رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

احتفالات الفاطميين بعيد الفطر كما جاءت في "النجوم الزاهرة"

احتفالات الفاطميين
احتفالات الفاطميين بعيد الفطر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى كتابه "النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة" يتحدث أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن الأمير سيف الدين تغرى بردى المعروف بـ"ابن تغرى بردى" عن عادات وطقوس الخلفاء الفاطميين فى احتفالاتهم بعيد الفطر المبارك، وذلك بعدما يكتمل شهر رمضان ثلاثين يومًا، حيث يؤكد المؤرخ على دوام اكتمال الأيام الثلاثين بشكل دائم عندهم.
الخروج إلى الصلاة من باب العيد
قال مؤلف "النجوم الزاهرة" إن الخليفة بعد تمام رمضان يركب وينزل للناس، ولباسه فى هذا اليوم الثّياب البياض الموشّحة، وهى أجلّ لباسهم؛ والمظلّة أبدا زيّها تابع لزىّ ثياب الخليفة. ويخرج الخليفة من باب العيد إلى المصلى، وعساكره وأجناده من الفرسان والرجّالة زائدة على العادة موفورة العدد، فيقفون صفّين من باب العيد إلى المصلّى.
ويكون صاحب بيت المال قد تقدّم على الرسم لفرش المصلّى، فيفرش الطرّاحات على رسمها فى المحراب مطابقة؛ ويعلّق سترين يمنة ويسرة، على الستر الأيمن الفاتحة وسبّح اسم ربّك الأعلى، وعلى الأيسر الفاتحة وهل أتاك حديث الغاشية؛ ويركز فى جانبى المصلّى لواءين مشدودين على رمحين قد لبّست أنابيبهما من الفضّة، ويرخيهما. فيدخل الخليفة من شرقىّ المصلّى إلى مكان يستريح فيه قليلا، ثم يخرج محفوظا كما يخرج للجمعة، فيصلّى بالتكبيرات المسنونة والقوم من ورائه على ترتيبهم فى صلاة الجمعة. ويقرأ فى الأولى بعد الفاتحة سبّح اسم ربّك الأعلى، وفى الأخرى الغاشية؛ ثم يصعد إلى ذروة المنبر.
على المنبر يستدعى الخليفة عددا من رجال الدولة منهم القاضى والوزير للوقوف حوله، وكّل له مقام يمنة أو يسرة؛ ثمّ يشير إليهم الوزير فيأخذ كلّ واحد نصيبا من اللواء الذي يحاذيه، فيسترون الخليفة ويستترون؛ ثمّ يخطب الخليفة خطبة بليغة. فإذا فرغ كشفوا ما بأيديهم من الألوية وينزلون أوّلا بأوّل القهقرى.
فرش مائدة طعام العيد للناس بين يدى الخليفة
ينزل الخليفة إلى مكانه الذى خرج منه، ويركب فى زيّه المفخّم إلى قريب من القصر؛ فيتقدّمه الوزير، ويدخل من باب العيد، فيجلس في الشّباك، وقد نصب منه إلى فسقية كانت في وسط الإيوان سماط طوله عشرون قصبة، فيدخل الناس فيأكلون ولا منع ولا حجر، فيمرّ ذلك بأيدى الناس وليس هذا ممّا يعتدّ به، بل يفرّق إلى الناس، ويحمل إلى دورهم، ونذكر مصروفها فى ترجمة العزيز؛ فإنّه أوّل من رتّبها فى عيد الفطر خاصّة.
وأمّا سماط الطعام ففى يوم عيد الفطر، أولى وثانية، وفى عيد النحر مرّة واحدة، ويعبّى السّماط فى الليل، وطوله ثلاثمائة ذراع فى عرض سبع أذرع، وعليه من أنواع المأكل أشياء كثيرة، فيحضر إليه الوزير أوّل صلاة الفجر والخليفة جالس فى الشبّاك، ومكّنت الناس منه فاحتملوا ونهبوا ما لا يأكلونه، ويبيعونه ويدّخرونه، وهذا قبل صلاة العيد.
فإذا فرغ من صلاة العيد مدّ السّماط المقدّم ذكره فيؤكل، ثمّ يمدّ سماط ثان من فضّة، يقال له المدوّرة، عليها أوانى الفضّة والذهب، فيها من الأطعمة الخاصّ ما يستحى من ذكره.
والسّماط بطول القاعة، عرضه عشرة أذرع، ويحطّ فى وسط السماط واحد وعشرون طبقا فى كلّ طبق واحد وعشرون خروفا؛ ومن الدجاج ثلاثمائة وخمسون طائرا، ومن الفراريج مثلها، ومن فراخ الحمام مثلها، وتتنوّع الحلوى أنواعا؛ ثم يمدّ خلال تلك الأطباق أصحن خزفيّات فى جنبات السّماط، فى كلّ صحن تسع دجاجات في ألوان فائقة من الحلوى، والطّباهجة المفتقة بالمسك الكثير، وعدّة الصحون خمسمائة صحن، مرتّب كلّ ذلك أحسن ترتيب، ثم يؤتى بقصرين من حلوى قد عملا بدار الفطرة، زنة كلّ واحد سبعة عشر قنطارا.