كانت الأيام الماضية أيامًا مقدسة مُتخمة بالاحتفالات والأعياد المسيحية "عيد القيامة المجيد" والوطنية "عيد تحرير سيناء" والاجتماعية "عيد العمال" والفرعونية "عيد شم النسيم".. وكل ذلك في شهر رمضان المبارك الذي قارب على الانتهاء، وقد ارتأى البعض في تلك الأيام ملاحظات جميلة مثل يوم الجمعة الحزينة في أسبوع الآلام الذي تزامن الصيام الانقطاعي فيه عند المسيحيين والمسلمين إلى ساعة المغرب فقالوا "مصر كلها صائمة اليوم حتى المغرب".
وبالطبع؛ تبادل المسئولون التهاني راجين الله الذي نعبده جميعًا أن تكون السنة المقبلة بلا وباء وبلا ملفات وقضايا تهدد الوطن.
فتلك القيادة العظيمة تدرك جيدًا "من قبل مخطط الربيع العربي"، مخطط تفكيك الشرق الأوسط على أساس العرق والدين والمذهب والطائفة، ولولا رجال مصر البواسل لمّا كانت مصر دولة واحدة قوية اليوم، نسيج واحد كما يصفه السيد الرئيس.
تلك الوحدة وذلك النسيج الواحد، يؤكد عليه الرئيس دومًا، ذلك أنه الدرع والحصن أمام أي خطر.
والحقيقة أننا لا ندرك قيمة تلك الوحدة ولا يزال البعض من القلة القليلة أصحاب النفوس الضعيفة لا يدركون الأبعاد الحقيقية لمعاونة مخطط "برنارد لويس" بأفكارهم العقيمة فبرنارد لويس هو واحد من أخطر الشخصيات والمستشرقين الذين خططوا لتقسيم الشرق الأوسط من أجل إقامة دولة إسرائيل الكبرى وتقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة! فكان المراد أن تُقسم مصر إلى أربع دويلات والعراق إلى ثلاث دويلات على حسب الدين والطائفة ولصالح إسرائيل الكبرى!
ومن أجل تحقيق ذلك المخطط كان لا بد من خلق فتن طائفية وإحداث فرقة ما بين أبناء الشعب الواحد لتحقيق المخطط.
ولكن مَنْ مٍن الذين يحرمون التهاني وينهرون الآخرين عن تهنئة أخواتهم في أعيادهم يدرك أنه بتلك الممارسات الخاطئة يعيد إحياء فكرة التفكيك، لصالح دولة الاحتلال الصهيوني التي يزعمون أنهم يكرهونها ويكرهون تعدياتها واستعمارها؟! أهذه ازدواجية أم عدم إدراك كافٍ؟ هل حقًا يؤمنون أن عيد شم النسيم هو عيد ديني أم عيد فرعوني؟ أم يعرفون أنه عيد مصرى أصيل، وهى محاولة بائسة لطمس الهٌوية؟
المشكلة الحقيقية ليست في تلك الأقلية التي ما زالت تُحرم وتنهر وتستشيط غضبًا لتهنئة الآخر، ولكن فيمن يتعاطف معهم ويساوره الشك أن ذلك الكلام حقيقي ومن صحيح الأديان السماوية فيكون كاللقمة السائغة ينساق ويصدق ويرتكب نفس الأخطاء ويكون أداة طيعة.
ففي الخمسينيات من القرن الماضى، كان المجتمع المصري يضم العديد من الجنسيات والأديان، ولم يكن هناك أي غضاضة لأن مخطط التفكيك لم يكن هناك! بل في العقود الأخيرة وخاصة بعد ٢٠٠١ وتحطم برجي التجارة العالمي في أمريكا، بدأ مخطط التفكيك يجند مثل تلك العقليات التي لا بد من تطهيرها وتلقيحها بلقاح الوعي الذي دائمًا يتحدث عنه الرئيس والتي ما زالت كلماته في مجال تجديد الخطاب الديني لا تفارق آذاني: "أخوك فرحان..أنت فرحان لفرحه بغض النظر عن أي معتقد أو أي شيء ".