاثين من الإعلان الدستوري، للنص على تأجيل طرح مشروع الدستور للاستفتاء، إلى ما بعد تشكيل السلطة التشريعية المنتخبة، على أن تلتزم هذه السلطة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإجراء الاستفتاء على مشروع الدستور، قبل موعد انتهاء ولايتها الأولى.
القاعدة الدستورية نصت أيضا على انتخاب السلطة التشريعية وهي مجلس النواب، بالاقتراع العام الحر السري المباشر، ويضمن القانون تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30%، كما يضمن التمثيل العادل للمكونات الثقافية والشباب والمهجرين والنازحين.
القاعدة الدستورية المقترحة لم تحسم طريقة انتخاب رئيس الدولة، مكتفية بتقديم اقتراحين أحدهما يدعم انتخاب الرئيس بنظام الاقتراع غير المباشر، والآخر بالاقتراع المباشر.
وفيما يتعلق باختيار الرئيس بالاقتراع غير المباشر، نصت القاعدة على أن ينتخب مجلس النواب رئيس الدولة بالاقتراع السري، ويشترط في كل مرشح أن يحصل على تزكيتين من كل دائرة انتخابية، ويعتبر المرشح الحاصل على أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب، فائزا بالانتخابات في الجولة الأولى، وإذا لم يفز أي من المرشحين في هذه الجولة الأولى، تنظم جولة ثانية في أجل أقصاه سبعة أيام، يشارك فيها المرشحان الحاصلان على أكبر عدد من الأصوات بالجولة الأولى، ويعتبر فائزا المرشح الحاصل على أغلبية الأصوات شريطة أن تضم٬ نصف النواب الممثلين لكل دائرة انتخابية على الأقل، إذا لم تؤد الجولتان إلى فوز أي من المرشحين، يفتح باب الترشح من جديد، وتعاد الانتخابات بالإجراءات ذاتها، في أجل أقصاه أسبوعين، ويعتبر فائزا بها المرشح الحائز على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الثانية.
وإذا تعذر انتخاب رئيس الدولة خلال أجل أقصاه تسعين يوما يعتبر مجلس النواب منحلا تلقائيا، وتجرى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أقصاه تسعين يوما من تاريخ آخر جولة انتخابية.
أما اقتراح الانتخاب المباشر لرئيس الدولة فيكون بالنظام السري الحر المباشر وبالأغلبية المطلقة لأصوات الناخبين، وفي حالة عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلوبة في الجولة الأولى، تنظم جولة ثانية خلال أسبوعين من تاريخ إعلان النتائج النهائية للجولة الأولى، يشارك فيها المرشحان الحائزان على أكثر عدد من الأصوات.
ويرى الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الخلافات المرتبطة بإقرار القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية، مازالت قادرة على تهديد العملية السياسية برمتها، متوقعا ألا تسفر اجتماعات ملتقى الحوار السياسي المنتظرة الأسبوع المقبل.
ولفت إلى أن الخلافات بشأن هذه القاعدة عميقة بما يكفي لتوقع وجود مصادمات سياسية بين أعضاء ملتقى الحوار، في ظل إصرار بعض الفئات على التمسك بطريقة بعينها لاختيار رئيس الجمهورية، يراها الغالبية لا تصلح لليبيا حاليا، وهي طريقة الانتخاب غير المباشر عن طريق مجلس النواب.
وقال بدر الدين: "وعلى الرغم من صعوبة حسم هذه المسألة، فإن هناك ما هو أصعب منها، لم يتم حسمه في المقترح المقدم لملتقى الحوار الليبي، وهي الشروط التي يجب توافرها في المرشحين، سواء لمجلس النواب أو لرئاسة الدولة".
وأضاف: "النص المقترح للقاعدة الدستورية، أحال الحديث عن الشروط المشار إليها، إلى قانون الانتخابات، حتى يتفادى الخلاف بشأن فكرة العزل السياسي، وهل سيتم عزل فئات بعينها وحرمانها من حقها السياسي، أم ترك الأمر للقضاء بحيث لا يحرم إلا من تصدر بحقه أحكام قضائية باتة".
وتابع: "إحالة هذه القضية إلى بنود القانون، ليس سوى تأجيل لقضية يمكن أن تجعل الاستحقاق الانتخابي الذي ينتظره الجميع غير ذي تأثير على استقرار ليبيا، حال استبعاد فئات لها شعبية على الأرض"، مضيفا: "كما أن ترك هذه المسألة للقانون، يعني تركها لمجلس النواب المنقسم على نفسه، والذي لا يملك الآلية لحسمها، ما يعني أن الأزمة ستراوح مكانها، ويجد الليبيون أنفسهم غير قادرين على تنظيم الاستحقاق الانتخابي، أو تنظيمه بمشاركة محدودة لا تعبر أبدا عن تطلعات الشعب.