تتوالى النجاحات الاقتصادية التي تسعى الدولة لتحقيقها على مدى السنوات الماضية، ففي تأكيد جديد من قبل بعض المؤسسات الدولية للنجاح الاقتصادي المصري، أصدرت المؤسسة المالية الكبرى في العالم "جولدمان ساكس" الأمريكية، تقرير حديث يُشير إلى نجاح مصر في السيطرة على معدلات التضخم رغم تصاعده في معظم دول العالم منذ بداية عام 2021.
وأكد تقرير مؤسسة "جولدمان ساكس"، "مراقبة التضخم"، أن مصر من الدول القليلة التي سيطرت على معدلات التضخم، عكس اقتصادات أفريقيا والشرق الأوسط وشرق ووسط أوروبا، حيث تمكنت مصر من خفض معدل التضخم في شهر أبريل الماضي من 4.4% إلى 4.1%، وذلك بخفض أسعار المواد الغذائية، بعد أن سجلت معدلات التضخم 5.3% في الربع الرابع من العام الماضي، لتصل إلى 3.9% في الربع الثاني من العام الجاري، على أن ترتفع لتبلغ 4.8% في الربع الثالث، وتعاود الانخفاض من جديد إلى 4.4% في الربع الرابع.
وأوضح التقرير، أنه بجانب تحقيق مصر انخفاض في معدلات التضخم، فقد حققت كلًا من روسيا وأوكرانيا أيضًا انخفاض في هذه المعدلات، حيث سجلت روسيا انخفاض من 5.8% إلى 5.5%، وفي أوكرانيا بلغت من 8.5% إلى 8.4%، حيث أرجعت المؤسسة تلك الزيادة بشكل رئيسي إلى العوامل غير الأساسية، وبشكل رئيسي العوامل المدفوعة بآثار انخفاض أسعار الطاقة في العام الماضي.
ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ الرقم القياسي العام في معدل التضخم (112.2) نقطة خلال شهر أبريل الماضي، مسجلًا ارتفاعًا قدره (1.2%) عن شهر مارس الماضي، فقد سجل 4%، بينما سجل 4.4% في شهر مارس الماضي، كما سجل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 4.4% لشهر أبريل 2021 مقابل 5.9% في الشهر ذاته من العام السابق، وفي مارس الماضي سجل معدل التضخم 4.8%.
يُذكر أن صندوق النقد الدولي، قد أوضح أن مصر حققت أكبر تراجع سنوي في معدل التضخم في الأسواق الناشئة عام 2020 مقارنة بعام 2019، بانخفاض بلغ نحو 8.2 نقطة مئوية، حيث سجلت تضخم بمعدل 5.7% عام 2019/ 2020 مقارنة بـ 13.9% عام 2018/ 2019، مشيرًا إلى أن استمرار الحفاظ على معدل التضخم ضمن النطاق المستهدف من البنك المركزى المصرى، حيث إن تراجع معدلات التضخم بشكل ملحوظ سينعكس بشكل إيجابى على خفض تكلفة الاقتراض طويل الأجل، بينما علقت مؤسسة "رينيسانس كابيتال" بأن مصر لديها تجربة استثنائية في خفض معدلات التضخم مقارنة بالأسواق الناشئة.
وبدوره، قال الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن تراجع معدلات التصخم شهر أبريل الماضي وتسجيلها 4% مقارنةً بشهر مارس الماضي يأتي في ضوء الإصلاحات الاقتصادية والسياسات النقدية التي نفذتها الدولة خلال السنوات الماضية، فإن سبب انخفاض معدلات التضخم هو العمل على زيادة الإنتاج المحلي، وتقليل الجزء المعتلق بالمنتجات والسلع المستوردة وتواجدها في الأسواق المحلية.
وأوضح الإدريسي، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أنه خلال الفترة الأخيرة تم تكثيف الاعتماد على الإنتاج المحلي بما ساهم في خفض معدل التضخم، فضلًا عن استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، فإذا حدث انخفاض في سعر العملة المحلية يسبب أزمة في معدلات التضخم، لافتًا إلى أن الأزمة قد تكمن في ارتفاع أسعار الفائدة داخل البنوك، حيث يقبل المواطنين على إدخار أموالهم عن طريق الشهادات ذات الفوائد المرتفعة، كنوع من أنواع الاستثمار الذي يقبل عليه المواطنين، مما يؤثر على ضخ الأموال في السوق، بما يؤثر على معدل التضخم، حيث نجحت مصر في تقليل معدل التضخم مقارنةً بالدول الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط، بما يؤثر بالسلب على مستوى معيشة المواطنين.
فيما أكد الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، أن الإشادة الدولية الجديدة من خلال تقليل معدلات التضخم في مصر، يأتي في ضوء نجاح الدولة في خطط الإصلاح الاقتصادي التي نفذتها، وسيطرتها على النسب المرتفعة من التضخم، فضلًا عن إقامة المشروعات القومية الإستراتيجية الكبرى، التي جعلت مصر من الدول المنتجة لمختلف السلع التي تلبي احتياجات المواطنين، بما ساهم في النهاية في خفض معدل التضخم، وتقليل العجز الذي كان ينتج عن استيراد السلع والمنتجات من الخارج.
وأكمل عامر، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن الدولة المصرية تسعى لتحقيق التنمية الاقتصادية في مختلف المحافظات التي كانت تقل نسبة التنمية بها، كما أن تقليل فاتورة الاستيراد كانت السبب الرئيسي في خفض معدل التضخم، مؤكدًا استمرار انخفاض المعدل في ظل استمرار إصلاح الأراضي والمدن وتوزيع مراحل التنمية على الأماكن الأقل تنمية على مستوى الجمهورية، وبالتالي سيستمر انخفاض معدلات التضخم على مدى العام الجاري.