على الرغم من أهمية مسارات إنهاء النزاع المشتعل في ليبيا منذ عشر سنوات، فإنه لا مجال لنجاح الجهود المبذولة سياسيا وعسكريا، في استعادة الاستقرار، دون إتمام مصالحة وطنية لا تقصي أحدا، ولا تميّز بين فئة وأخرى.
هذا ما أكده الدكتور فتحي العفيفي، أستاذ الفكر الاستراتيجي بجامعة الزقازيق، في تصريح لـ "البوابة نيوز"، تعليقا على ما يتم تداوله خلال الساعات الأخيرة، بشأن ترتيبات يجريها المجلس الرئاسي الانتقالي الليبي، لتنظيم مؤتمر للمصالحة الوطنية، يضم جميع المكونات الليبية.
وتشير المعلومات إلى أن المجلس يجري سلسلة اتصالات مكثفة، ويعقد اجتماعات مع شيوخ وأعيان ليبيا، منذ توليه زمام السلطة التنفيذية بالبلاد، محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الانتقالي، يتبنى فكرة تفعيل المصالحة الوطنية الشاملة بشكل كامل، ويتطلع لتنفيذها خلال الفترة الراهنة، وقبل موعد إجراء الانتخابات الوطنية نهاية العام، وهو ما دفعه إلى إعلان تأسيس مفوضية للمصالحة الوطنية.
تأييد جهود إطلاق المصالحة الوطنية، هو الموقف الذي يتبناه أيضا رئيس حكومة الوحدة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، والذي يبدي رغبته في رأب الصدع وتفعيل المصالحة.
ويرى العفيفي أن زيارات ولقاءات شيوخ القبائل الليبية بالمنطقة الشرقية مع نظرائهم من المنطقة الغربية، تستهدف التطرق للملفات التي تحتاج لحل سريع وحاسم، لافتا إلى أن ملفي الأسرى والمعتقلين منذ بداية اضطرابات فبراير ٢٠١١، وكذلك المهجّرون والنازحون، يعدّان من أبرز الملفات التي يجب أن تركز عليها السلطة التنفيذية الجديدة، باعتبارهما من أخطر المعضلات التي تواجه جهود استعادة الاستقرار.
وشدد العفيفي على أن الليبيين لن يقبلوا بالمصالحة، دون أن تلتئم الأسر والعائلات وتنعم بأبنائها وذويها من الأسرى والمعتقلين، وأيضا دون أن تعود كل عائلة إلى موطنها الأصلي، ما يشير إلى أن إخراج المعتقلين من سجون الميليشيات، وإعادة الأهالي المهجرين إلى الأحياء التي يسيطر عليها المرتزقة، سيضع الحكومة الليبية في مأزق.
وتساءل العفيفي: "هل الحكومة الحالية قادرة على إجبار الميليشيات والمرتزقة على أن تضطلع كل منها بدورها إما في إطلاق سراح المعتقلين، أو إعادة المواطنين إلى أحيائهم وعدم التعرض لهم بالإيذاء من قبل المرتزقة؟ مضيفا: "حسن النوايا لا يصلح ما تفسده المؤامرات، ما يعني ضرورة إيجاد آلية لمنع الميليشيات والمرتزقة من إفساد كل شيء".