الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

عبد الرحيم علي يكتب لموقع «كوزور» الفرنسي.. هل تدفع إثيوبيا بأزمة السد نحو الحرب؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على العالم المتحضر في أوروبا وأمريكا أن يتدخل سريعا لإيقاف الملء الثانى للسد والإشراف على مفاوضات جادة تجبر إثيوبيا على الرضوخ لصوت العقل قبل فوات الأوان
 * أى خرق لاتفاق إعلان المبادئ يعرض المنطقة لحريق كبير يضر بالسلم العالمي
* موقف أديس أبابا يوضح مدى التناقض وعدم الاتساق عندما يتحدث عن رفض اتفاقيات لا علاقة له بها وينكر ويتنصل من اتفاقية ملزمة
* اقتطاع حصة من المياه يتعارض تماما مع البند رقم ٣ من اتفاق المبادئ الذي ينص على عدم إلحاق الضرر بدول المصب مصر والسودان
* الأزمة بدأت منذ أبريل 2011 حينما اتخذت أديس أبابا قرارا أحاديا يقضي باستخدام مياه النيل الأزرق في تغذية سد مائي عملاق تحت ذريعة توليد الكهرباء في أفريقيا، بينما هي تسعى لتغيير قواعد اللعبة فيما يتعلق بقضية المياه وتدشينها باعتبارها سلعة قابلة للبيع.

• إثيوبيا تتجاهل عمدا اتفاقية 1902 الحدودية التى تلزمها بعدم إقامة أي منشآت وسدود على النيل الأزرق أو إقليم شنقول تضر بالسودان التابع للحكومة المصرية آنذاك.
• ..وتسعى إلى رفع القدرة التخزينية للسد دون وجود جدوى حقيقية لذلك في توليد الكهرباء وموقفها يعكس الشكوك في عدم حسن النوايا لاستخدام السد في أغراض أخرى على عكس ما تتشدق به حول الاستخدام المنصف والعادل للمياه.
• ..ويسقط على أرضها ألف مليار متر مكعب من الأمطار سنويا، ويتوافر بها أكثر من 12 نهرا، بالإضافة إلى النيل الأزرق والسوباط وعطبرة، وتستغل أكثر من ٦ سدود في توليد الكهرباء وفي الزراعة، وهو ما يجعل إثيوبيا هي الدولة المارقة وليس مصر.
• ..وكل ما يصدر عنها من كذب وتضليل ولى لعنق الحقيقة، مصدره التصور الإثيوبى بملكية الأنهار التى تنبع من الهضبة الإثيوبية، وسعيها لاستخدام ذلك كأداة اقتصادية واستراتيجية لتركيع وإفقار كل المنطقة المحيطة بهم بمنع المياه عنها.
* ما يحدث يؤدى إلى إحداث خلل في التوازنات الاستراتيجية في القرن الأفريقي وحوض النيل وإحراز التفوق لصالح إثيوبيا تمهيدًا لبناء إمبراطوريتهم بالتوسع في أراضى السودان وغيره، وإعادة احتلال إريتريا للنفاذ إلى البحر والتحول إلى دولة محورية تتحكم في الأنهار، وفي ملتقى البحار ومدخل البحر الأحمر.
* نصيب الفرد الواحد فى مصر نحو ٥٠٠ متر مكعب من المياه بما يعادل نصف الحد الأدنى للفقر المائى حسب البنك الدولى.
 * حصة مصر من المياه ٥٥.٥ مليار متر مكعب في العام لم تتغير منذ كان تعداد البلاد ٣٠ مليون نسمة وقت اتفاقية ١٩٥٩ على الرغم من بلوغ التعداد السكاني ١٠٥ ملايين نسمة حاليًا.

أبرز موقع كوزور الفرنسى الشهير، أمس الخميس، مقالًا كتبه خصيصًا للموقع، الدكتور عبدالرحيم على رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس «CEMO» تحت عنوان: هل تدفع إثيوبيا بأزمة السد نحو الحرب؟.
طالب من خلاله »على«، بضرورة تدخل أمريكا والدول الأوربية في أسرع وقت لإيقاف عملية الملء الثانى للسد والإشراف على مفاوضات جادة تجبر إثيوبيا على الرضوخ لصوت العقل قبل فوات الأوان. مؤكداً أن أى خرق لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا عام ٢٠١٥، يعرض المنطقة لحريق كبير يهدد السلم العالمي بأكمله.
وأشار »على« إلى أن موقف أديس أبابا يتسم بالتناقض وعدم الاتساق عندما يتحدث عن رفض اتفاقيات لا علاقة له بها كاتفاق ١٩٣٥ و١٩٥٩ وينكر ويتنصل من اتفاقية ملزمة كاتفاقية ترسيم الحدود بينه وبين السودان عام ١٩٠٢، التي سيطرت إثيوبيا بناء عليها على منطقة بني شنقول المقام عليها السد. وأوضح على أن اقتطاع إثيوبيا لحصة من المياه الخاصة بمصر يتعارض تماماً مع البند رقم ٣ من اتفاق إعلان المبادئ الذي ينص على عدم إلحاق الضرر بدول المصب مصر والسودان.


وإلى نص المقال:
في الوقت الذي تصر فيه إثيوبيا على المضي قدمًا في خطتها لبدء المرحلة الثانية لملء السد في موعدها في يوليو المقبل، حذرت مصر من اتخاذ أديس أبابا لخطوات أحادية فيما يتعلق بتلك الأزمة طالبة من المجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التدخل لإنهاء تلك الأزمة التي قد تتسبب في اندلاع حرب كبرى في المنطقة تضر بالسلم العالمي بشكل عام.
وقد بدأت الأزمة في التكشف منذ أبريل 2011 حينما اتخذت أديس أبابا قرارا أحاديا يقضي باستخدام مياه النيل الأزرق في تغذية سد مائي عملاق تحت ذريعة توليد الكهرباء في أفريقيا، بينما هي تسعى لتغيير قواعد اللعبة فيما يتعلق بقضية المياه وتدشينها باعتبارها سلعة قابلة للبيع.
بينما يعتبر النيل "شريان الحياة بالنسبة للمصريين" فهو المصدر الوحيد للمياه.
فقد أقام المصرى القديم منذ سبعة آلاف عام حضارته على ضفاف النيل وحفر الترع والقناطر والسدود، بل وتم توصيل مياه النيل إلى داخل المعابد، وتوسعت مصر في الزراعة والتعدين والتجارة، اعتمادا على حصتها من المياه البالغة ٥٥.٥ مليار متر مكعب في العام، والتي لم تتغير منذ اتفاقية ١٩٥٩، على الرغم من بلوغ التعداد السكاني في مصر ١٠٥ ملايين نسمة (كان تعداد مصر ٣٠ مليون نسمة وقت توقيع الاتفاقية) أى نحو ٥٠٠ متر مكعب في السنة للفرد الواحد، بما يعادل نصف الحد الأدنى للفقر المائى الذى حدده البنك الدولى.
فإذا أجرينا مقارنة بسيطة نجد أن إثيوبيا يسقط على أرضها ألف مليار متر مكعب من الأمطار سنويا ويتوافر بها أكثر من اثنى عشر نهرا، بالإضافة إلى النيل الأزرق والسوباط وعطبرة، وتستغل أكثر من ٦ سدود في توليد الكهرباء وفي الزراعة.
وهو ما يجعل إثيوبيا هي الدولة المارقة في تلك الأزمة وليس مصر.


المفاوضات والتعنت الإثيوبي:
تنصب المفاوضات الحالية الخاصة بالسد بين مصر والسودان وإثيوبيا حول عمليتي الملء والتشغيل، طبقا لإعلان المبادئ الموقع بين الأطراف الثلاثة عام ٢٠١٥، بينما تحاول إثيوبيا جر المفاوضات نحو اتفاقات سابقة لم تكن هي طرفا فيها كاتفاقيتي عام 1929 وعام 1959 اللتين تنظمان التعاون بين دول حوض النيل فيما يتعلق باستخدام مياه النهر.
وتتجاهل عمدا اتفاقية 1902 الحدودية التى تلزمها بعدم إقامة أي منشآت على النيل الأزرق، أو إقليم شنقول الذي كان متنازعًا عليه، وتنازلت عنه السودان بموجب تلك الاتفاقية شريطة ألا يقام على تلك المنطقة بالكامل أي منشآت أو سدود تضر بالسودان، الذي كان يتبع الحكومة المصرية آنذاك.
الأمر الذي يوضح مدى التناقض وعدم الاتساق في الموقف الإثيوبى، الذى يتحدث عن رفض اتفاقيات لا علاقة له بها، وينكر ويتنصل من اتفاقية ملزمة له.

إن إثيوبيا وهي تسعى إلى رفع القدرة التخزينية للسد من ١٤ مليار متر مكعب إلى ٧٤ مليار متر مكعب دون وجود جدوى حقيقية لذلك في توليد الكهرباء، وبما يعكس الشكوك في عدم حسن النوايا لاستخدام السد في أغراض أخرى بخلاف توليد الكهرباء. على عكس ما تتشدق به حول الاستخدام المنصف والعادل للمياه.
إن الاستخدام المنصف الذي ينص عليه اتفاق المبادئ في البند رقم ٤ يعني تحقيق الفائدة لإثيوبيا من خلال توليد الكهرباء، وليس اقتطاع حصة من المياه، لأن هذا يتعارض تماما مع البند رقم ٣ من ذات الإعلان الذي ينص على عدم إلحاق الضرر بدول المصب ( مصر والسودان).

كما أن موضوع تقاسم المياه الذى تتحدث عنه إثيوبيا، لا علاقة له بمفاوضات السد، ولم تطرحه إثيوبيا إلا في العام الماضي ٢٠٢٠ عندما انتقل التفاوض لرعاية الاتحاد الأفريقي، وهو موضوع خارج نطاق إعلان المبادئ الموقع بين كل الأطراف في عام ٢٠١٥، بل ويؤدى إلى نقضه وفسخه بالكامل، لأنه ينسف البند رقم 3 القاضي بعدم إلحاق الضرر بدول المصب.

إن كل ما يصدر عن إثيوبيا من كذب وتضليل ولى لعنق الحقيقة، مصدره هو التصور الإثيوبى بملكية الأنهار التى تنبع من الهضبة الإثيوبية، وسعيهم لاستخدام ذلك كأداة اقتصادية واستراتيجية لتركيع وإفقار كل المنطقة المحيطة بهم بمنع المياه عنها.
ثم توظيف كل ذلك في إحداث خلل في التوازنات الاستراتيجية القائمة في القرن الأفريقي وحوض النيل وإحراز التفوق لصالح إثيوبيا، تمهيدا لبناء إمبراطوريتهم بالتوسع في أراضى السودان وغيره من الدول المحيطة بهم، وإعادة احتلال إريتريا للنفاذ إلى البحر والتحول إلى دولة محورية لا تكتفى بالتحكم في الأنهار، وإنما أيضا في ملتقى البحار ومدخل البحر الأحمر.

ولذلك ترفض إثيوبيا بشدة أى اتفاق ملزم حول السد، لكى تكون مطلقة السراح في تنفيذ مخططاتها التى لا تستطيع الإفصاح عنها حاليا، وإن كانت تفعل ذلك جزئيا بما يتناسب مع المرحلة التى قطعتها في التنفيذ.
ولكن إثيوبيا تعرف أن أي خرق لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين كل الأطراف في عام ٢٠١٥ سوف يعرضها لمشكلات كبيرة، حيث يحق لمصر حينها اتخاذ ما تراه من إجراءات تكفل لها عدم المساس بحصتها من مياه النيل، بما في ذلك استخدام القوة أو إعلان الحرب.
لذلك يجب على العالم المتحضر هنا في أوروبا وأمريكا أن يتدخل سريعا بهدف إيقاف عملية الملء الثانى للسد، والإشراف على مفاوضات جادة تجبر إثيوبيا على الرضوخ لصوت العقل قبل فوات الأوان.

لمطالعة المقال باللغة الفرنسية  > اضغط هنا