الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مفكرون خالدون: سهير القلماوى.. سيدة الفكر والأدب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"إن سهير القلماوي مثل طه حسين، أحد الأعمدة الثقافية والأدبية في بلادنا، يجب ألا تندثرَ أعمالها بوفاتها، فما أسهل أن تندثر الرائدات من النساء." هذه الشهادة كانت للدكتورة نوال السعداوي عن رائدة من رائدات الفكر والنهضة المصرية، وأول فتاة تلتحق بجامعة القاهرة وأول امرأة مصرية تحصل على رخصة الصحافة في مصر.
استطاعت القلماوي الجمع بين طموحات الرجل وأحلام المرأة لتسير بجرأة تحسد عليها، على طريق أستاذها وأبيها الروحى الدكتور طه حسين لتغدو صاحبة مدرسة علمية تخرج فيها أكثر من مائة باحث وباحثة حصلوا على درجتى الماجستير والدكتوراة على يديها، وأول من درّس اتجاهات النقد الأدبى الحديث في الجامعة المصرية، وكانت أول باحثة عربية تثبت لمفكرى الغرب ومبدعيه أن فن القصة والرواية لم يكن اختراعًا غربيًا بعدما حصلت على درجة الدكتوراة في الآداب من جامعة السوربون عام ١٩٤١ عن بحثها الرائد في المؤلف الروائى الضخم «ألف ليلة وليلة» لتصبح رسالتها العلمية تلك حُجة على المستشرقين وغيرهم بعد أن ألقت الضوء على مؤلف عربى متفرد بمئات القصص التى تجمع بين الحقيقة والخيال والأسطورة والتاريخ إلى جانب ذلك الخلط العبقرى بين التراث الشعبى والواقع الأدبى، وكانت أول من حصل على الدكتوراة في الآداب من السيدات، وأول مصرية تحصل على كرسى الأستاذية في الجامعة المصرية عام ١٩٥٦، وأول سيدة تولت رئاسة قسم اللغة العربية بكلية الآداب عام ١٩٥٨، وأول سيدة تتولى رئاسة المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر والترجمة التى عرفت فيما بعد باسم «هيئة الكِتاب» وكانت أول سيدة تحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام ١٩٧٧، وعلى صعيد العمل السياسى عضو بمجلس الأمة عام ١٩٥٩ وفى مجلس الشعب عام ١٩٧٩.
كان للقلماوي حديث أسبوعي في الراديو المصري. وملأت صفحات الصحف السيارة والمجلات بكتاباتها المحررة النازعة إلى إعمال العقل والتوجيه وطلب العلم والوفاء بحاجات المجتمع العصری من نظام وعمل وقانون وجدية والتزام ويفسر هذا التوجه التجدیدی عملها الأكاديمي، وفي فن الأدب قدمت نظرية الأدب من أول محاورة (إيون) لأفلاطون - وقد نقلتها هي ومحمد صقر خفاجة إلى العربية - إلى آخر الأعمال والدراسات والبحوث التي عاصرتها في فلسفة الفن بعامة، وفلسفة الفن الأدبي بخاصة. وكنا ولا نزال نتخذ من هذا الكتاب. على صغر حجمه ويسر صياغته - واحدا من الأعمال المبكرة في حقله. وفي محاضرات في النقد الأدبي عرضت آخر النتائج التي توصل إليها أئمة النقد والفلسفة وما اعتمدته الدوائر العلمية المتخصصة. في هذا الكتاب نهجت نهجا جديدا - فريدا في زمانه، فجعلت لكل طرف من أطراف الظاهرة الأدبية فصلا قائما برأسه. الكاتب والقارئ، والنص. وكانت هذه الخطة بابا اتسع بعد ذلك ليصير إلى علم الكتابة ونظريات القراءة. ولها إلى جانب ذلك كله بحوث موجزة في نظرية الفن وعلم الجمال (مثلا، الشعر والفنون الجميلة: ١٩٩٤)، وعشرات المقالات التطبيقية تقرأ فيها أعمالا قديمة وحديثة: قرأت لك، ومئات المقالات في التربية والمجتمع والتعليم والعلم. كان مشروع (المهمة) ساطعا لديها منذ البداية: تعقيل الفكر وتحديث الدرس. كانت على يقين أن وراءها مدخرات (عقلانية) منذ آلاف السنين بيد أن هذه المدخرات
جمدت - لظروف كثيرة معروفة - في القرون المتأخرة. فكانت ألف باء المهمة مواصلة ذلك النهج العقلاني العتيق في مناخ يلبي حاجات عالم جديد. وكانت على يقين أن وراءها إبداعات في العلم والتقنية والفنون، جمدت في عصر الخمول الإبداعي، فكانت أصول المهمة مواصلة الإبداعية بتحديث الدرس الفني والجمالي لتسطع لدى الأجيال الجديدة من العلماء والدارسين منجزات البشرية لتضاف إليها منجزات محلية تقوم بها وعليها وهذا ينقلنا من المهمة إلى الواجب.
المجتمع الحديث ينهض على المؤسسات وواجب الرائد أن يكون في صف بناة هذه المؤسسات والقلماوي في الصف الأول من طلائع هؤلاء البناة. تبدى واجب بناء المؤسسات لديها في كل مناحي الحياة، المتخصصة الأكاديمية والعامة الاجتماعية والسياسية.
وامتد الواجب - إقامة مؤسسات المجتمع الحديث - إلى مداه، فتجاوز الأكاديمية والإبداعية والعلمية إلى مناحي الحياة العامة الأساسية:
- تأسيس اتحاد الجامعيات المصريات ورئاسته.
- رئاسة الاتحاد النسائي المصري خليفة لمؤسسته هدى شعراوی.
- رئاسة الاتحاد النسائي العربی.
بل إن هذا الواجب المؤسسي قد امتد إلى بعيد: إلى المؤسسة التشريعية - البرلمان - فكانت عضوا نشطا في مجلس الشعب. وشهدت لجنة الثقافة والإعلام به، نهجا جديدا ونظرا فريدا، وشهدت جلساته العامة معالجات مضيئة للمشكلات الراهنة ورؤى متقدمة لمستقبل آت.