يؤكد الحكيم ماركوس أوريليوس أنه من خلال الفلسفة والحكماء السابقين اكتسب عددا من المعاني والفضائل، مثل الرفق واللين، وصحة العزم في القرار، وعدم الانخداع في المظاهر أو الأشياء المُكسبة للرياء والنفاق، كما أن تعلم تدبر الأمور بهدوء وعقل وعدم التعجل بل يطرح الأمور للمشاورة في مجلسه مع رفاقه، ولا يضطرهم للحضور بين يديه طالما ليس لهم ضرورة في الحضور.
قال "أوريليوس" في كتابه التأملات: إنني تعلمت من الإمبراطور أنطونينوس بيوس الرفق، وصحة العزم في القرارات التي يخلص إليها بعد ترو تام، وألا أنخدع بتلك الأشياء التي يسميها الناس مبعث فخر، وتعلمت منه حب العمل والمثابرة، والإصغاء لكل من لديه مقترح من أجل الصالح العام، وأن أعطي كل ذي حق حقه، وأن أعرف متى أشتد ومتى ألين.
وأضاف: أن الإمبراطور كان يعفي من بالبلاط من ضرورة الحضور الدائم معه على العشاء، أو مرافقته خارج المدينة، ولم يجد الذين يضطرهم التزام آخر بالابتعاد أي حرج في ذلك، ولا آنسوا منه استنكارا، وكان دقيق البحث في كل الأمور التي يتشاور حولها في المجلس، ولا يقنع بالانطباعات الأولى، ولا يترك أمرا دون تدبر.
وتابع، كان حريصًا على أصدقائه لا يضجر منهم ولا يسرف في محاباتهم، متماسكا مرحا في جميع الظروف، بعيد النظر في الأمور الطويلة الأمد، حاسبًا لأدق التفاصيل دون تنطع، يلجم أي تهليل أو مداهنة، ساهرا على احتياجات الإمبراطورية، مدبرا في الإنفاق، متسامحا تجاه نقد البعض له في هذه المسألة، لم يكن مشعوذا تجاه الآلهة، ولا متقربا للناس بالهدايا لاسترضائهم، ولا مداهنا للجماهير، بل كان رصينا في كل شيء، وحاسمًا لا تستهويه المباذل والبدع.
ماركوس أريليوس، فيلسوف، وإمبراطور روماني، حكم في الفترة من 161 وحتى 180م، كرس حياته للأدب والفلسفة والمدرسة الرواقية، لقب بفيلسوف العرش، كتب هذه التأملات بشكل يومي باللغة اليونانية، ولم يقصد بها النشر أو مخاطبة القراء بل كان يكتبها لنفسه من باب التمرين والتدريب، تأثر بكثير من الفلاسفة السابقين مثل سقراط وهيراقليطيس.