في جلسة الاستجواب البرلماني، مساء أمس، في باريس، حول موقف الحكومة مما يحدث في الشرق الأوسط والحرب الدائرة في غزة، أعلن رئيس الحكومة الفرنسية جان كاستكس أن الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط في منتهى الخطورة ومقلقة للغاية.
وقال: "إن فرنسا تعمل بجدية لتهدئة الأوضاع عبر تحركات رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون وعبر دبلوماسيتها للتعامل مع الوضع، فقد وصلت الخسائر البشرية لحد ثقيل جدًا، ونحن بالفعل قلقون على مصير وسلامة المدنيين في غزة الذين يعانون أصلًا كما تعلمون من حصار منذ 15 عامًا، وإن هذه الموجة من العنف لا تتوقف على حدود غزة فقط بل تمتد إلى عدة مدن إسرائيلية وقد وصل التوتر بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى مرحلة من العنف غير مسبوقة".
وأوضح رئيس الحكومة الفرنسية للنواب أن المواجهات تضاعفت في الضفة الغربية وفي القدس بين المستوطنين والفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية، وأن فرنسا أمام هذا الوضع تطالب بكل حزم جميع الأطراف المعنية بوقف فروي لجميع أشكال العنف وكافة أشكال الاستفزازات ووقف كافة الدعوات المحرضة على الكراهية للتمكن من استعادة الهدوء، ونطالب جميع الأطراف بضمان دخول المساعدات وتسهيلها إلى غزة.
وكشف أنه تم السماح بإرسال شحنة مساعدات إلى غزة، وقال: "نطالب بتوفير الحماية لطواقم العاملين في الخدمات الإنسانية والطبية وتوفير الأمن والحماية للصحافيين ولجميع من يعمل ويساهم في نقل الخبر والنقاش العام بشكل حر، فحماية جميع هؤلاء الناس في حالة النزاعات تعتبر مسئولية أساسية لا يمكن الاستهانة بها".
وواصل جوابه البرلماني قائلًا:" لكننا جميعا هنا في البرلمان ندرك بأن ما يلزمنا هو حل سياسي بعيد الأمد لفض هذا النزاع. وكشف بأن فرنسا سبق وعبرت في توقيت مبكر جدًا عن قلقها البالغ إزاء التوتر الحاصل في القدس كان آخرها منذ شهر أبريل الماضي. فلم تتوقف فرنسا عن الاشارة إلى خطورة استمرارية سياسة الاحتلال بضم أجزاء من القدس الشرقية كما أنها ذكّرت بضرورة الحفاظ على الصفة التاريخية للأماكن المقدسة في القدس وذكرنا في عدة محافل دولية بأن أمن المناطق المقدسة مرتبط إرتباطًا وثيقًا بأمن إسرائيل".
وأكمل: "الرئيس ماكرون قد التقى بالرئيس المصري وبملك الأردن خلال قمة أمس وتشاور مع الرئيس أبو مازن وبرئيس الحكومة الإسرائيلية لكي يتم ايقاف إطلاق النار بأسرع وقت واعادة الهدوء والاستقرار في الشرق الأوسط وجاري العمل على توحيد المواقف الدولية. هذا وقد خرج من القاعة بعض النواب الفرنسيين الاسرائيليين من بينهم النائب مائير حبيب بعدما فشلوا في مقاطعة رئيس الحكومة بسبب موقفه بانتقاده سياسة الاستيطان الغير شرعية وفق القانون الدولي التي تنتهجها إسرائيل ولطالما حذرتها فرنسا من خطورتها".
وفي السياق ذاته،انتقد عضو البرلمان الفرنسي المعارض عن مجموعة "فرنسا الأبية" اليسارية ميشيل لاريف موقف الرئيس إيمانويل ماكرون من التطورات الجارية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتصعيد العسكري المتبادل والمتواصل منذ عشرة أيام، مؤكدا أن ماكرون "منحاز لإسرائيل".
ووجه النائب الفرنسي نقدا لاذعا للدبلوماسية الفرنسية، معتبرا أنها "ليست على مستوى ما يحدث في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، بالنظر إلى موقف الرئيس الفرنسي منه. وقال بأن ماكرون قد أدان بشدة إطلاق حماس صواريخ على إسرائيل، فيما لم يتطرق لموضوع الضحايا المدنيين الفلسطينيين الذين سقطوا بفعل الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة. وشدد لاريف على ضرورة اعتماد الحل السياسي لتهدئة الأوضاع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأشار إلى أن إسرائيل هي من يرفض اقتراحات وقف إطلاق النار.
وثمن موقف وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان من الأحداث كان أكثر توازنا مقارنة بموقف رئيس الجمهورية إذ دعا لودريان في بيانه إسرائيل لاعتماد رد "متناسب" وغير مبالغ فيه على الصواريخ التي تُطلق من قطاع غزة في إشارة منه إلى أعداد الضحايا المدنيين الذين سقطوا في غزة نتيجة الغارات الإسرائيلية.
وتابع لاريف شارحا "السلام من مصلحة جميع الشعوب، وإسرائيل لن تنعم بالسلام في حال استمر الوضع على هذا النحو، والأمر سيان بالنسبة للفلسطينيين"، مؤكدا أن كل حياة بشرية لها قيمة إن كانت من الطرف الإسرائيلي أو الفلسطيني".
وحث النائب لاريف باريس على مراجعة موقفها مما يحدث من خلال التمسك بالقوانين الدولية التي تشير بوضوح إلى أن الشعب الفلسطيني محتل اليوم، معربا عن أسفه لاعتماد باريس فقط للرواية الإسرائيلية للأحداث".
فيما قالت البرلمانية الفرنسية المعارضة، كليمونتين أوتين، عن حزب "الخُضر" في كلمة لها أمام الجمعية الوطنية (الغرفة الأولى للبرلمان الفرنسي) إن إسرائيل تضاعف من انتهاكها للقانون الدولي يوما بعد آخر. ووصفت سياسة الاستيطان الإسرائيلية في القدس الشرقية والضفة الغربية بأنها "استعمار واحتلال صارخ"، مؤكدة أن ذلك يهدد أمن الشرق الأوسط وحتى أمن إسرائيل. وقالت بأن أكثر 300 فلسطيني قتل في الغارات الاسشرائيلية منهم 80 طفلا وأكثر من 600 مدني فلسطيني أصيبوا بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز المدمع، نتيجة التدخل العنيف لقوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس الشرقية ضد المتظاهرين الفلسطينيين. وأشارت إلى أن إسرائيل لم تتخل عن سياستها الاستيطانية رغم إدانة المجتمع الدولي لها في مناسبات عدة.
وقالت إن "إسرائيل تزيد من انتهاكاتها للقانون الدولي يوما بعد يوم". وتطرقت النائبة إلى تنديد خارجية بلادها بإطلاق صواريخ من قطاع غزة، في حين اكتفت فقط بالإعراب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. وأردفت "فرنسا لا تجد كلمات للتنديد بالسياسات الإسرائيلية الهادفة لتعزيز نظام الفصل العنصري، وعنف جيشها ضد الشعب الفلسطيني"
وثمنت مداخلة رئيس الوزراء الشجاعة.