يعد قصر الأمير طاز أحد القصور التى شهدت حقبة مهمة من تاريخ مصر في عصر المماليك البحرية ومر على هذا القصر مراحل تاريخية تحمل في طياتها أحداثا تروى فقد كان موقعا للشئون السياسية تراقب شئون الدولة ثم مدرسة للبنات وتارة مخزنا للكتب ومنفى للحيوانات ثم مراحل تهالك وترميم إلى أن أصبح القصر الآن بؤرة للأنشطة الثقافية والفنية التي تخدم المجتمع، ومدرسة للإنشاد الديني ومعارض الفن التشكيلي الممزوجة بعبق التاريخ وتصدح الألحان والموسيقى في حفلات القصر الثقافية.
يحظى القصر بموقع استراتيجي مهم في قلب القاهرة القديمة حيث بني على أنقاض بيوت اشتراها الأمير طاز صاحب القصر وأحد الأمراء في عصر دولة المماليك البحرية فهو القصر الأول الذي ذهب السلطان من مقر حكمه لافتتاحه وهذا لم يحدث من قبل.
موقع القصر
يقع القصر بالقاهرة القديمة بمنطقة الخليفة بالقلعة بشارع السيوفية وسمي هذا الشارع بهذا الاسم نسبة لصناع السيوف وهو متفرع من شارع الصليبة. أنشأه صاحبه الأمير سيف الدين طاز بن قطغاج، أحد الأمراء البارزين في عصر دولة المماليك البحرية، والذي بدأ يظهر اسمه خلال حكم عماد الدين إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون (1343 – 1345م) إلى أن أصبح في عهد أخيه الصالح زين الدين حاجى أحد الأمراء ممن بيدهم الحل والعقد في الدولة في ذلك الوقت.
يعد هذا الشارع جزءا من الشارع الأعظم الذي يبدأ من تقاطع شارع محمد على فهو شاهد تطورا تاريخيا لهذه المنطقه فكان شارع السيوفية عبارة عن بساتين تحيط ببركة الفيل كما كان لبناء القلعة (٥٧٢ه/١١٧٦م) والسور الذي يحيط بالقاهرة أثر كبير في امتداد العمران للمنطقة المحيطة بالقلعة
مرحل حياة القصر
في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وعندما بلغ قصر الأمير طاز من العمر خمسمائة عام رأت الحكومة الخديوية أن تحيل القصر إلى الاستيداع وقررت تحويله إلى مدرسة للبنات طلبًا من على باشا مبارك أحد رواد التنوير حينذاك ولكن لم تمض سوي عشرات قليلة من السنين إلا وأخلت وزارة التربية والتعليم القصر ليس من أجل ترميمه والحفاظ عليه بعد أن ظهرت عليه آثار بداية الانهيار بشكل واضح ولكنها أخلته لتحويله إلى.. مخزن! ولأن القصر كبير ومتسع ويقع في قلب القاهرة فقد كان مؤهلًا فاقترح من قبل الوزارة أن يكون المخزن الرئيسي لمئات الألوف من الكتب الدراسية وعشرات العربات التي تم تكهينها ومئات الأطنان من الخردة بمختلف أنواعها.. ومن المثير للجدل أن استخدم سكان المنطقة القصر كمقبرة للحيوانات النافقة!.. لم يحتمل القصر كل هذا الهوان وهو الذي شهد وشاهد مئات السنين من العز والنعيم فانطوي على نفسه بعد أن داهمته الأمراض والعلل وتمايلت الكثير من جدرانه وانهارت العديد من غرفه.
وفي أكتوبر 1992 حيث الزلزال الشهير الذي أطاح تقريبًا بالقصر من أركانه وأعمدته وعلي مدي عشر سنوات ظل الحال كما هو عليه إلى أن حدث تلف في 10 مارس 2002 عندما انهار جانب كبير من الجدار الخلفي للقصر والمطل على حارة ضيقة بها عشرات البيوت المتهالكة يسكنها مئات آلاف المواطنين أصبحت حياتهم جميعا مهددة بالخطر منتظرين بين لحظة وأخرى ان ينهار للقصر مسألة ساعات لا أكثر.. قامت وزارة الثقافة ببدء مشروع ترميم القصر بعد إهماله لفترات طويلة ولكن المهمة كانت صعبة للغاية حتى أصبح القصر بؤرة للأنشطة الثقافية والفنية التي تخدم المجتمع.. ومدرسة للإنشاد الديني ومعارض الفن التشكيلي الممزوجة بعبق التاريخ وكأنه يروي لنا عبر أحجاره قصة حياته.
سيف الدين طاز
هو الأمير سيف الدين طاز بن قطغاج، أحد أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون.
وهو أحد الأمراء البارزين الذي قد ارتفع مقامه في حكم الصالح إسماعيل الناصر محمد (743-746هـ/1343-1345م) وفي عهد أخيه المظفر حاجى أصبح من أهم الأمراء الستة أرباب الحل والعقد الذين كانت بيدهم مقاليد الدولة، ثم زادت مكانته خلال الفترة الأولى لحكم الناصر. ثم ما لبث أن انقلب الأمير طاز على السلطان حسن وساعد على خلعه من السلطنة واستبداله بأخيه الملك الصالح فحفظ له الصالح هذه المساعدة وما لبث أن جعله دوادار دولته، وحين أعيد السلطان حسن للحكم للمرة الثانية أخرج طاز من القاهرة وتولى نيابة حلب.
ولكنه ما لبث أن خرج على السلطان وجمع اتباعه فثار عليه أمراؤها حتى هزم وعزل عن نيابتها وأمر بالعودة إلى القاهرة، وتم القبض عليه وكحل عينيه فعمى. واعتقل بالكرك ثم نقل إلى الإسكندرية فسجن بها حتى أفرج عنه بعد مقتل الناصر حسن. فعاد إلى القدس ومنها إلى دمشق في أواخر سنة 762هـ / 1360م، وظل بها حتى مات في العشرين من ذي الحجة سنة 763هـ/ 1361م.