في الوقت الذي تعمل فيه الدولة الحفاظ على حقوق مصر المائية في نهر النيل، والتوصل إلى اتفاق شامل وعادل حول سد النهضة الإثيوبي، وبما لا يؤثر على حصة مصر في المياه، وبما لا يؤثر في التنمية الزراعية، في نفس الوقت تقوم الدولة بجهود متنوعة لتوفير مصادر مياه أخرى، من خلال مشروعات مثل تحلية مياه البحر، وتبطين الترع بما يوفر 5 مليارات متر مكعب سنويًا.
وأكد خبراء لـ"البوابة نيوز" أن الدولة تعمل في كل الاتجاهات لدعم التنمية في مختلف مجالاتها، خصوصا في المجال الزراعي، ففي الوقت الذي تسعي فيه للوصول إلى اتفاق عادل وشامل، تعمل على تطوير نظم توفير المياه، فقد قامت الدولة بإنشاء أكثر من محطة تحلية مياه في أكثر من محافظة للاستفادة من المياه المهدرة، بالإضافة إلى مشروع تبطين الترع وهذا يقلل من الفائض المهدور من المياه ووضع خطط بديلة من مشروعات تحلية المياه ومشروعات الري بالتنقيط للأراضي الزراعية، وإعادة صياغة التركيبة المحصولية مثل تقليص مساحات زراعة الأرز المستهلك للمياه فالقطاع الزراعي المصري محل اهتمام الدولة ويوليو الرئيس كل اهتمام باعتباره بمثابة أمن قومي.
وتشير معلومات وزارتي الري والتخطيط إلى أن صندوق مصر السيادي يدرس حاليًا طرح عدد من الفرص الاستثمارية المتاحة في قطاع تحلية المياه وإعادة تدوير استخدامها بالشراكة مع صناديق محلية وعربية وأجنبية، وأن خطة مصر القومية للمياه لمواجهة نقص المياه في البلاد بتكلفة 50 مليار دولار تستمر حتى 2037.
وتؤكد وزارة الري أن خطة مصر القومية للمياه، تواجه تاثير التغيرات المناخية على الموارد المائية، وأي تأثير متوقع من سد النهضة الإثيوبي، كما تتغلب الحكومة على ندرة المياه من خلال عدة حلول تشمل التوسع في نظم الري الحديثة وزراعة محاصيل زراعية أقل استهلاكًا للمياه وإنشاء محطات تحلية للمياه وأخرى.
ومن مشروعات الدولة في مجال تحلية المياه طرح 4 مشروعات لتحلية المياه بالمشاركة مع القطاع الخاص، منها محطة بمدينة الحمام بطاقة 190 ألف متر مكعب يوميًا، وثلاث محطات بمدن سفاجا، والقصير، ومرسى علم، بطاقة تتراوح من 20 إلى 40 ألف متر مكعب يوميًا، كما تستهدف وزارة المالية إنشاء 19 محطة لتحلية المياه خلال الخطة الخمسية الأولى من 2020 إلى 2025، لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة، وتحقيق التنمية المستدامة.
وبلغت اعتمادات خطة الدولة علم 2020/ 2021 في المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع حتى نهاية يونيو المقبل، نحو 4 مليارات جنيه، لسرعة الانتهاء من أعمال المشروع، وفي إطار خطة الدولة لترشيد الإنفاق الاستثماري وإعادة ترتيب الأولويات، والذي سيوفر 5 مليارات متر مكعب سنويًا، في مياه الري مع حماية البيئة من التلوث، وزيادة الإنتاجية الزراعية.
ندرك مرحلة لفقر المائي
وقال الدكتور مصطفى أبوزيد، خبير اقتصادي، إن الدولة تعرف بالفعل أننا دخلنا مرحلة الفقر المائي فالدولة منذ 3 سنوات تعتمد على إستراتيجية تنوع مصادر المياه من خلال إقامة مشروعات تحلية المياه وإعادة التدوير فيها وهذا نراه على إرض الواقع، فالدولة قامت بإنشاء أكثر من محطة تحلية مياه في أكثر من محافظة للاستفادة من المياه المهدورة، بالإضافة إلى مشروع تبطين الترع وهذا يقلل من الفائض المهدور من المياه وبالتالي يحافظ على كمية المياه التي يتم استخدامها في عملية الزراعة.
وأضاف، على الجانب الآخر وزارة الزراعة بدأت تعتمد أساليب أخري مثل الصوب الزراعية وهذا يقلل في استخدام المياه واستخدام الري بالتنقيط وهذه ضمن الأساليب التي ترشد في عملية استخدام المياه بخلاف خفض معدلات الري بالغمر وهو الأسلوب التقليدي للزراعة.
وأوضح، أن الدولة وبغض النظر عن أزمة سد النهضة، فتعمل على تأمين الاحتياجات المائية للزراعة خاصة، وشاهدنا اجتماعات عديدة الحكومة، منها إطلاق برنامج الاصلاح الهيكلي وكان من ضمن القطاعات الدولة تهتم بها الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات وبالتالي نستطيع عمل إصلاح هيكلي متضمنًا إصلاحات في قطاع الزراعة، وبالتالي إمداده بالمياه المتوفرة لاستصلاح الأراضي وزيادة الإنتاجية الزراعية وزيادة تنافسية المنتجات الزراعية بهدف زيادة حجم الصادرات من الحاصلات الزراعية ومع كل ذلك فالدولة وضعت هذه الموضوع توفير مصادر بديلة للمياه، وتعمل عليها بالفعل بغض النظر عن أزمة سد النهضة وتأثيره، فالدولة تحاول العمل على زيادة مصادر المياه، خاصة مع الزيادة السكانية التي تشهدها مصر كل سنة.
خطط بديلة
ومن جهته قال أحمد معطي، خبير اقتصادي، إن مخاطر سد النهضة على خطط التنمية في مصر ستكون مخاطر ضعيفة لأنه لدينا احتياطنا من المياه والمخاطر الأكبر ستكون في السودان لأنها الأقرب من إثيوبيا ومخاطر التنمية ستكون الأصعب ولدي مصر علاقات طيبة مع السودان وسنتأثر معهم وإذا حدث مخاطر ستكون في بطئ عميات التنمية، فمثلًا فوضع خطة للمشروعات على 10 سنوات سيتم وضعها على 20 سنة أو 15 سنة ويحدث تباطئ في خطة التنمية وأعتقد أن المخاطر ستكون ضعيفة.
وأوضح، أنه لن تكون هناك أضرار مباشرة على مشروعات استصلاح الأراضي خاصة أن الدولة وبما قامت به من مشروعات، تعرف جيدًا أنه قد يحدث مشكلة من التغيرات المناخية وسد النهضة وبالتالي أدركت ذلك، وقامت الدولة بمشروعات لتوفير المياه البديلة من خلال خطط لتوظيف المياه الجوفية والآبار في أماكن تم تحديدها مثل شرق العوينات وتم اختيار هذه الأماكن، من خلال دراسات دقيقة لأماكنها تحسب لأي مخاطر في المياه، مؤكدًا لا أري أن هناك مخاطر وأن مصر بعلمائها ومهندسيها وكل الفئات في الدولة ذو فكر عالي فقد تم اختيار هذه الأماكن بعناية شديدة وأيضًا أن هناك مشروعات قريبة من البحر لمشروعات تحلية المياه.
وأكد معطي، أن الخطط البديلة لتجنب أي نقص بالمياه هي خطط ممتازة وتم وضع أسوأ السيناريوهات، خصوصًا أنه ومن الواضح أن إثيوبيا تستمر على أسلوبها وبالتالي لدينا خطط بديلة من مشروعات تحلية المياه ومشروعات الري بالتنقيط للأراضي الزراعية وأن هذه الخطط ممتازة والمخاطر ستكون على السودان أكثر.
ويري أحمد معطي، أنه لا يوجد انعكاس مباشر وغير مباشر على برامج الاكتفاء الذاتي للسلع، ومصر لديها القوي البشرية من المهندسين وأصحاب الفكر والعلم القادرين على مواجهة مختلف الأزمات المتوقعة في الوقت المناسب.
عجز مائي
وقال الدكتور وليد جاب الله، خبير اقتصادي، إن مخاطر سد النهضة تدور حول الخفض المتوقع من إيرادات مصر المائية من مياه النيل مما يمكن أن يشكل ضررًا بالغًا على القطاع الزراعي والحيواني والكهربائي حال توقف توربينات السد العالي لانخفاض المنسوب خصوصًا في سنوات الفيضان المحدود.
وأضاف، الواقع أن مصر لديها بالفعل عجز مائي حاليًا وقبل قضية سد النهضة وتتعامل معه بإجراءات مثل تقليص مساحات زراعة الأرز وتطوير وتطهير المجاري المائية وإدارة سياسة مائية تعظم من الاستفادة من مياة النيل، ولكن تلك السياسة ستواجه تحديات أكبر حال دخول سد النهضة مرحلة التشغيل، وهو الأمر الذي تستهدف الدولة تقليص مخاطره من خلال اتفاق قانوني ملزم مع إثيوبيا يتيح إدارة سد النهضة بصورة تقلص من الضرر المتوقع على مصر بجعله ضررًا يمكن تحمله وتستوعبه مخططات التنمية والتطوير المصرية.
وأوضح، أن الضرر الأكبر سيكون في الأرض القديمة التي يتم ريها بالغمر حيث ستحتاج لتطوير شامل ومكلف لطرق ري حديثة بينما مشروعات الاستصلاح الجديدة فإنها مصممة على طرق ري موفرة للمياه وتتم بعد دراسة وموافقة من وزارة الموارد المائية والري.
وأكد جاب الله، أن الدولة لديها خطة طموحة في تطوير نظم الري وتنطلق بالفعل في المشروع القومي لتبطين الترع لما يزيد عن 7 آلاف كيلو متر من الترع خلال عامين ومتوقع أن توفر نحو 5 مليار متر مكعب مياه، فضلا عن مشروعات إنشاءات محطات تحلية مياه البحر، وإعادة صياغة التركيبة المحصولية مثل تقليص مساحات زراعة الأرز المستهلك للمياه، وغيرها من الإجراءات التي تقوم بها مصر من منطلق مسؤوليتها المحلية والإقليمية والدولية بصورة تظهر جديتها ومرونتها مع متطلبات التنمية الإثيوبية وتنتظر في المقابل مرونة في التفاوض من الجانب الإثيوبي وتفهم من المجتمع الدولي والإقليمية لطبيعة موقفها الذي لا يتحتمل تعسف من الجانب الإثيوبي بعد قيام مصر بكل ما هو ممكن.
ونوه إلى أن القطاع الزراعي المصري هو محل اهتمام الدولة ويوليو الرئيس كل اهتمام باعتباره بمثابة أمن قومي يتابع المشروعات التي تستهدف تطوير هذا القطاع والتوسع فيه وتعظيم الاستفادة بكل نقطة مياه بل وتحلية مياه البحار ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي والدولة المصرية تتابع ذلك وتتعامل مع كل التحديات التي تواجهها، وثقة في قدرة مصر على الحفاظ على مقدراتها بما تمتلكه من أدوات تمكنها من ذلك.