الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

ليالى القاهرة| الاحتفالات في العصر الفاطمى «١»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتفرد مدينة القاهرة بسحر خاص، تجذب إليها القلوب قبل العيون، عجز المؤخرون والمستشرقون على وصفها، فكل من يأتى إليها يأبى الرحيل، وكأنها «النداهة» التى تشدو بصوتها العذب لتجذب إليها كل من تخطو قدمه عليها، فهى مزيج من العبقرية والجنون، أما لياليها فلها مذاق خاص، التجوال في شوارعها حتى مطلع الفجر، فهى المدينة التى لا تنام. وعلى مدى شهر رمضان المبارك سنروى حكاية تلك المدينة الساحرة، أم المدن، «القاهرة» سنتحدث عن مساجدها، وكنائسها ومبانيها، وحكايات أشخاص عاشوا فيها، وغزاه وأحباب سنروى حكايتها منذ نشأتها.
شهدت ليالي القاهرة خلال العصر الفاطمي العديد من الاحتفالات والتي كانت تزينها مواكب الخليفة، فقد كثرت الاحتفالات بالأعياد والمناسبات المختلفة، والتي ما زلنا نحتفي بها حتى يومنا هذا، ومنها الاحتفال بيوم عاشوراء والموالد الشعبية مثل المولد النبوي، ومولد الحسين والسيدة وغيرها، وشهر رمضان، وعيد الفطر وعيد الأضحى فقد تميزت كل تلك الاحتفالات بطابع مميز خلال فترة الدولة الفاطمية.
فكانت مواكب الخليفة الأسطورية تدل على مدى الرفاهية التي عاش فيها الفاطميون في مصر، حيث كانت تقام الموائد الكبيرة والمواكب الضخمة، التي خُصصت لها الأموال والثروات، والتي كان يشارك فيها الفاطميون عامة الناس، إذ كانت توفر الأطعمة والحلوى وكل أنواع الشراب، وكانوا يرتدون أفخر أنواع الملابس والأقمشة المزينة بالذهب والجواهر الثمينة، كما كانت توزع الأموال على المحتاجين والفقراء.
فقد تجلى ثراء الخلافة الفاطمية في تلك المواكب الاحتفالية التي كانت تتكرر على مدى العام، فكما وصفنا موكب الخليفة خلال عيد الخليج أو عيد وفاء النيل، التي كانت تشبه أساطير ألف ليلة وليلة، إذا كانت الخيول والبغال والجمال تتزين بزينة لا تقل عن زينة صاحبها، فكانت سروجها ترصع بالذهب والفضة وتطعم بالأحجار الكريمة البراقة، وكان يوضع في أعناقها سلاسل من الذهب والعنبر، وتثبت في أقدامها أجراس من الذهب والتي كانت تصدر رنينا في كل خطوة تخطوها الخيل، وفد وصل ثمن الجواد إلى ألف دينار.
وفي أول أيام السنة كان يطوف المدينة موكبا يسير في مقدمته أولاد الأمراء وأصدقائهم ومجموعة من الجنود الممثلة لفرق الجيش المختلفة، ويتبعهم الأمراء الأقل منزلة من الأمراء ذوي السيوف المكفتة بالفضة والأمراء ذوي الياقات الذهبية، ثم يأتي أهل بيت الوزير وحاملي اللواءات ومنهم لواء المجد، وحامل الدواة وهي عبارة عن مجرة مصنوعة من الذهب ومطعمة باللؤلؤ، وحاملوا السيوف.
وكان الموكب يبدأ من قصر الخليفة قاصدًا صهريجا مشيدا عند باب النصر، ومن هناك يتجه نحو باب الفتوح ليعود إلى القصر عبر بين القصرين وهنا يتوقف الجند وينزل الأمراء عن جيادهم ويتوقف الخليفة أمام جامع الأقمر بالقرب من القصر الشرفي، وينفصل الوزير عن الموكب ويسرع بجواده نحو الخليفة حيث يقدم له فروض الولاء والطاعة فيرد عليها الخليفة بحركة خفيفة من يده وهي تعبر عن اسمى شرف يمكن لمخلوق أن يناله، وكان الخليفة يلقب برب السيف.
وكان المصريون يعجبون بتلك المواكب، فحينما يعودون إلى منازلهم يجدون عندهم هدايا مرسلة من الخليفة، ومنها دنانير مربعة أو دراهم والتي كانت تصنع خصيصا في بداية السنة الجديدة أو عند شهر ذو الحجة.
أما في شهر رمضان والذي يعتبر من أهم المناسبات الدينية، فكان يتم التحضير للاحتفال قبل بلوغ شهر رمضان، حيث كانت تقام احتفالات كبيرة في بداية شهر رجب ونصفه وبداية شهر شعبان ونصفه، وكانت هذه الليالي من أبهج الليالي التي تعيشها القاهرة، فكان الخليفة المعز لدين الله الفاطمي ينفق في ليلة النصف من شعبان مبالغ كبيرة تعطي للمستحقين من الناس ويوضع الباقي في بيت المال، وكانت تقدم مختلف الأطعمة في رجب وشعبان ورمضان، كما كان يأمر الخليفة بحمل الفرش إلى جامع القاهرة وكذلك تعلق القناديل المذهبة والفضية وتحمل البخور والشموع ويرافق ذلك التهليل والتكبير.