معظم الأدوية التي تعالج السمنة والتي يصفها الأطباء تعمل على تقليل تناول الطعام من خلال تثبيط الشهية عن طريق العمل مباشرة على أنظمة الناقلات العصبية في الدماغ، وممكن أن يكون لها أعراض جانبية من الناحية النفسية وتؤثر على الجسم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مما أدى إلى سحب أكثر من 80 في المائة من هذه الأدوية من السوق.
وخلال دراسة نشرت في العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن»، أراد يانتشوان شي، الذي يقود مجموعة عِلم الغدد الصماء العصبية في معهد غارفان للأبحاث الطبية في سيدني بأستراليا، اختبار طريقة جديدة لتقليل زيادة الوزن من دون التأثير على الجهاز العصبي المركزي، عبر دواء جديد من ابتكارهم.
ويستهدف الدواء الجديد المسمى «BIBO3304» جزيء الإشارات العصبية يسمى «NPY» الذي يساعد البشر وكذلك الحيوانات، على البقاء على قيد الحياة في الظروف التي يكون فيها نقص الغذاء أمرًا شائعًا؛ فهو منظم للتمثيل الغذائي ويلعب دورًا مهمًا خلال حالات انخفاض إمداد الطاقة، حيث يساعد في تخزين الدهون، كآلية للبقاء على قيد الحياة.
ويقول تقرير نشره أول من أمس موقع «ميديكال نيوز توداي»، إن الفريق البحثي اختبر الدواء الجديد، على الفئران والخلايا الدهنية البشرية من الأشخاص المصابين بالسمنة، وبعد 7 أسابيع، من إطعام الباحثين الفئران بنظام غذائي غني بالدهون، مع أو من دون الدواء الجديد، وجدوا أن الفئران التي أعطيت الدواء اكتسبت وزنًا أقل بنسبة 40 في المائة، واكتشف الباحثون أن ذلك ناتج من زيادة توليد الحرارة في الأنسجة الدهنية البنية وانخفاض كتلة الدهون الكلية؛ مما يساعد على حرق الدهون، حيث يمنع هذا الدواء نوعًا من مستقبلات الخلايا الخاصة بجزيء الإشارات العصبية «NPY»، والذي يسمى «Y1» والموجود في الأنسجة الدهنية والأنسجة الأخرى في الجسم.
والمثير للاهتمام، أن العلماء اكتشفوا أن الأنسجة الدهنية لكل من الفئران والبشر المصابين بالسمنة كان لها نشاط جينات لمستقبل «Y1» أعلى من أنسجة الأفراد ذوي الوزن الصحي، وقد يفسر هذا جزئيًا سبب صعوبة فقدان الوزن؛ نظرًا لأن الجزيء «NPY» يزيد من تناول الطعام ويقلل من إنتاج الطاقة عندما يرتبط بالمستقبل «Y1».
وعندما طبّق الباحثون الدواء الجديد على الخلايا الدهنية من الأشخاص المصابين بالسمنة، قامت الخلايا بتشغيل الجينات المشاركة نفسها في توليد الحرارة لحرق الدهون مثل تلك التي تم تنشيطها في الفئران.
ويشير هذا إلى أن الدواء، أو الجزيئات المماثلة، يمكن أن تعمل بالطريقة نفسها عند البشر كما تعمل في الفئران.