نجحت مصر في كسب ثقة المؤسسة العالمية ستاندرد اند بورز التى أبقت على التصنيف الائتمانى لها بالعملتين المحلية والأجنبية كما هو دون تعديل عند مستوى «B»، مع الإبقاء أيضا على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى «Stable Outlook»، للمرة الثالثة على التوالى منذ بداية أزمة كورونا، مما يعكس استمرار ثقة المؤسسات الدولية ومؤسسات التصنيف الائتمانى في صلابة الاقتصاد المصرى وقدرته على التعامل مع تداعيات كورونا، مقارنة بالدول ذات التصنيف الائتمانى المماثل أو الأعلى، في الوقت الذى تدهورت فيه الأوضاع الاقتصادية بمعظم الدول النظيرة والناشئة.
وقال الدكتور أيمن عبد المقصود الخبير الاقتصادى، إن تحسن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية مثل استقرار أوضاع المالية العامة، وتنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية ساهمت في تحسين بيئة تشغيل الأعمال وضمان استدامة أوضاع المؤشرات الاقتصادية، هو ما دفع المؤسسة للإبقاء على تصنيف مصر الائتمانى، بالإضافة إلى وجود احتياطى نقد أجنبى كبير ومطمئن.
وأضاف عبد المقصود، أن تقرير المؤسسة ركز على توازن السياسات الاقتصادية والمالية التى تتبعها الحكومة ووزارة المالية خلال السنوات الماضية وخلال فترة التعامل مع جائحة كورونا أسهم في أن يكون الاقتصاد المصرى واحدا من الاقتصادات التى تحقق تحسنا في معدلات البطالة خلال عام ٢٠٢٠ حيث سجل الاقتصاد المصرى معدل نمو بلغ ٣،٦٪ خلال العام المالى ٢٠١٩/ ٢٠٢٠ ومن المتوقع أن يحقق ٢.٨٪ خلال العام المالى الحالى، نتيجة المساهمة الإيجابية والمرتفعة لعدة قطاعات وعلى رأسها قطاع تكنولوجيا المعلومات وقطاع الصحة والخدمات الحكومية وقطاع تجارة الجملة والتجزئة وقطاع الزراعة، وقد أسهم الأداء القوى ونمو هذه القطاعات في الحد من التأثير السلبى للجائحة على عدد من القطاعات الاقتصادية مثل قطاع السياحة والطيران والصناعات التحويلية والبترول والثروة المعدنية.
ولفت عبد المقصود إلى توقعات مؤسسة «ستاندرد أند بورز» بتحسن آفاق نمو الاقتصاد المصرى بسبب التزام الحكومة بمسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية، كما تتوقع معاودة التحسن التدريجى لمعظم المؤشرات الاقتصادية والمالية في المدى المتوسط ومنها عودة معدلات الدين الحكومى في الانخفاض كنسبة للناتج المحلى وتحسن وانخفاض أعباء فاتورة خدمة الدين بسبب استمرار تحقيق فائض أولى بقيمة ٢٪ من الناتج المحلى خلال السنوات المقبلة نتيجة لجهود وزارة المالية في إطالة عمر الدين ليصل إلى ٣.٢ عام خلال ٢٠٢٠ ونحو ٣.٦ عام بنهاية يونيو ٢٠٢١، على ضوء انخفاض معدلات الفائدة المحلية.
وقال أحمد معطى الخبير الاقتصادى، إن جهود الحكومة وخطة الإصلاح الاقتصادى نجحت خفض عجز الموازنة العامة خلال العام المالى ٢٠٢١/ ٢٠٢٢ إلى ٦.٧٪ من الناتج المحلى نزولا من ٧.٨٪ من الناتج المحلى كمستهدف للعام المالى الحالى.
وأكد معطى أن قرار المؤسسة جاء مستندا إلى إيجابية العديد من الإجراءات التى اتخذتها الحكومة للحفاظ على استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية مثل جهود ترشيد الإنفاق وزيادة المخصصات الموجهة لقطاعى الصحة والتعليم والتمويل الموجه لبرامج الحماية الاجتماعية مثل «تكافل وكرامة» وارتفاع التحويلات النقدية للفئات الأكثر احتياجا، إضافة إلى جهود مساندة المصدرين، وسعى وزارة الصناعة لتسديد متأخرات المصدرين، مما ساهم في تنشيط القطاع الصناعى ورفع معدلات التصدير.
ولفت معطى إلى تركيز المؤسسة على الإجراءات التى اتخذتها وتستهدفها الحكومة لتنمية الموارد والإيرادات الحكومية بما يسهم في تحقيق زيادة في نسبة الإيرادات الضريبية للناتج المحلى بمعدل ٥،٪ سنويا خلال الثلاث سنوات المقبلة من خلال توسيع القاعدة الضريبية.
وكان تقرير مؤسسة «ستاندرد أند بورز» أشاد بوجود قاعدة تمويل محلية واسعة وقوية، ورصيد مطمئن من الاحتياطيات من النقد الأجنبى وهما عناصر تمثل مصدر قوة وصلابة للاقتصاد المصرى، والتى تعد من أهم العوامل التى قد تؤدى إلى رفع التصنيف الائتمانى لمصر في المدى المتوسط هو مواصلة جهود الضبط المالى واستمرار خفض مسار ومعدلات الدين الحكومى للناتج المحلى مما يسهم في خفض الاحتياجات التمويلية للاقتصاد المصرى وتحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة وجيدة.