الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

إسرائيل ومحاولات الهيمنة على المقدسات من الأقصى إلى دير السلطان

قصة كنيسة أصبحت كنيستين..

 البابا تواضروس الثاني،
البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إسرائيل ومحاولات الهيمنة على المقدسات من الأقصى إلى دير السلطان.
الكنيسة الأرثوذكسية ترفض تزييف الحقائق التاريخية لدير السلطان
البابا تواضروس: الكنيسة المصرية ستسلك كل السبل القانونية إلى أن تستعيد الدير المغتصب
​عقد البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأسبوع الماضي اجتماعًا تشاوريًّا بالمقر البابوي بالقاهرة، لمناقشة الأحداث التي شهدها دير السلطان بالقدس، مؤخرًا.
حضر الاجتماع الأنبا دانيال أسقف المعادى وسكرتير المجمع المقدس والأنبا بيمن أسقف نقادة وقوص والمهندس كامل ميشيل عضو مجلس الشيوخ.
جاء الاجتماع للتأكيد على ملكية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لهذا الدير ولديها كافة الوثائق والحجج التي تثبت هذه الملكية.
وأكدت الكنيسة رفضها كل الوسائل والطرق التي تسعى إلى تزييف الحقائق التاريخية لهذا الدير العريق، مشددة على أنها تتمسك بحقوقها كافةً، وأنها ستسلك كل السبل القانونية إلى أن تستعيد هذا الدير المغتصب.
وناشدت الكنيسة السلطات والمحاكم الإسرائيلية تنفيذ الأحكام القضائية السابق صدورها والتي تؤكد ملكية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لهذا الدير وضرورة تسليمه لها.. وأضافت الكنيسة في بيانها عن الاجتماع:
إنها تحرص طوال العقود الماضية على اتباع الحلول السلمية والطرق القانونية في التعامل مع هذه القضية، متمسكةً بكل آيات الحكمة والتعقل اللائقين بها، بما لا يخل بحقها في ملكيه الدير، وهو أمر لا ولن تسمح بالمساس به تحت أي ظروفٍ أو مبررات، فلن تجدي أساليب المراوغة، وفرض الأمر الواقع أمام حقها التاريخي في هذا الدير.
من كنيسة واحدة لكنيستين:
بدأت العلاقة القبطية الحبشية منذ أن قام الراهب القديس فرمنتيوس "أبا سلامة بالحبشية - أبو السلام بالعربية" بالتبشير في الحبشة في القرن الثالث وعلى مدى 1600 سنة كان الأقباط والأحباش أبناء نفس اللاهوت والعقيدة وكان حضور الطرفين في تراث بعضهم قوى حتى أن الفروق أصبحت بسيطة جدا في الفن وكانت الكنيسة القبطية تسعي ولا تزال من أجل المحبة القوية التي يجب ألا تسقط أبدا، كما دعا مؤخرا البابا تواضروس الثاني.
بالطبع يجب أن نعمل على ذلك وفي الوقت الذي نطالب بحقوقنا في الدير لا بد أن نطالب الكنيستين بالصلاة والتفاوض بغير صدام متحلين بروح المحبة..لأن العلاقات المصرية الإثيوبية ترتبط بالروح الأرثوذكسية السمحة، وعذوبة النيل، ويجسدها طمية، وتفيض عقيدة المحبة بين البلدين، وان كانت "إثيوبيا"،"المنبع"،"للنيل".. فإن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي منبع إيمانها، تعود العلاقات بين الكنيستين المصرية والإثيوبية إلى النصف الأول من القرن الرابع الميلادى تاريخ دخول المسيحية إلى إثيوبيا عندما تمكن أحد المصريين ويدعى ” فرومينتوس ” من نشر الدين المسيحى بين رجال البلاط الأكسومى وعند عودته إلى مصر طلب من البطريرك القبطى أن يرسمه مطرانا على إثيوبيا وأصبح بهذا أول مطران للكنيسة الإثيوبية عينته الكنيسة المصرية وبذلك نشأ تقليد بأن يقوم بطريرك الإسكندرية بترسيم مطران الكنيسة الإثيوبية من بين الرهبان المصريين ويأخذ المطران الجنسية الإثيوبية بمجرد وصوله إلى مقره وظل هذا التقليد الكنسى معمولا به حتى عام 1950 أى طوال ما يزيد على ستة عشر قرنا وعلى الرغم من ذلك ظلت العلاقات الدينية مستمرة مع مصر وإن كانت تمر بمراحل قوة وضعف وفقا للظروف السياسية التى كانت تجتازها إثيوبيا.
أسس مارمرقص الكنيسة القبطية في مطلع القرن الأول الميلادي (40 م)،من الإسكندرية،ومن القرن الاول للرابع..ذاقت الكنيسة مرارة الاضطهادات المتكررة،فمن الاضطهاد اليوناني للروماني، ومن بدعة اريوس إلى مجمع خلقدونية الذي شهد انقسام الكنيسة في العالم، حول طبيعة المسيح ما بين، "خلقدونيين"، "أنصار الطبيعتين، ولا "خلقدونيين، "أنصار الطبيعة الواحدة للمسيح، وكانت الكنيسة القيطية الأرثوذكسية والإثيوبية ،"موحدتين"، في الطبيعة ومتوحدتين في الرؤية، لذلك فإن تبني الكنيسة الإثيوبية لكلمة التوحيد وارتباطه باسمها الرسمي، هو للدلالة على إيمانها بالطبيعة الواحدة للمسيح أي طبيعة الكلمة المتجسد على غرار بقية الكنائس اللاخلقيدونية والتي تتشارك معها بالإيمان وهي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية وكنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية وكنيسة ملنكارا الأرثوذكسية في الهند.. وعاشت وتعايشت الكنيستين بالروح حتى توصلت في تاريخ 13 يوليو 1948م كل من الكنيستين القبطية والإثيوبية إلى اتفاق مهد لانفصال واستقلال الكنيسة الإثيوبية، حيث قام بطريرك الإسكندرية للأقباط في ذلك العام برسامة خمسة أساقفة لهذه الكنيسة وفوضهم بانتخاب بطريرك جديد لهم يكون له السلطان لاحقا لرسامة أساقفة جدد لكنيسته. وقد اكتملت فصول تلك الاتفاقية عندما قام بطريرك الأقباط البابا يوساب الثاني بإقامة باسيليوس رئيس أساقفة على الكنيسة الإثيوبية وهو من أصل إثيوبي في تاريخ 14 يناير 1951م، وبعد ذلك عام 1959م قام بطريرك الكنيسة القبطية البابا كيرلس السادس بتتويج باسيليوس كأول بطريرك على كنيسة إثيوبيا الأرثوذكسية ووفق لائحة 1957 لانتخاب البطريرك القبطي الأرثوذكسي، يضم خمسة مطارنة من كنيسة إثيوبيا للمجمع الانتخابي القبطي الأرثوذكسي، وحينما توفي البطريرك الإثيوبي باسيليوس عام 1971م وخلفه في ذلك العام ثيوفيلوس، ومع سقوط الإمبراطور هيلا سيلاسي عام 1974م فصلت الكنيسة في إثيوبيا عن الدولة، وبدأت حكومة إثيوبيا الجديدة – الماركسية بقيادة منجستو هيلا مريام - بتأميم الأراضي بما في ذلك أراضي الكنيسة، وفي عام 1976 م اُعتقل البطريرك ثيوفيلوس من قبل السلطات العسكرية وتم إعدامه بسرية في وقت لاحق من ذلك العام، فقامت الحكومة بأمر الكنيسة بانتخاب بطريرك جديد لها فتم تتويج تيكلا هيمانوت على هذا المنصب، رفضت الكنيسة القبطية انتخاب ذلك البطريرك على اعتبار أن المجمع المقدس للكنيسة الإثيوبية لم يقر بعزل البطريرك السابق ثيوفيلوس، لآنه لم يكن يُعرف بعد للعلن بأنه تم إعدامه من قبل الحكومة فكان لايزال يُعتبر البطريرك الشرعي لإثيوبيا، وعلى إثر ذلك انقطعت وسائل الاتصال - على الصعيد الرسمي - بين الكنيستين. ولكن الكنيسة الأرثوذكسية لم تعترف البطريرك الجديد، مما أكد العلاقات الروحية بين الكنيستين حتى بدون اتصال، لم يتعامل البطريرك الجديد تيكلا هيمانوت مع الحكومة الإثيوبية بالسلاسة التي كانت تتوقعها منه، لذلك عندما توفي هذا البطريرك عام 1988م تم انتخاب ميركوريوس عضو البرلمان الإثيوبي الموالي للحاكم لهذا المنصب. في عام 1991 م ومع سقوط نظام منغستو هيلا مريام الديكتاتوري وقدوم الجبهة الشعبية الديمقراطية الثورية الإثيوبية للحكم، عُزل البطريرك ميركوريوس بضغط من الشعب والحكومة وانتخبت الكنيسة باولس بطريركا جديدا لها، وفر البطريرك السابق ميركوريوس خارج البلاد وأعلن من منفاه بأن عزله تم بالإكراه وعلى ذلك فهو لايزال البطريرك "الشرعي" لإثيوبيا، تبعه إلى ذلك عدة أساقفة وشكلوا خارج إثيوبيا مجمعا مقدسا لهم تعترف به عدة كنائس إثيوبية في أمريكا الشمالية وأوروبا وتعتبر بأن ميركوريوس هو البطريرك الحقيقي، بنما استمر المجمع المقدس الآخر داخل إثيوبيا يقر بشرعية البطريرك باولس. وبعد أن استقلت إريتريا عن إثيوبيا عام 1991 م أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية انفصال كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترّية، فأصبح لها بذلك مجمعها المقدس الخاص المستقل عن المجمع الإثيوبي الأم بعد قيام ثورة 1952 في مصر فإن واضعى السياسة الخارجية المصرية استهدفوا إقامة علاقات دولية جيدة، خاصة مع دول حوض النيل، ولذلك فقد اقترح الرئيس "جمال عبد الناصر" إقامة تجمع أو تكتل أو حتى حلف عسكرى يجمع بين مصر والسودان وإثيوبيا ولكن هذا الاقتراح لم يجد قبولا خاصة من إثيوبيا وعندما أعلنت مصر عن نيتها في إنشاء السد العالى عام 1955، ففى الوقت الذى بادر الاتحاد السوفيتى للإعلان عن استعداده لتحمل نفقات إنشائه واقترحت الولايات المتحدة تقديم مبلغ 56 مليون دولار من خلال البنك الدولى لذلك المشروع فقد آثار ذلك حفيظة هيلاسيلاسى الذى أعلن انتقاده الصريح للولايات المتحدة لإعطائها مصر المعادية للغرب مثل لمياه الأنهار الدولية لعدم استشارتها إثيوبيا في إنشاء السد.
لكن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في عصر البابا كيرلس السادس استطاعت ان تحل الخلافات بين مصر واثيوبيا وتقنع هيلاسلاسي بقطع العلاقات مع إسرائيل حتى تعود الاراضي العربية المحتلة 1967، ودفع ذلك عشرات الدول الأفريقية إلى قطع العلاقات مع إسرائيل.
ومضت العلاقات المصرية الإثيوبية مستقرة إلى أن جاء ابي أحمد إلى الحكم، وبدأت ملامح الاستحواذ والهيمنة تظهر على السياسة الإثيوبية من منابع النيل ومحاولاته بناء السد الإثيوبي على حساب حصة مصر من المياه وصولا إلى خلق مناخ سمح للرهبان الاثيوبيين بمحاولات الاستيلاء على دير السلطان رغم ملكيته لمصر.
وصولا إلى رفض حكومة نتنياهو تنفيذ قرارات المحاكم الإسرائيلية بملكية مصر للدير، ثم اقتران ذلك بالعدوان السافر والغاشم على الشعب الفلسطيني.