أصبح حجب البوستات الخاصة بدعم القضية الفلسطينية واضحا وجليا لكل من يتابع سياسات النشر على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيس بوك وإنستجرام، بل وصل الأمر إلى حذف الصفحات الفعالة للقضاء على كل من يكتب عن فلسطين وترويع وتخويف من يسعى لنشر القضية.
وتحت عناوين مختلفة أبرزها «مخالفة القواعد الإرشادية أو التحريض على العنف والكراهية» تجد إدارة «فيسبوك» سبيلها في حذف الصفحات الداعمة للقضية الفلسطينية وإرسال إنذارات لأصحاب الصفحات بالحظر لمدة من النشر وحجب المنشورات خصوصا تلك التي تحتوى على الهاشتاجات التى تخص «#غزة.. #الشيخ_جراح.. #القدس» مع التهديد باحتمالية حذف الحسابات بصورة تامة إذا تكررت تلك المنشورات مرة أخرى.
تعمل مواقع التواصل الاجتماعي على إخفاء المنشورات وتقويض الوصول إليها وحذف بعضها وهو ما حدث بالفعل قبل أيام حيث حذفت إدارة فيسبوك مقطع الفيديو الشهير للصحفية الفلسطينية مها رزق، حيث دار فيه حوار بين سيدة فلسطينية ومستوطن إسرائيلى استولى على بيتها، حين أخبرته الأولى أنه سرق بيتها، فكان رد المستوطن "إن لم أسرقه أنا فسوف يسرقه غيرى"، ورغم أن الفيديو لم يتضمن أى مخالفة، فإن فيسبوك حذفه دون إنذار.
قواعد التحايل على خوارزميات «فيسبوك»
في هذا الصدد نشرت العديد من المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي عدة قواعد للتحايل على خوارزميات «فيسبوك» من خلال عدد من القواعد يقوم من خلالها الناشر على خداع خوارزميات فيس بوك حيث يصبح من الصعب عليه التعرف على هذه الحيلة.
فصل الكلام برموز
اتجه البعض إلى استخدام الرموز في وسط الكلمات الدلالية بحيث بدلا من أن يكتب «إسر##ئيل» بدلًا من أن يكتبها صريحة «إسرائيل»، أو أن يكتب «المقا٩مة» بدلًا من أن يكتبها «المقاومة»، بهذه الطريقة يصعب على خوارزميات «فيسبوك» التعرف على المنشور وحظره.
عودة اللغة العربية إلى أصلها غير المنقط
وبطريقة أخرى اعتمد البعض على العودة لكتابة اللغة العربية بشكلها الأصلى غير المنقوط وذلك لعدم تعرف «فيسبوك» على اللغة بشكلها المعتاد حيث يتم إدخال النص على أحد المواقع وتحويله إلى آخر بديل بلا نقاط، لكن يمكن قراءته بسهولة.
في زمن الذكاء الاصطناعى.. هل تعد تلك الحلول مجدية؟
للإجابة على هذا السؤال يقول الدكتور محمد الجنيدي خبير أمن المعلومات أن كل ما يتم تداوله غير صحيح بالمرة، ويؤكد أنه من الصعب التحايل على مثل تلك الخوارزميات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي لأنها مبنية بنظام ذكاء اصطناعى خاص.
ويؤكد الجنيدى أن كتابة المنشورات بتلك الطرق سواء كان بعدم التنقيط أو الإختصارات أو إدخال الرموز عليها وغيرها من الطرق المختلفة لن تخدع خوارزميات «فيسبوك» وذلك لوجود إمكانيات في تلك الخوارزميات لمعالجة اللغات بما فيها اللغة العربية لا يمكنها أن تمثل نمطا ناجحا من أنماط التحايل؛ باعتبار أن هناك في تلك المواقع خاصية لمعالجة اللغات، بما في ذلك اللغة العربية، حتى لو كانت الكلمة غير مكتملة أو مكتوبة بشكل مختلف يتم كشف تلك الكلمة ومعناها.
وتستطيع مواقع التواصل اكتشاف وتحرى الكلمات المختلفة بأى شكل مكتوبة به، لكنها تحتاج إلى فترة حتى يتمكن النموذج الخاص بالذكاء الاصطناعى قراءة المكتوب، طبقًا للجندى.
ويشير خبير أمن المعلومات إلى أن هذه المنصات تستخدم نموذج ذكاء اصطناعى خاص باللغة، بما في ذلك اللغات العامية، ومن خلال ذلك النموذج يتم اكتشاف الكلمة بأى شكل مكتوبة به، مشيرًا إلى أن ذلك يتضمن الكلمات المكتوبة بشكل غير مرتب أو تلك غير المنقوطة.
وعلى جانب آخر قال الخبير في الأمن المعلوماتى الدكتور وليد حجاج أن هذه الأمور تصلح اليوم ولكن لن تصلح غدا، وأوضح أن هناك تطويرا كبيرا جدا يحدث يوميا لخوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«البوابة»: «تلك الحيل التى يتم استخدامها من قبل العرب من المؤكد أنها تتعرض لبلاغات من الصهاينة مما سيجعل خوارزميات فيسبوك وإدارته تتعرف على تلك الحيل وحذفها وتطوير منظومة الذكاء الاصطناعى فيها».
وتابع: «الأمر أشبه أن يقوم أحد الباعة بمخالفة الحى دون أن يلاحظه أحد ويقوم مواطن أخر بالتبليغ عنه لتنبيه الحى، ويجب أن نعلم تمام العلم أننا نستخدم تكنولوجيا ليست من صناعتنا، جميع ما نستخدمه من صناعة اليهود وهم المحرك الأساسى لها فمن الصعب أن نسيطر عليها أو أن نكسب فيها معركة، من الممكن أن نكون مؤثرين بعض الشىء ولكن لن نكسب في النهاية، فطالما نحن لا نملك مثل تلك الأدوات فنحن جزءا من إستراتيجية المالك فعل بنا ما يشاء».
وأضاف: «القضية فقط ليست خاصة بالتحايل على الخوارزميات فإدارة فيسبوك تستطيع أن تقوض ظهور أي بوستات خاصة بالقضية الفلسطينية أو حتى الصفحات التى تهتم بهذا الشأن وتمنع ظهورها للعامة لتصبح غير مرئية إلا لعدد قليل جدا مما يجعلها غير مؤثره وغير مرئية».
وأكد أن القائمين على التطوير التكنولوجى في العالم كله هم اليهود وأن معامل تطوير الشركات الكبرى مقرها في تل أبيب، مضيفا أن الاحتلال تخطى أمريكا في التطور التكنولوجي واستخدام الذكاء الإصطناعى وأصبح يملك معلومات كل العالم بين يديه، مقتبسا مقولة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في أحد المؤتمرات منذ نحو ثلاثة أعوام حين قال: «إسرائيل تقود العالم في التكنولوجيا».
وعلى هذا النحو قال الخبير إسلام غانم إن القصة ليست بهذا الشكل، فالخوارزميات شيء ذكي جدا لا يمكن التعامل معه بتلك السهولة وأضاف "علينا أن نعرف أن هناك موظفين عرب في شركة فيسبوك ومن الطبيعي أن يدركوا ما يحدث من تلاعب".
وعن الدعوات المطالبة بالتقليل من تقييم فيس بوك على منصات تحميل البرامج يقول غانم "القصة لن تؤثر أبدا على الموقع، فهذا التقييم لن يعتد به من الأساس لأنه يعتبر تقييما موجها، لذا لن يعتد به ولن يؤثر بأي سلب على الموقع".
وتابع "القضية ليست تقييما أو احتيالا على خوارزميات فكل هذه الحيل لن تجدي بنفع، إن كنا نريد التغيير فالحل في أمرين مهمين جدًا، أولهما أن نقوم نحن كعرب بتصميم موقع تواصل اجتماعي ويكون على قدر من التنافس مع فيس بوك ونتجه للعمل عليه، والحل الثاني في مقاطعة فيس بوك نهائيا والانتقال لموقع آخر يكون غير تابع لنفس الشركة، وهنا سيحدث التأثير الحقيقي والواقعي، أما غير ذلك فما هو إلا مجرد إشاعات لن تؤثر على فيس بوك أبدا".
وأضاف "هناك بعض الأمور التى من الممكن أن تتحايل بها على الخوارزميات، مثل رسم صورة كاملة برقم الزيرو كما يفعل البعض أو الكتابة بالأكواد.. مثل تلك الأفعال يصعب على الخوارزميات قراءتها".
نصائح لتجنب الحظر على «فيسبوك»
وبخلاف الطرق السابقة أكد عدد من الخبراء في البرمجيات أن هناك بعض الإرشادات يجب مراعاتها عند النشر لتجنب الحظر أو التقيد، منها تجنب إضافة أكثر من «هاشتاج» في المنشور الواحد فكلما زاد عدد الهاشتاغات في المنشور، قل حجم وصولها للمتابعين، كما يجب تجنب النسخ واللصق بصورة متكررة حيث إنه يعطى إنذارا لـ«فيسبوك» باعتبار أنها ردود آلية، وأن من قام بكتابة الهاشتاج آلة لا بشر.
كما أنه لا بد من إضافة محتوى إضافى في التعليق أو المنشور، ولا يكفى أن تطلب من الآخرين نسخ التعليق نفسه، فربما يعرضك ذلك للحجب، ولا يجب تكرار إرسال الرسالة ذاتها بطريقة آلية لجميع الأصدقاء والمتابعين.
وقال مركز «صدى سوشال» للدفاع عن الحقوق الرقمية الفلسطينية في بيان، إنه رصد عددًا من الانتهاكات بحق المحتوى الرقمى الفلسطينى بعد ساعات فقط من اجتماع وزير القضاء الإسرائيلى بينى غانتس مع إدارات منصتى «فيسبوك» و«تيك توك».
وتابع: «كان أبرز هذه الانتهاكات إغلاق منصة (تيك توك) لحساب شبكة قدس الإخبارية، وعبر المركز عن قلقه من مخرجات لقاء الوزير الإسرائيلى وهو نفسه وزير الدفاع، مع إدارات عدد من منصات التواصل الاجتماعي».
وأضاف: «على ساحة التواصل الاجتماعي وفيسبوك خصوصا سبق للناشطين اعتماد هاشتاغات مئؤثرة حسب خوارزميات الانتشار، وأيضا اعتمادهم نشرها على صفحات غربية للتأثير بالرأى العام في أوروبا وأمريكا حتى نقل بعض الناشطين عن قيام أحد الفيسبوكيين العرب باحتلال مجموعات مشتركة بين العرب والأجانب مثل مجموعة المسلسل الشهير فريندز وكتابة منشورات ضد الإسرائيليين والمواجهة بالتعليقات بينهم».
وفى في ذات السياق، تمكن هاكر أردنى ملقب بـ«صقر بنى هاشم الإلكترونى»، من إغلاق صفحة داعمة للاحتلال على موقع «فيسبوك» تضم ٧٦ مليون مستخدم، تدعى صفحة «فريق صلاة القدس».
وقال الهاكر أحمد صالح في تصريحات صحفية: «وصلتني أخبار أن موقع فيسبوك أنشأ صفحة لدعم الصهاينة وأضيف عليها أكثر من ٧٦ مليون إعجاب، أي أنه من الممكن عدم مشاهدتك للصفحة وتجد نفسك أو أحدا من الأصدقاء عامل إعجاب لها».
وتابع أنه تم إغلاقها بسبب دعمها الرسمى للكيان الصهيونى، وانتهاك خصوصية الناس بوضع إعجابات من حساباتهم دون علمهم عن طريق تطبيقات أخذت صلاحيات من حسابات الأشخاص.
فيما فوجئ عدد كبير من المستخدمين على انستغرام بعدم تمكنهم من نشر صور المسجد الأقصى، أو كتابة اسمه بعد محاولة لأكثر من مرة بسبب سياسة «فيسبوك» لتعتذر منصة انستغرام على لسان المتحدثة باسمها واسم «فيسبوك» فيه بأن حذف صور المسجد الأقصى أو الهاشتاغات المتعلقة به جاءت نتيجة خطأ تقنى خاص بعمليات مراجعات المحتوى.