تعيش ليبيا أزمات إنسانية واجتماعية متعددة وخطيرة، منذ اضطرابات فبراير ألفين وأحد عشر، لكن تبقى مشكلة المهاجرين هي الأكثر مأساوية في ظل عجز الحكومات المتعاقبة على إيجاد حلول ناجعة لها، مما جعل هذه القضية مثل الخنجر المسموم المغروس في ظهر جهود المصالحة الوطنية.
وزير الدولة لشئون المهجرين وحقوق الإنسان بحكومة الوحدة المؤقتة، أحمد أبو خزام، كان أحدث من أدلى بتصريحات حول هذه القضية الخطيرة، أعرب فيها عن أمله أن يلقي توقف الحرب الأهلية، بظلال إيجابية على عملية إعادة إعمار المساكن المهدمة لكي يتسنى للنازحين العودة لديارهم.
أبو خزام أشار إلى المشكلات تعوق عودة المهجرين إلى مناطقهم، وأهمها وجود الألغام ومخلفات الحرب في بعض أحياء العاصمة.
وزير شئون المهجرين قال إن عدم توافر الأموال اللازمة لإعادة بناء المساكن المهدمة، يعد تحديا خطيرا أمام عودة أغلب النازحين لمنازلهم، مشيرا إلى قرب إطلاق وزارته لمنظومة متكاملة تستهدف حصر أعداد النازحين والمهجرين داخل ليبيا وخارجها، والوقوف على مطالبهم، بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي، ومركز المعلومات والاتصال برئاسة الوزراء، والسفارات الليبية بالخارج.
وحول تضمين الميزانية العامة بندًا يسمح بتعويض النازحين بسبب تهدم منازلهم، أكد أبو خزام أن هذه التعويضات تحتاج ميزانية خاصة، نظرًا لارتفاع حجم الضرر وامتداده لعموم البلاد.
معضلة أخرى أقر بها وزير شئون المهجرين، هي وجود خلافات بين بعض النازحين مع جيرانهم، أو مع أولياء الدم، وهو ما يستدعي تفعيل المصالحة الوطنية وتحويلها إلى واقع أولا حتى يمكن تسريع وتيرة النازحين إلى مناطقهم دون مخاوف أمنية.
قلق بالغ أعرب عنه أبو خزام بشأن ضعف مستوى الإجراءات الاحترازية داخل مخيمات النازحين، ولا سيما نازحي تاورغاء، لكنه في الوقت ذاته لم يشر إلى أي حلول مطروحة على الرغم من التفشي الخطير لوباء كورونا.
عيد فطر جديد هو العاشر الذي يمر على الليبيين، وهم بين نازح ومهجر جراء الحرب الأهلية التي أكلت الأخضر واليابس، وتحت مظلة من العجز عن تقديم حلول واقعية لتحسين أوضاعهم، يبقى النازحون والمهجرون مرشحون للبقاء كمعضلة إنسانية خطيرة لأعوام أخرى.
في الوقت ذاته لا تقل معضلة المحتجزين والمعتقلين في السجون منذ عام 2011، خطورة من مشكلة النازحين، لا سيما وأن تصفية هذا الملف يعد جزءا أساسيا من دعم عملية المصالحة الوطنية.
عضو ومقرر اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، مصطفى يحي، أعلن عن إتمام عملية جديدة لتبادل المحتجزين بين طرفي النزاع في منطقة الشويرف، مشيرا إلى أن جميع المفرج عنهم والبالغ عددهم 35 محتجزًا يتمتعون بصحة جيدة، ووصل أغلبهم لمناطقهم.
عضو اللجنة العسكرية أكد أن عملية الإفراج جاءت نتاجا لجهود خيّرة من كلا الطرفين وحضرها عدد من أعيان ومشايخ الشويرف.
في الوقت ذاته رحبت لجنة حقوق الإنسان في ليبيا بالإفراج عن دفعات من المعتقلين والسجناء، من سجني قرنادة والكويفية،مؤكدة على أهمية هذه الخطوات في دعم جهود إحلال السلام والمصالحة الوطنية والاجتماعية.
اللجنة طالبت حكومة بإطلاق سراح جميع المعتقلين والمحتجزين تعسفيا، والكشف عن مصير المختطفين والمختفين قسريًا، لأن هذا الأمر يمثل إجراء حيويا لبناء الثقة فيما بين جميع الأطراف، ويسهم بشدة في دعم عملية المصالحة الوطنية التي تعزز سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بدورها أعلنت دعمها لخطوات إطلاق سراح المعتقلين، داعية جميع الأطراف إلى الإفراج عن كل المحتجزين تعسفيا، كما أكدت أن الإفراج عن السجناء يمثل إجراء حيويا لبناء الثقة، ويسهم في دعم عملية المصالحة الوطنية، باعتبارها أساسا ضروريا لتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.
ورغم ذلك يبقى رد فعل الميليشيات التي تحاصر السجون لمنع إطلاق سراح بعض خصومها، شوكة في خصر جهود تصفية هذا الملف.