لا يزال قطاع السياحة العالمي يعاني أشد المعاناة من جراء انتشار فيروس كورونا المستجد، وأعلن البنك الدولي في أحدث تقاريره الصادرة، أمس الجمعة، أن الانخفاض الحاد في حركة السفر الدولي ادي إلى خسارة بلغت نحو 1.3 تريليون دولار من عائدات التصدير، أي ما يربو على 11 ضعف الخسارة التي تكبدها العالم في أثناء الأزمة الاقتصادية الأخيرة في عام 2009.
وقال البنك الدولي، إن صناعة السياحة تمثل إحدى أشدّ الصناعات تضررًا بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، فعلى مدى عام منذ اندلاع هذه الجائحة، سجلت المقاصد السياحية تراجعًا في عدد السياح الأجانب في عام 2020 بمقدار مليار سائح مقارنة بعام 2019، وتعرض ما يتراوح بين 100 مليون إلى 120 مليون وظيفة في قطاع السياحة للخطر، نسبة كبيرة منها في الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ويرى خبراء قطاع السياحة في العالم، أن تعافي القطاع يحتاج إلى ثلاث خطوات واضحة من أجل بناء مستقبل أفضل للسياحة. أولًا، تحسين مستوى ثقة المسافرين؛ ثانيًا، فهم اتجاهات السوق الجديدة ومحركات الطلب وتتبعها؛ ثالثًا، الالتزام ببناء قطاعات سياحة أكثر شمولًا وقدرة على الصمود، وذلك عن طريق الاستفادة من الاهتمام المتجدد بالاستدامة - وهو أمر له أهميته على المدى الطويل.
واتفق الخبراء والمتخصصين على الحاجة إلى بناء صناعة سياحة أكثر شمولًا، حيث تشير الإحصائيات الدولية إلى أن السفر على المدى القريب سيتحول إلى المقاصد السياحية، والسياحة الداخلية والقريبة، بالإضافة إلى النمو القوي في سياحة الطبيعة وسياحة المغامرات، مما يبرز تزايد الأهمية التي يوليوا المستهلكون للاستدامة. ويمكن أن تركز برامج التعافي التحفيزية للسياحة على إعادة بناء المواقع السياحية لتكون أكثر استدامة، مما سيخلق فرص عمل في عملية إعادة البناء بالإضافة إلى تعزيز قدرتها على الجذب.
وتُعد التكنولوجيا الرقمية مجالًا آخر يستحق الاهتمام، حيث تلعب تكنولوجيا الواقع الافتراضي دورا مهما في جذب اهتمام السائحين في أثناء الإغلاق، وبوصفها مصدرًا للبيانات لتوجيه عمليات التخطيط واتخاذ القرار، وستواصل التكنولوجيا لعب دور متزايد في سياحة الإقامة الطويلة، حيث يبحث المزيد من العمال عن خيارات العمل من المنزل والعمل عن بُعد، وقد أدت أزمة فيروس كورونا إلى زيادة عدد المتنقلين الرقميين الباحثين عن فرص للعمل من المقاصد السياحية. ومع طرح لقاحات فيروس كورونا، وإعادة فتح المكاتب، سيتعين على المقاصد السياحية مراقبة استمرارية هذه السوق عن كثب.
وأكد خبراء البنك الدولي أن الطريق إلى تعافي قطاع السياحة والسفر سيتطلب التحلي بروح الابتكار والتعاون. وعلى الرغم من أن الجائحة أبعد ما تكون عن نهايتها، يجب علينا أيضًا التخطيط لبناء مستقبل أفضل - من حيث المشاركة على مستويات الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والشركاء الآخرين - والاستعداد لتغيير نماذج الأعمال وهياكل الحوكمة لتلبية الطلب الجديد والمختلف.
وسيكون تعميم الإجراءات بشكل واضح لإعادة بناء ثقة المستثمرين والمستهلكين مهمًا على المدى القصير. وعلى المدى الطويل، سيكون تعزيز الاستدامة والقدرة على الصمود، وتشارك المنافع على نحو أكثر إنصافًا أمرًا بالغ الأهمية أيضًا. ويمكن لهذه النُهج مجتمعة تنشيط قطاع السياحة العالمي، وتسخير قوته في السوق لدعم الاقتصادات، وخلق فرص عمل، ودفع نواتج عملية التنمية التي تعطي الأولوية للناس ومجتمعاتهم المحلية.
في هذا السياق، أكد عماري عبد العظيم، الخبير السياحي، قطاع السياحة سيظل يعاني من آثار جائحة كورونا المستجد، لحين استقرت الوضع الصحي في العالم، وهذا لن يتم قبل 2022.
وأضاف عبد العظيم في تصريحاته لـ "البوابة نيوز"، أن السياحة تحتاج إلى حلول على المدى القريب بشكل عاجل، من خلال صياغة سياسات تعالج القصور الذي يعاني منه القطاع طوال السنوات الماضية، بالإضافة إلى وضع خطة مستقبلية تندرج منها ضوابط لأحكام العمل في القطاع والسيطرة على العشوائية التي يعاني منها العاملون في القطاع.
وتابع: "معالجة أوجه القصور تعد البداية الحقيقية لإصلاح القطاع وتشجيع الاستثمار في القطاع وجذب المزيد من السياح إلى المزارات السياحية المختلفة والمتنوعة التي تتمتع بها مصر".
وأوضح الخبير السياحي أن جذب السياح الأجانب من الخارج يحتاج إلى متخصصين ولكن في الفترة الأخيرة أصبح القطاع مليء بالدخلاء على المهنة، وأصبح بإمكان أي شخص إنشاء مواقع والتواصل مع الوكالات لجذب السياح، كما أن القطاع يحتاج لإعادة هيكلة محاوره الرئيسية من أجل تمهيد الطريق للنهوض بالسياحة المصرية.
من جهته، قال وائل النحاس الخبير الاقتصادي، إن توقف قطاع السياحة، أثر بالسلب على العديد من القطاعات المكملة له خلال الفترة الماضية.
وأضاف النحاس أن السياحة مرتبطة ارتباطا وثيقا بقطاعات ضخمة كما توفر الملايين من فرص العمل ولهذا فإن العمل في قطاع السياحة مرتبط بصناعة وتوفير المواد الغذائية كما يرتبط بالعديد من الأنشطة الترفيهية والتجارية، فالسائح يأتي إلى مصر ليس للترفيه فقط بل يتجول في شتى الانحناء ويشتري احتياجاته من السوق وبذلك يحدث رواج تجاري وانعاش للتجارة الداخلية، كذلك الأمر بالنسبة لقطاع السفر والنقل، ومن هنا نقول ان تراجع السياحة يؤدي لتراجع العديد من القطاعات المرتبطة به.