ضمن مقتنيات دار الوثائق القومية توجد وثيقة لرؤية هلال رمضان تعود لـ225 عاما بحضور رئيس الفقهاء والمفتين الحنفي والشافعي والمالكي، التي نشرتها الدار في مبادرة وزارة الثقافة " خليك في البيت...الثقافية بين إيديك"، وثيقة يبلغ عمرها قرابة قرنين وربع، وهي الوثيقة الخاصة برؤية هلال شهر رمضان المعظم.
ويستعرض لنا الوثيقة، الدكتور راضي محمد جودة، المحاضر في التاريخ الحديث والمعاصر وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، قائلا: وثيقة رؤية هلال رمضان لعام 1211 هجرية 1796 ميلادية، أواخر الحكم العثماني في مصر حيث جاءت بعدها الحملة الفرنسية بسنتين.
وجاء نص الوثيقة: "حضر المكرم مسعود بن المرحوم الحاج حميدة الشهير بالكسير والمكرم عبدالكريم ابن المكرم الحاج عبدالرازق تركي والمكرم السيد رجب بن المرحوم الحاج حسين البنداق وشهدوا بأنهم رأوا هلال شهر رمضان ليلة الاثنين المبارك وذلك بحضرة كل من مولانا العمدة الفاضل الشيخ سليمان قتيبة المفتي المالكي ومولانا الشيخ العمدة الفاضل السيد سليمان عبدالله العلاف الفرضي المالكي والشيخ العمدة برهان الدين إبراهيم اليزجي المفتي الحنفي ومولانا العمدة الشيخ أحمد عبدالله المؤذن المفتي الشافعي ومولانا العمدة الإمام الشيخ إبراهيم أبو الخير ومولانا الشيخ مصطفى السعران رئيس الفقها وغيرهم من الحاضرين".
ولفت "جودة" إلى أن الوثيقة تعود أهميتها إلى كونها أقدم وثيقة تحدثت عن رؤية هلال رمضان في العصر الحديث، وهى بذلك تعد من الوثائق النادرة بدار الوثائق القومية بالقاهرة.
وقال جودة، إن رؤية شهر رمضان المعظم كانت تظهر في القاهرة بشكل مركزي بوصفها مقر الحكم، ثم يتم ارسال أمر إلى باقي المحافظات والمديريات بتوقيت بداية الصوم.
وتعود وثيقة إعلام محافظ دمياط برؤية الهلال لعام 1855 ميلادية 1271هجرية، في عهد سعيد باشا الذي تولى الحكم عام 1854 حتى 18 يناير عام 1863.
وجاء نص الوثيقة: "إعلام إلى سعادة مدير محافظ دمياط.. هو أنه ثبت لدينا بالبينة الشرعية المقيد اسمهم بالمضبطة رؤية هلال شهر رمضان ليلة تاريخه التي هي ليلة الخميس، أي فيكون غرة شهر رمضان سنة تاريخه أدناه يوم الخميس الذي هو بكره تاريخه فتشهروا ذلك بضرب المدافع كالعادة وكل عام وأنتم بخير.
وحول استخدام المدافع في المناسبات علق "جودة"، أنه يرجع استخدام مدفع الإفطار في مصر لعام 859 ميلادية في عهد السلطان المملوكي خوش قدم وذلك حينما جاء له مدفع هدية من ألمانيا فأحب تجريبه خوش قدم فكان التجريب لحظة الغروب فاعتقد الناس إنه موعد الإفطار، ولما توجه الأهالي لشكر السلطان قرر أن يتم عمل هذا كل يوم واستمرت عادة ضرب المدفع لحظة الإفطار.
وتابع "جودة" أن مدفع رمضان توقف وظهر في عهد محمد على باني الدولة الحديثة، حيث ظهرت عدة مدافع جديدة، وتم إطلاق المدفع بالذخيرة الحية والتي أبطلها سعيد باشا عام 1859 خوفا من أن يؤذى أحد الأهالي، وأهملت لفترة طويلة حتى استعادها وزير الداخلية في عام 1983، ونظرا لتأثيره على الآثار بالقلعة تم نقل المدفع لجبل المقطم.
واختم حديثه، بأن المدافع الرمضانية ظهرت في دول عربية مثل فلسطين وبغداد ودمشق والإمارات وعدد من الدول الإسلامية، كما أن المدفع يتم استخدامه في مناسبات دينية ووطنية، حيث يتم إطلاقه فيها: مثل المولد النبوي ورأس السنة وعيد الثورة وغيرها.