5 أيام فقط متبقية على انتهاء شهر رمضان الكريم، ليحل على المسلمين أول أيام عيد الفطر المبارك، يوم الخميس المقبل؛ ليضفي فرحة وبهجة خاصة عليهم، حيث توارث المصريين بعض العادات التي يقومون بها استعدادًا لاستقبال العيد مثل تحضير أو شراء "كعك العيد".
ويأتي عيد الفطر المبارك هذا العام، في ظل ظروف جائحة فيروس "كورونا" المستجد، واتخاذ الحكومة عدة إجراءات للحد من انتشار الفيروس يتم تطبيقها ابتداءً من اليوم الخميس 6 مايو وحتى يوم 21 مايو، ومنها: "أداء صلاة العيد في المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة مع إتباع الإجراءات الاحترازية وعدم اصطحاب الأطفال، وغلق كامل للحدائق والمتنزهات والشواطئ العامة وغلق المحال والمولات التجارية والمقاهي والكافيهات والمطاعم ودور السينما والمسارح في تمام الساعة التاسعة مساءً.
أصل ظهور "كعك العيد"
يحرص المصريين على استقبال عيد الفطر المبارك، بشراء كعك العيد أو عمله بالطريقة المنزلية كما اعتاد كثير من البيوت المصرية، التي تعد عادة من العادات التي يحرص عليها المصريين وهو وجود الكعك والبسكويت والحلويات الأخرى الخاصة بعيد الفطر في هذا اليوم.
يعد "الكعك والبسكويت" من أبرز مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، والتي يرجع أصولها إلى عصر الفراعنة، فهم أول من عرفوه، حيث كان الخبازون في البلاط الفرعوني يحسنون صنعه بأشكال مختلفة، مثل: "اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير"، وكانوا يصنعونه بالعسل الأبيض، ووصلت أشكاله إلى 100 شكل نُقشت بأشكال متعددة، وكان المصريون القدماء يرسمون على الكعك صورة الشمس.
وفى التاريخ الإسلامي، استمرت عادة صناعة الكعك في مصر بعد الفتح الإسلامي، فكانت الدولة الطولونية والدولة الإخشدية، تستخدم تلك العادة للتقرب للمصريين وكسب ودهم ولإضافة شرعية على حكمهم، وقد نجحوا في استثماره كدعاية لهم.
كانت الدولة الطولونية (868 – 904 م) تصنع كعك العديد اهتمام كبير، فكان كعك العيد يَصنع في مطابخ القصر الحاكم، ويتم توزيعه على المصريين، وكان يتم نقشه برسومات مختلفة، ثم أخذ مكانة متميزة في عصر الإخشيديين، وأصبح من مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، ويوجد في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة توجد قوالب الكعك وعليها عبارات "كل هنيئا واشكر" و"كل واشكر مولاك" وعبارات أخرى لها نفس المعنى.
أما في عصر الدولة الفاطمية (909 – 1171 م) فقد حرصوا على الإبداع في تلك العادة لكسب ولاء ومحبة المصريين، لذلك أنفقوا أمولًا طائلة، حيث تم تخصيص إدارة حكومية أطلق عليها "دار الفطرة" ورصدوا لها مبلغ 20 ألف دينار، وعهدوا لها بـ 100 صانع كعك، يبدأ عملهم من منتصف رجب وحتى العيد، وكان الخليفة يشرف بنفسه على صناعته وتوزيعه على المصريين، وكان الفاطميون يحرصون على إعداد سماط (طاولة ضخمة) طولها 1350 متر، ويوضع عليها 60 نوع من الكعك ومشتقاتها، وكان الخليفة يصلي الفجر ويقف في الشباك وأمر بدخول عامة الناس، فيأكلون منه ويحملون منه إلى ديارهم.
كانت تنقش على الكعك عبارة " تسلم ايدك يا حافظة" نسبة إلى أشهر صانعة للكعك في هذا العصر، وكان هذا بمثابة "علامة تجارية في هذا العصر "وكان صفوة ضيوف الخليفة فقط هم من يستطيعون الحصول على هذا الكعك.
ليتحول الكعك بمرور الوقت إلى عادة تحرص السيدات على تقديمها للأسرة والضيوف في العيد، ويتجمع الأهالى لإعداد كحك العيد، ومع مرور السنوات أصبح الكحك الجاهز هو وسيلة الكثير من الأسر المصرية حرصًا على الوقت والمجهود في صناعته، إلا أن وجود الكحك في العيد سواء مصنوع بالمنزل أو جاهزًا عادة لا غنى عنها عند المصريين.
قديمًا، وبمجرد اقتراب نهاية شهر رمضان، كانت السيدات وخاصةً في المناطق الريفية وصعيد مصر، تتسارع لشراء مستلزمات صناعة الكعك والبسكويت في المنزل، مثل: "الزيت والسمن والسكر والدقيق"، وتتفنن في عمله وتقديم أنواع أخرى للضيوف والأقارب والأصدقاء، إلا أن هذا الأمر حاليًا لم يفعله بعض السيدات، نتيجة انتشار العديد من محلات الحلويات والمخبوزات الكبرى، فضلًا عن آلاف المخابز الصغيرة، والتي تتفنن في صنع أجود أنواع الكعك والحلويات الخاصة بالعيد بأسعار مناسبة إلى حد ما.
كما يحرص المسلمين عقب أداء صلاة عيد الفطر المبارك على تبادل التهاني بقدوم العيد، وتبدأ مظاهر الاحتفال بتوزيع "العيدية" والهدايا على الأطفال تحديدًا كنوع من خلق البهجة والابتسامة عليهم في العيد، كما يعتبر المسلمون العيد "فرصة جيدة" للتقارب بين بعضهم البعض، وإحياءً لـ"صلة الرحم" بينهم، التي حثهم عليها الدين الإسلامي.