القديس يوحنا الحبيب (بالعبرية والآرامية יוחנן يوحانون ومعناه الله يتحنن، اسمه باليونانية Ἰωάννης يوآنس)، هو ابن زبدي وسالومة وشقيق يعقوب الكبير وكان الشقيقان من تلاميذ المسيح الإثني عشر، وبحسب التقليد المسيحي فإنه كاتب إنجيل يوحنا وكاتب الرسائل الثلاث التي تنسب إليه وأخيرا كاتب سفر الرؤيا.
ويُوحنَّا كانَ الأَقْرَبَ إلى قَلْبِ المسيحِ. كُتُبُنا اللِّيتورجِيَّةُ تُسَمِّيهِ صَدِيقَ المَسيحِ، وَتَقُولُ عنهُ إِنَّهُ ساكِنُ المسيحِ مُنْذُ الطُّفولَةِ، رُبَّما يكونُ هٰذا دَلِيلًا على صِلَةِ القُرْبى الَّتي يُظَنُّ أنَّها كانَتْ بَيْنَهُما، من خِلالِ أُمِّ يُوحنَّا المَدْعُوَّةِ سالومِي، والَّتي قيلَ إنَّها كانَتْ إحْدى بناتِ يُوسُفَ البارِّ، رَجُلِ مَرْيَمَ، منْ زَواجِهِ الأَوَّلِ.
حياته
كان ليوحنا موقع بارز بين الرسل الإثني عشر فكان يسوع يختصه مع بطرس ومع يعقوب شقيقه لمعاينة أحداث مهمة وخاصة، فقد شهد هؤلاء الثلاثة حادثة إقامة يسوع لابنة أحد رؤساء اليهود من الموت، وحادثة تجلي يسوع على الجبل، والآلام في بستان جثسيماني، وقد كان يوحنا وبطرس هما الوحيدان اللذان أرسلهما يسوع إلى المدينة لتحضير عشاء الفصح أو العشاء الأخير، وفي أثناء العشاء كان ليوحنا مركزًا مميزًا على المائدة فقد كان جالسا بجانب يسوع ومتكئا على صدره.
ويوحنا كان التلميذ الوحيد المتواجد عند أقدام الصليب وأثناء وجود يسوع على الصليب طلب منه الاعتناء بأمه مريم من بعده، وبعد القيامة ذهب يوحنا مع بطرس عدوا إلى قبر يسوع للتأكد من خبر قيامته ووصل يوحنا إلى هناك أولا...وكان أول من آمن من التلاميذ بقيامة المسيح، ولاحقا عندما ظهر يسوع لسبعة من تلاميذه على شاطئ بحيرة جنيسارات كان يوحنا مرة أخرى أول من تعرف على يسوع.
بعد صعود يسوع بقي يوحنا مع تلاميذ آخرين في إسرائيل قرابة الإثني عشر عاما وبعد أن بدأ اضطهاد الملك هيرودس أكريبا للمسيحيين تفرق الرسل في مختلف الإمارات الرومانية.
وبعد عمل قرعة لأختيار المدينة التي سيذهب إليها كل تلميذ، توجه بوحنا حينها إلى آسيا الصغرى للمرة الأولى في مدينة أفسس حيث بشر هناك.
ألقابه
كانَ يُوحنَّا أكثرَ تلاميذِ الرَّبِّ يسوعَ تَعَلُّقًا بِالبَتُولِيَّةِ والنُّسكِ، حتَّى إِنَّ الكَنيسَةَ وَصَفَتْهُ بالرَّسولِ "البَتُولِ المُعادِلِ المَلائِكَةَ". وَإِذْ كانَتْ مَحَبَّتُهُ للمسيحِ عظيمَةً، وسِيرَتُهُ مُمْتازَةً، فَقَدْ عُرِفَ بالتِّلميذِ "الحَبيبِ". كذلك لُقِّبَ بالثَّاولوغُوس، أَيِ المُتَكَلِّمِ بِاللَّاهُوتِ؛ لأنَّهُ تَكَلَّمَ بِسُمُوِّ المَعاني عَنِ الوِلادَةِ الأَزَلِيَّةِ، وِلادَةِ الِابْنِ الكَلِمَةِ مِنَ الآبِ الَّتي لا تُفَسَّرُ.
وَقد حَلَّقَ بِاللَّاهوتِ، فَصُوِّرَ فِي أَيْقُوناتِهِ مَعَ النَّسْرِ الَّذي هو أَحَدُ الحيواناتِ الأَرْبَعَةِ الرَّمْزِيَّةِ بِحَسَبِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ حِزْقِيالَ (حز10:1)، وبالأنجيلي لأنه كاتي الأنجيل الرابع.
يوحنا في التقليد الكنسي
بحسب التقليدين الأرثوذكسي والكاثوليكي فأن يوحنا انتقل وبرفقته مريم والدة يسوع إلى مدينة أفسس جنوب آسيا الصغرى حيث اعتنى يوحنا بالعذراء حتى وفاتها، كما أوصاه يسوع بعد ذلك ألقي القبض عليه من قبل السلطات الرومانية ونفي إلى جزيرة بطمس اليونانية وكتب هناك سفر الرؤيا، وبحسب كتابات ترتليانوس فإن الرومان حاولوا تعذيب يوحنا قبل إرساله إلى منفاه وذلك بوضعه في قدر زيت مغلي كبير ولكن ذلك لم يؤذه بشئ..
أما بالنسبة لانتقال الرسول يوحنا فان طبقا للتقليد الأرثوذكسي الرسول يوحنا كان يعلم أن خلال ثلاث أيام أنه سينتقل إلى السماء... لذلك طلب من تلاميذه أن يحفروا قبرا له خارج مدينة أفسس... وطلب منهم أن يضعوه في الحفرة حيا.. وطمر ثلثي جسده فقط بالتراب وطلب من تلاميذه أن يذهبوا ويعودوا للقبر بعد ثلاث أيام لردم بقية الجسد.. لكن عندما عادوا بعد ثلاثة أيام. لم يجدوا الجسد ولا يعلم أحد ماذا حدث للجسد لكن طبقا للتقليد الذي سجله التلميذ بروخوروس فإن الملائكة أخذت الجسد وصعدت به للسماء ولذلك ليس هناك اي رفات للرسول يوحنا في اي مكان.. لذلك ليس هناك اي تذكار لرقاد الرسول يوحنا اللاهوتي بل تعيد الكنيسة الأرثوذوكسية تذكار انتقال الرسول يوحنا إلى السماء.. وهناك اعتقاد سائد بان الرسول يوحنا انتقل إلى السماء حيا..ولا يزال حيا حتى اليوم. وَقَدْ رَقَدَ بَعْدَ أَنْ كانَ قَدْ بَلَغَ مِنَ العُمْرِ ما يَرْبُو على مئةٍ وخَمْسِ سَنَواتٍ. كانَ رُقادُهُ طبيعيًّا مِن دونِ ٱستشْهادٍ. وهُناكَ تَقْلِيدٌ كَنَسِيٌّ يَقولُ: إِنَّ طيبًا عَطِرًا كانَ يَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ كُلَّ عامٍ، وَيَشْفِي المَرْضى. والكَنِيسَةُ تُعَيِّدُ لذٰلِكَ سنويًّا في الثَّامِنِ مِنْ أَيَّار.
أُعْجُوبَةُ قَبْرِ القِدِّيسِ يُوحَنَّا الحَبيبِ:
بَعْدَ وَفاةِ القدِّيسِ يُوحَنَّا الحَبيبِ، ومُواراتِهِ في الثَّرى في أَفَسُس، وهناكَ رِواياتٌ في ذٰلِكَ، كانَ قَبْرُهُ، في ذٰلكَ اليَوْمِ، كما فِي كُلِّ سنَةٍ، يَتَغَطَّى فَجْأَةً بِما يُشْبِهُ الرَّمادَ العَطِرَ. وجَرى المَسِيحِيُّونَ عَلى تَسْمِيَةِ هٰذا الرَّمادِ بِـ "المَنِّ"، وكانَ يَشْفِي مَرْضى النُّفرسِ والأَجْسادِ، الَّذينَ يَدَّهِنُونَ بِهِ بِإِيمانٍ، مِنْ أَمْراضِهِمْ.
الأيقونة المرفقة بالموضوع هي أيقونة الرسول يوحنا اللاهوتي والتي تعود للقرن الثاني عشر وتم رسمها في القسطنطنية وموجودة بكنيسة دير القديس يوحنا الحبيب بجزيرة بطمس - اليونان
ولقد تم رسم جبهة القديس بشكل كبير مستدير وعريض رمزا لحكمة ومعرفة القديس.