تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
* ابن مخيم الدهيشة أصيب برصاص الاحتلال فى مدينة الخليل
* فقد عينه واستقرت الرصاصة في رأسه كما استقر الاحتلال فى وطنه
* عين الحقيقة لن تنطفئ وسنواصل النضال بالكاميرا والقلم والصورة
لم يكن يدرك معاذ عمارنه أنه سيودع اليوم أغلى ما يملكه الإنسان وهى " عينه "، ورغم مرور أكثر من عام لا زال معاذ يتذكر ما حدث وكأنه بالأمس، إحتجاز ورهن ثم تندر فى اعتداء كاد أن يفقد معاذ حياته بالكامل إلا أن القدر كان له كلمة أخرى أحرجت ممارسات الاحتلال وفضحته أمام العالم.
معاذ عمارنة - من مواليد عام 1987 فى مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين جنوب شرق بيت لحم - هو مصور صحفى فلسطينى يعمل لصالح عدة وكالات أنباء في تغطية أخبار القضية الفلسطينية.
فى الخامسة عشر من شهر نوفمبر عام 2019، خرج معاذ كعادته ضمن مجموعة من المصورين والصحفيين لتغطية أحداث دامية حدثت وقتها بين جيش الاحتلال وفلسطينيين فى بلدة صوريف على مقربة من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.
يقول معاذ لـ "البوابة " شعرت يومها أن هناك شيئا سيحدث، فجنود الاحتلال فى البداية احتجزونى لديهم لبعض الوقت، فقد كنت آخر الواصلين من الصحفيين إلى منطقة المواجهات، وبعد مناقشات استمرت عشر دقائق قال قناص كان يوجه بندقيته نحو المتظاهرين "دعوه يمر.." وبدأوا يتحدثون بالعبرية بلغة لم أفهمها، ثم ضحكوا وسمحوا لى بالمرور وقال لى الجندى " خلاص أمشى ".
يكمل معاذ أنه وفى تلك الأثناء شعر أن هناك شيئا ما سيحدث، وحذر الصحفيين حوله من احتمال استهداف الجنود لهم، وكان يختبئ خلف ساتر ترابى ويعود للتأكد من تسجيل الكاميرا، قبل أن يطلق القناص الرصاص ويصيبه مباشرة فى عينه.
يقول معاذ لم يخطر ببالى أن أفقد عينى، توقعت أن هناك مواجهات ستحدث معهم وكما هو المعتاد أن تأتى الإصابات في الجسد لذلك كنت أرتدى الواقى وأحمى نفسي، وحميت رجلي بساتر ترابي، هكذا نأخذ إحتياطتنا كصحفيين أثناء الحادث.
وعلى حين غفلة شعر معاذ بشئ اخترق عينه ظن في البداية أنها رصاصة مطاطية ولكن وضع يده على عينه الثانية وأغلقها فلم يرى شيئا، وقتها عرف الحقيقة، وبدأت جراح عينة تسيل، ليعلم بعد ذلك أن رصاصة قد إنطلقت من قناصة الاحتلال لترتطم بأحد الأعمدة المجاوره له لتخرج منها شظية مباشرة إلى عينه اليسرى أفقدته النظر.
كان ذلك تحديدا وبحسب ما وصفه معاذ بعد صلاة الجمعة مباشرة حيث انتهت المواجهات مع جيش الاحتلال وكان فى طريق عودته إلى السيارات التى تنقل الصحفيين من منطقة المظاهرات، لم يكتف الاحتلال بذلك ولكن حاول الجنود منع الصحفيين من حمل معاذ إلى المستشفى أو أقرب نقطة إسعاف"، ففبحسب وصف معاذ كانت حالته حرجة للغاية.
تفاجأ معاذ فى المشفى بأن الرصاصة التي اخترقت عينه اليسرى استقرت في رأسه ليخبره الأطباء أنه سيتعايش بها طيلة حياته وذلك لقربها من غشاء المخ مما سيتسبب بخطورة بالغة إذا تمت أى محاولات لإخراجها، تلك الرصاصة أصبحت فى رأس معاذ كما الاحتلال فى بلدة، ليشعر بوجع دائم جعله حتى يتأرق فى نومه.
يقول معاذ أن استهدافه كان أمرا مؤكدا كونه صحفيا ويؤكد " استهداف الصحفيين فى الأراضى المحتلة غير طبيعى وبشع بكل أشكاله، فأن تكون صحفيا فى فلسطين أنت تحمل روحك على كفك يوميا، تخرج ولا تدري هل ستعود مرة أخرى أم ستكون النهاية".
يجيب معاذ حول إذا ما كان قد شعر بالندم على عمله فى الصحافة قائلا " لا اكيد مش ندمان وعينى مش أغلى من زميل استشهد ووطن محتل.. عين الحقيقة لن تنطفئ وسنواصل النضال بالكاميرا والقلم والصورة هذا السلاح الذي بات يسبب حرجا للاحتلال "
وفى رسالة وجهها معاذ في ختام حديثه للصحفيين قال " الشكر لله أولا ثم للزملاء الصحفيين الذين كانوا بجانبى وما يزالون، واطلب منهم الضغط على المجتمع الدولى بأن يتم تحمل مسئولياته وفضح ممارسات الاحتلال باستهداف الصحفيين المباشر والممنهج".