تحت مظلته الواسعة، وعلى خشبته المثيرة، تجتمع فنون التمثيل والرقص والغناء والأداء والتلحين والموسيقى، والمناظر والديكور، لذا كان المسرح أبو الفنون، وخلال رحلته الطويلة شهدت خشبته مجموعة من الرائدات منذ مراحله المبكرة، اللاتى قدمن بدورهن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان.
وقد أختص المؤرخ المسرحى د. عمرو دوارة «البوابة نيوز» بموسوعته الجديدة غير المسبوقة، التى تحمل عنوان «سيدات المسرح المصري». التى لم تنشر حتى الآن؛ حيث تضم السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن فى المساهمة بإبداعهن فى إثراء مسيرة المسرح المصري. ويصبح لنا السبق فى نشر 30 رائدة مسرحية على مدى ليالى رمضان الكريم، بهدف القاء الضوء على رائدات المسرح المصرى بمختلف تصنيفاته، وتكون بداية هذه السلسلة بالسيدات اللاتى برعن فى تجسيد دور «الأم» لأهمية هذه الشخصية المحورية فى الحياة بصفة عامة والدراما العربية بصفة خاصة.
كان المسرح المدرسي شاهدا على بداية هواية ابنة محافظة القليوبية الفنانة عائشة حسين إسماعيل والمشهورة بـ"رجاء حسين" للتمثيل، وبالتحديد خلال فترة الدراسة الثانوية بمدرسة "طنطا الثانوية للبنات"، وقد نجحت بعد ذلك في صقل موهبتها بالدراسة فتخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية عام ١٩٥٩، ضمن دفعة ضمت نخبة من الموهوبين الذين حققوا نجوميتهم بعد ذلك من بينهم: "عزت العلايلي، عايدة عبدالعزيز، عبدالرحمن أبو زهرة"، ثم تزوجت من الفنان سيف الدين عبدالرحمن، وأنجبا ابنة، وابن عميد أركان حرب بالقوات المسلحة كريم سيف، الذي استشهد في ٢٠١٤؛ فهي الشقيقة الكبرى للفنانة الراحلة ناهد حسين.
وذكر الدكتور عمرو دوارة، أن السينما لم تستطع الاستفادة من موهبتها وقدراتها الفنية، بالرغم من مشاركتها كبار النجوم في أدوار مؤثرة دراميا، استطاعت أن تضع بصمة قوية من خلالها، فقد شاركت بأداء بعض الأدوار الثانوية في عدد ما يقرب من خمسة وثلاثين فيلمًا سينمائيًا، وهو عدد لا يعد صغيرًا، ولكنها للأسف لم تحظ بفرصة البطولة المطلقة، وبالتالي تظل جميع مشاركاتها السينمائية لا تتناسب مع حجم موهبتها وخبراتها، ومن بين أهم هذه الأفلام المتميزة: "العصفور، عودة الابن الضال، حدوتة مصرية"، "إسكندرية كمان وكمان" مع القدير يوسف شاهين، "أريد حلا" مع المخرج سعيد مرزوق، "أفواه وأرانب" مع المبدع بركات؛ وقد تضمنت قائمة مشاركاتها السينمائية خلال الفترة من ١٩٦٠ حتى الآن الأفلام التالية: "مال ونساء، حياتي هي الثمن، الليالي الدافئة، الخرساء، الدخيل، ملكة الليل، العصفور، الشوارع الخلفية، المتوحشة، قبل الوصول لسن الانتحار، أبناء وقتلة، نشاطركم الأفراح، الطقم المدهب، امرأة آيلة للسقوط، أحلام صغيرة، سباق مع الزمن، أسوار الحب، اتفرج يا سلام، عائلة ميكي، نوارة، يوم للستات، وذلك بخلاف بعض الأفلام الأخرى سواء للتليفزيون أو أفلام تسجيلية ومن بينها: "صاحب الصورة، دكتوراة مع مرتبة الشرف، التراب الأحمر، مطلقة خميس، خارج الحدود"، وغيرها.
ويوضح دوارة أن "حسين" لمع اسمها وحقق لها الجماهيرية من خلال مشاركاتها ببطولة بعض المسلسلات التليفزيونية، وما زالت ذاكرة المشاهدين تحتفظ لها بمشاركاتها بأداء بعض الأدوار المتميزة والرئيسية ببعض المسلسلات المهمة التي من بينها: "نعيمة" في "أحلام الفتى الطائر"، "إحسان رضوان" في "الشهد والدموع"، رحلة أبو العلا البشري، "الحاجة فوقية" في "المال والبنون"، "والدة نورا" في "ذئاب الجبل"، "أم العربي" في "زيزنيا"، "الجدة" في "عايزة أتجوز"؛ ويحسب لهذه المبدعة من خلال تلك الأعمال مشاركتها لكبار النجوم، فنجحت في إسعادنا بتلك المبارايات في فن الأداء التمثيلي بينهم، كما يحسب لها أيضا ذلك التنوع الكبير في الأدوار الذي حرصت على تحقيقه، فجسدت من خلالها عدة نماذج للمرأة المثقفة، وللمرأة الكادحة سواء ريفية أو صعيدية، وكذلك جسدت بعض أدوار الشر وبنفس مهارة وكفاءة تجسيدها لأدوار الأم الطيبة الحنون أو المرأة المسالمة، والمرأة المطحونة، كما يحسب لها أيضا إجادتها للتمثيل الكوميدي بنفس درجة إجادتها للتمثيل التراجيدي ولعل أوضح الأمثلة على مهاراتها في الأداء الكوميدي مشاركتها ببطولة بعض العروض الكوميدية سواء بفرق مسارح الدولة أو ببعض الفرق الخاصة، بالإضافة إلى أداء بعض الأدوار الكوميدية بالدراما التليفزيونية من بينها: "الزواج على طريقتي، حكايات المدندش، شباب رايق جدا، خلي بالك من حاحا، عايزة أتجوز"؛ إلى جانب إجادتها وتميزها في تمثيل الأدوار العالمية باللغة العربية الفصحى بنفس درجة إجادتها لتمثيل أدوار بنت البلد باللهجة العامية الدارجة.
أما في مجال المسرح فكانت بدايتها الفنية من خلال انضمامها لفرقة "المسرح الشعبي" ١٩٥٧، وذلك قبل التحاقها بفرقة "الريحاني" ١٩٥٨، وبعد حصولها على بكالوريوس المعهد العالي للتمثيل، عُينت بفرقة "المسرح القومي" ١٩٥٩، تميزت بأداء أدوار متنوعة لبعض نماذج الفتاة والمرأة المصرية من الطبقتين الشعبية والمتوسطة سواء بالمدينة أو القرية، فقدمت مع فرقة "المسرح الشعبي" مسرحيات: "وراء الأفق، صلاح الدين الأيوبي، شعب الله المختار"١٩٥٧؛ ومع فرقة "المسرح القومي" عروض: "مقالب سكابان" ١٩٥٥، "الناس إللي فوق" ١٩٥٨، "العشرة الطيبة، بيت من زجاج، صنف الحريم، عودة الشباب" ١٩٥٩، "اللحظة الحرجة، في بيتنا رجل" ١٩٦٠، "المحروسة، دون جوان" ١٩٦١، "كفر البطيخ، عيلة الدوغري، بيت برنارد ألبا، السبنسة" ١٩٦٢، "مشهد من الجسر، تاجر البندقية، كوبري الناموس" ١٩٦٣، "رحلة خارج السور، الفرافير" ١٩٦٤، "سكة السلامة" ١٩٦٥، "بير السلم" ١٩٦٦، "كوابيس في الكواليس" ١٩٦٧، "دائرة الطباشير القوقازية" ١٩٨٦، "النار والزيتون، حجة الوداع" ١٩٧٠، "غبي في الفضاء" ١٩٧٢، "النسر الأحمر" ١٩٧٥، "بداية ونهاية" ١٩٧٦، "المهاجر" ١٩٨١.
كما قدمت مع فرقة "مسرح الجيب" مسرحيتي: "الضفادع" ١٩٦٥، "عازب وثلاث عوانس" ١٩٧٢؛ ومع "المسرح الكوميدي" عروض: "عسكر وحرامية" ١٩٦٦، "قسمتي" ١٩٨٢، "مولد وصاحبه غايب" ١٩٨٥؛ ومع فرق أخرى لمسرح الدولة: "الحرب والسلام" وزارة الثقافة ١٩٧٤، "حفلة طلاق" الحديث - ١٩٧٧، "إمبراطور يبحث عن وظيفة" التلفزيون - ١٩٨٩)، والأداء الصوتي بمسرحية "الرحلة العجيبة" للقاهرة للعرائس – ١٩٩٩؛ ومع "مدبوليزم" عرض "يا مالك قلبي بالمعروف" ١٩٧٩؛ ومع"الفنانين المصريين" مسرحية "باي باي كمبورة" ١٩٨٠؛ ومع "مصر المسرحية" عرض "نحن نشكر الظروف" ١٩٨٧؛ ومع "النيل" مسرحية "الصول والحرامي" ١٩٨٧؛ ومن المسرحيات المصورة: "العصمة في إيد حماتي" ١٩٩٥.
وأتيح لها فرصة التعاون من خلال مسرحياتها مع نخبة متميزة من المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل منهم: "زكي طليمات، فتوح نشاطي، عبدالرحيم الزرقاني، نبيل الألفي، حمدي غيث، كمال يس، نور الدمرداش، كمال حسين، سعيد أبو بكر، سعد أردش، الدكتور كمال عيد، كرم مطاوع، جلال الشرقاوي، حسن عبدالسلام، السيد راضي، أحمد زكي، سمير العصفوري، عبدالغفار عودة، الدكتور هاني مطاوع، زغلول الصيفي، محمد صبحي، رشاد عثمان، الدكتور عوض محمد عوض، فتحي الحكيم، نبيل أمين".