الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

الإرهاب في أفريقيا.. هزات عنيفة للتنظيمات المتطرفة بالقارة السمراء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت أفريقيا خلال العام الماضي تعزيز إجراءات مكافحة الإرهاب، فعلي سبيل المثال نجحت “عملية برخان” في اصطياد أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي “عبدالملك دروكدال” في 3 يونيو 2020 في منطقة نائية شمال دولة مالي بالقرب من الحدود الجزائرية، وفي نوفمبر من ذات العام تمكنت قوة برخان أيضا من استهداف «باغ أغ موسى» قائد العمليات في تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين، وعلي جانب أخر شحذت دول الساحل والصحراء قواها لمواجهة التنطيمات الإرهابية، فالسلطة العسكرية التي تولت السلطة في مالي عملت على غلق حدود البلاد وتوجيه ضربات مؤلمة للتنظيمات المتطرفة في شمال البلاد وذلك في أغسطس 2020.



وفي طور تطور الإرهاب في القارة، شكلت هزيمة "داعش" في سوريا والعراق، هزات عنيفة للتنظيمات المتطرفة، والتي وجدت في القارة السمراء بيئة خصبة ومناسبة للتمدد وبناء قواعدها من جديد، واستقطاب عناصر جديدة؛ استغلالًا للمشكلات التي يغرق فيها عديد من دول القارة، لا سيما مشكلات عدم الاستقرار السياسي في بعض تلك الدول.

ومن ثمّ تصاعدت وتيرة العمليات الإرهابية بشكل لافت، حتى إن العام 2020، وبالرغم من جائحة كورونا العالمية، شهد في الستة أشهر الأولى منه 1168 هجومًا إرهابيًا، بزيادة بنحو 18 % في عدد العمليات مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، وفق معهد الدراسات الأمنية بجنوب أفريقيا، ما يعكس حالة التطور وتصاعد الهجمات استغلالًا للثغرات الأمنية الموجودة.
بدأت التنظيمات المتطرّفة تتخذ من قارة أفريقيا كقارة بديلة أو ملاذ آمن بعد فشل مخطط "داعش" في سوريا والعراق، وإعلان هزيمته رسمي، وظاهرة الإرهاب في طريقها للتوسع أُفقيا في مناطق وأقاليم أفريقية جديدة ففي نهاية مارس 2021 وقع هجوم على مدينة بالما شمال موزمبيق، وهو الهجوم الذي يرسخ لتواجد فعلي وقوي للتنظيمات الإرهابية في إقليم جنوب أفريقيا الذي ظل عصى على التواجد الإرهابي طوال السنوات الماضي.

ضربات قاصمة

رغم تواصل العمليات الإرهابية في أفريقيا خلال العام 2020و 2021، إلا أن التنظيمات الإرهابية نالت عديد من الضربات القاصمة، كان أهمها مقتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي عبد المالك درودكال، في يونيو من العام الماضي، بمنطقة تساليت شمالي مالي، في وقت تواصلت الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب في القارة، خاصة في الشهور الأولى من هذاالعام، وتم تشكيل قوة عسكرية مكونه من 11 دولة أوروبية من بينهم فرنسا إضافة إلى مالي والنيجر لمحاربة الإرهاب في القارة، والتي نفذت عددًا من العمليات الواسعة في منطقة الساحل، تكبدت على أثرها المجموعات الإرهابية خسائر باهظة.
أشار مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020 إلى أن العدد الإجمالي للوفيات والهجمات الإرهابية في أفريقيا بين عامي 2007 و2019 بلغ 50456 ضحية، وتؤكد المعطيات أن أغلبية النشاطات والحوادث المتعلقة بالإرهاب حدثت في بلدان «مركز البؤرة» التي عانت من 62 في المائة من مجموع الهجمات، و68 في المائة من مجموع الوفيات في أفريقيا.

وأكد مرصد الأزهر في تقرير له مطلع العام الجاري، أن ديسمبر الماضي شهد 52 عملية إرهابية، وهو نفس عدد العمليات خلال نوفمبر. وأشار إلى أن حركة الشباب الإرهابية نفذت خلال ديسمبر 22 هجومًا، بينها 7 في كينيا، وأسفرت عملياتهم عن 77 قتيلًا، وعشرات الإصابات، فيما تراجع نشاط الحركة في الصومال.

تشير معطيات متعلقة بالإرهاب في القارة الأفريقية إلى أن جماعة "بوكو حرام" الإرهابية، قامت بتكثيف نشاطها الإرهابي غرب القارة الأفريقية موقعة 91 قتيلًا وأكثر من 120 جريحًا. وورد أن الجماعة نفذت 18 عملية إرهابية، بينها 12 عملية في نيجيريا، و5 في النيجر، وواحدة في الكاميرون.
ورصد تقارير دولية، أن إجمالي عدد الهجمات المسلحة التي شهدتها دول القارة الأفريقية خلال بداية 2021، بما يعكس تصاعد خطورة التنظيمات المتطرفة في القارة السمراء، في الوقت الذي حذر فيه خبراء من تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية، في ظل استمرار الظروف التي تجسعل من القارة بيئة خصبة لنمو الجماعات والتنظيمات المتطرفة.


حيث استقبالت القارة السمراء العام الجديد 2021 بـ 66 هجوما دمويا، أسفر عن سقوط 642 قتيلا و96 جريحا، بخلاف تشريد ونزوح المئات وخطف واعتقال العشرات، وذلك في 15 دولة أفريقية مختلفة.

ويعد إقليم شرق أفريقيا كان الأكثر دموية خلال بداية 2021وحتي الآن، بعد أن سقط خلاله 368 ضحية 57.2 بالمائة من إجمالي ضحايا الهجمات المسلحة.

فيما جاء السودان في مقدمة الدول من حيث أعداد الضحايا، بعد أن شهد سقوط 207 ضحايا، بينما وضع التقرير الصومال على رأس الدول من حيث أعداد الهجمات الإرهابية، بعد أن شهد البلد خلال هذا الشهر 12 هجوما إرهابيا.


من جانبه قال هشام النجار، باحث في شئون الحركات الإسلامية،، إن لوضع لا يزال يزداد سوءا، رغم الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب"، حيث إن تلك الجهود لا تتماشى مع تنامي ظاهرة الإرهاب في كل أقاليم القارة".
وأضاف النجار في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن الإرهاب في القارة بدأ يتخذ وتيرة متسارعة، مستغلًا ضعف التنمية لدى الكثير من دول القارة، وكذلك ضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، مما سهل لجماعات العنف والتطرف تواجدهم في أفريقيا، وأغلب تلك التنظيمات مثل تنظيم بوكو حرام في نيجيريا سبقت وأعلنت مبايعتها لـ "داعش"، ومنها تنظيمات تبايع "القاعدة" مثل حركة الشباب الصومالية.
بينما قال عبدالناصر مامون، باحث في الشأن الأفريقي، إن شهدت السنوات القليله المنصرفة عدة انتكاسات وتراجعات في نشاط القاعدة في أفريقيا ويرجع المراقبون ذلك إلى خسارة التنظيم لقيادات الصف الاول الذين كان لديهم القدرة على إعطاء التنظيم زحما كبيرا والقدرة على التخطيط والمراوغة وجلب التمويل امثال الظواهري ونائبه ابي محمد المصري وحمرة بن لادن وابومحسن المصري وابو محمد السوداني وابوالقاسم الأردني وكذلك الضربات الانتقائية المركزة التي تقوم بها القوات الأمريكية في الصومال خاصة وكذلك النشاط العسكري الفرنسي والذي اشتد مؤخر في منطقة الساحل الأفريقي والتي نجحت في تصفية زعيم التنظيم في الشمال الأفريقي ابو مصعب عبدالودود الجزائري.
وأضاف مأمون في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن للقوات الفرنسية أثرا بالغا في تراجع نشاط وقوت التنظيم في منطقة الساحل نتيجة عمليات نوعية قوية كان منها عملية الكسوف مع الجيش المالي في منطقة دي سيرما التي يسيطر عليها التنظيم وقد قتل فيها عدد كبير من عناصر التنظيم وفرا الناجين إلى داخل الصحراء البوركينية كذلك الصراع على قوة النفوذ بين القاعدة وداعش نظرا للاختلاف الايديولوجي بينهم،

وأشار، إلى أن فكرة التنقل ما بين حدود الدول الأفريقية دون وجود رقابة حقيقية ساعدت على وجود جماعات العنف والتطرف، خاصة في منطقة الساحل والصحراء، ما أدى إلى تمركز هذه التنظيمات في هذه الدول، وبهذه الطريقة ينتقل هؤلاء المتطرفون بشكل جعل قارة أفريقيا بكاملةا هي قارة موبوءة بالتنظيمات المتطرفة، بل وتضع هذه التنظيمات عينها على هذه القارة وتسعى بشكل حثيث إلى إنشاء الدولة البديلة لدولة داعش المزعومة.
في المقابل قال محمد ربيع الديهي،باحث في الشان الدولي، إن بعد التضييق على التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، لم يجدوا ملاذا سوى القارة الأفريقية كساحة جديدة لهم، فأعلنوا الاتجاه إليها وإعادة بناء قواعدهم بشكل واسع فيها، مستغلين التنظيمات المتواجدة هناك بالفعل".

وأضاف الديهي،أن الجماعات إلى أفريقيا نقلت قطاع كبير إلى منطقة الساحل والصحراء، التي تشهد تصاعدا مستمرا في وتيرة العمليات الإرهابية"، موضحا أن إقيلمي شرق وغرب القارة يشهدان نشاطا للعمليات الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات المتطرفة.

وأشار، إلى أن قيادات وعناصر تنظيم داعش في سوريا والعراق هم من أصول أفريقية، وبعد خسارة التنظيم هناك، سعى هؤلاء إلى العودة إلى بلادهم الأصلية، وظلت أعينهم موجهة على القارة التي ينظر إليها التنظيم باعتبارها الملاذ البديل، من أجل إعادة بناء التنظيم من جديد، واكتساب قاعدة كبيرة جديدة".

استراتيجة جماعات العنف والإرهاب في القارة السمراء
يرى عدد من المحللين أن الجماعات المسلحة الإسلامية الناشطة في شمال أفريقيا غيرت استراتيجيتها نحو التفجيرات المثيرة في الأماكن العامة في البلدات، متخلية عن هجمات الكر والفر على الشرطة في المناطق الريفية، كما أن تغيير الجماعات السلفية للدعوة والقتال لاسمها جاء طبقا لخطة تهدف إلى جذب اهتمام إعلامي كبير، ولا يستبعد المحللون أيضا أن يكون مفجري الدار البيضاء والجزائر يتقاسمون الخبرة في تصنيع القنابل والمتاحة بسهولة على الإنترنت، وربما حركتهم نفس المواعظ عن الاستشهاد الموجودة على شرائط صوتية وأقراص مدمجة متاحة بسهولة في الأحياء الفقيرة في كل من المدينتين، غير أنهم أشاروا إلى وجود اختلافات بين الجماعات المسلحة بالمنطقة ففي المغرب، وهو مجتمع فقير ولكن مستقر، يقول الخبراء إن السلفيين الراديكاليين الساعين إلى جذب مجندين للقيام بمهام انتحارية يستهدفون الشبان الأميين والعاطلين من الأحياء الفقيرة بمدن الدار البيضاء وطنجة وتطوان. فيما يتألف تنظيم الجماعات المسلحة في الجزائر من مقاتلين يتمركزن في المناطق الجبلية شرقي العاصمة الجزائر حيث تحاول الحكومة تأكيد سيطرتها هناك.



صلة الفقر بالإرهاب

يعد الفقر وغياب التنمية من أهم الأسباب التي تساهم في انتشار الأفكار المتطرفة والإرهابية بالقارة الأفريقية، التي يوجد بها الكثير من التنظيمات المتطرفة متعددة المشارب: من "بوكو حرام" و"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و"جماعة المرابطون" إلى "جيش الرب" والتنظيمات الإرهابية في وسط القارة، وصولا إلى "حركة الشباب الصومالية" في شرق القارة.

وتظهر جميع المؤشرات أن أفريقيا هي أفقر قارات العالم، إذ يعاني ثلث تعداد سكانها من الجوع، ويموت نحو سدس عدد أطفالها قبل سن الخامسة، برغم استمرار الزيادة السكانية في الكثير من دولها، وما زال الركود الاقتصادي، وانخفاض مستويات المعيشة سائدًا في أغلب مناطقها، وفق إحصائيات الأمم المتحدة.

ففي بلدان مثل مالي والنيجر، يعيش 90٪ في فقر مدقع، وهنا يرى خبراء ومحللون أن تنمية المجتمعات المجتمعات التي ينتشر فيه آفة الإرهاب، تعتبر هي حائط الصد الأول لمواجهة تلك الظاهرة، لأن الجماعات المتطرفة تستغل حاجة السكان الاقتصادية من أجل ضم وتجنيد أفراد جدد، وتطوير هذه المجتمعات سيساعد في إحداث التنمية ومحاربة الإرهاب.