السجاد اليدوي أحد أقدم الحرف التي عرفها المصري القديم، ومنذ أكثر من ٥ آلاف عام قبل الميلاد، وتحديدا في حضارة البداري، في قرية الهمامية بمحافظة أسيوط في وسط الوادي، عُثر على نقوش لصناعة السجاد اليدوي من الكتان والقطن، وهما المحصولان اللذان اشتهرت بهما مصر في العصور القديمة، كما تبين بعض مناظر السوق في مقابر الدولة القديمة، مشاهد بيع الكتان المغزول.
ولم يكن الكتان وحده هو الليف النسيجي المستخدم، فقد عثر أيضًا على منسوجات مصنوعة من صوف الأغنام وشعر الماعز وألياف النخيل والحشائش وغيرها، وقد أخرجت الحفائر منسوجات من شعر الماعز من موقع قرية العمال بتل العمارنة، والتي يرجع تاريخها إلى منتصف القرن الـ١٤ قبل الميلاد، وفي عهد الأسرة الثالثة ظهرت الصباغة، واستخدمت في السجاجيد بنفس درجة استخدامها في منسوجات الأقمشة المغزولة من الكتان.وازدهرت صناعة السجاد في العصرين الأيوبي والمملوكي، وبعد سقوط دولة المماليك واحتلال العثمانيين بلاد الشام انتقلت معهم تلك الصناعة إلى أمصار الدولة العثمانية، ومنذ هذا التوقيت وصناعة السجاد اليدوي عادت لتنتشر من جديد في مصر، حتى أن قرى كثيرة بأكملها كانت تحترفها، لدرجة أن كل قرية كانت تعد قلعة من قلاع صناعة السجاد.
واليوم، أصبحت صناعة السجاد اليدوي من المهن المهددة بالانقراض في مصر، فلا يوجد كتاب يهتم بتعليم صناعة السجاد اليدوي، أو مكان يهتم بنقل أصولها، فهي مهنة تورث ولا تدرس، بمعنى أن العامل بها لا بد أن يكتسبها في سن صغيرة، لأنها تحتاج إلى كثير من المهارة والتوافق العضلي والعصبي.
مصنع القطان
مصنع القطان بني هذا المبنى منذ عام ١٨١٥ الذي بناه الخديوي إبراهيم محمد على.. وأطلق عليه قصر الراحة حين اشترى أحمد فهمي القطان بك المصنع كان نحو أكثر من ٦ فدادين بجوار قصر القبة يحيطه بالحدائق التي كانت عبارة عن تحفة فنية تخطف الأبصار.. صدر قرار عام ١٩٥٩ بانضمام الحدائق للدولة، وبني العمارات السكنية وأصبح المصنع بمساحة ٤٠٠٠ متر مربع وكسور
وما زال يحتفظ بشكله القديم إلى يومنا هذا بعد أن يدرس تصنيفه ضمن قائمة الآثار المصرية والقبطية لما يحمله من عبق التاريخ الذي يفوح من جدرانه.. فلا يوجد صانع سجاد إلا وقد تعلم من معلم قد تعلم من ذلك المصنع.
.. فهو المصنع الأول المتكامل والأقدم في جمهورية مصر العربيه في صناعة السجاد اليدوي.. الذي تم تشييده عام ١٩٣٠ ميلاديا.
كان الملك فاروق أول من سلط الضوء على السجاد عندما أراد أن يصنع سجادة يدوية على شكل عملة ورقية فئة الخمسة جنيهات، فطلب من مصنع القطان لصناعة السجاد اليدوي أن يبدأ عمله في نسج هذه السجادة،
ورسمت تلك اللوحة ولا تزال موجودة إلى يومنا هذا بالمصنع إلى الآن وعام ١٩٦٠ طلبت وزارة الصناعة غزل سجادة المنصة لكي يجلس عليها الزعيم جمال عبدالناصر وملك المغرب محمد الخامس وخورشوف في افتتاح السد العالي لتحويل مجرى النيل الذي طلبت ونفذت في ٣٠يوما فقط، وكان قياسها ٥ *٦ أمتار.. فتعجب كل مصانع السجاد من الموافقة في ذلك الوقت القصير الذي لا يمكن الاحتمال بالتأخير لأنها لمناسبة تاريخية يقف عليها عظماء التاريخ.. عمل المصنع كالنحل ثلاث ورديات متتالية دون توقف بمنتهى الدقة، فالفنان الذي ينسج يعلم من سيقف على تلك العقد التي في يده، وما المناسبة وسلمت السجادة وشحنت لمنصة السد العالي قبل الميعاد بـ٢٤ ساعة، وكان تحديا يذكره تاريخ صناعة السجاد.
مقتنيات المصنع
المصنع به لوحة فنية كبيرة رسمت في عهد الملك فاروق، ولها قصة لأنها قد رسمت ثلاث مرات لكي تنسج سجادة للملك فاروق..في الرسمة الأولى لم يقتنع بألوان اللوحة وطلب إعادة رسمها، وفي المرة الثانية كان عليها إمضاء المحافظ الإنجليزي الجنسية فطلب الملك بنسج سجادة بها إمضاء المحافظ المصري الجنسية الجديد، وإذا بالمرة الثالثة والأخيرة قامت ثورة ١٩٥٢.. حيث رحل الملك وبقيت اللوحة من مقتنيات المصنع ولوحات زيتية في عهد رواد الفن التشكيلي وشهادات تقدير من الفاتيكان وإنجلترا وروما لما أنتج من فن وإبداع وماكينة غزل صوف في مصر تجعل المصنع مزارا سياحيًا يحيي قصصا تروى لأجيالنا تدل على عظمة مصر وإرادتها بوجود تلك البقعة التي تضخ قرابة المائة عام للعالم كنوزا بأيادٍ مصرية.