تثبت المرأة المصرية دائمًا أنها لا تعرف المستحيل، ومنهن نموذج "أم هدى"، فعندما رحل رب الأسرة قامت باصطحاب ابنتها وشقيقتها التي تعاني من نفس ظروفها، وبدأن باستخدام مهارتهن في المخبوزات الريفية ليقمن مشروعا صغيرا في مدينة المحلة الكبرى، لعمل الخبز البلدي والفطير، وبيعه لأهالى المدينة العمالية، التى تفتقد لهذه العادة الريفية الجميلة، وتثبت أن المرأة العاملة قادرة على تغلب مصاعب الحياة، وبات كل من يشتري منها، زبونا دائما، لجمال مذاق مخبوزاتها، وأصبحت لها شهرة كبيرة بين الأهالي.
فرن وماكينة فرد وطبلية وملاية سرير، الأدوات والوسيلة لأم هدى لكسب لقمة العيش، حيث قامت بعمل خيمة صغيرة من ملاية السرير التى تم تثبيتها على 4 قطع خشبية، وقامت هى بالعجن ونجلتها بالتقطيع والفرد، وشقيقتها بعملية التسوية داخل الفرن، لينتجن الخبز الفلاحي والفطير والرقاق وبيعها لأهالى المدينة الذين يفتقدون هذه المأكولات الريفيه وتثبت لسيدات مصر أن العمل من عبادات الرحمن.
تروي أم هدي حكايتها، قائلة:" زوجي انفصل عني، وتركني أنا وأولادي، وأختى أيضا في نفس ظروفي، لذلك كان لا بد أن نبحث عن وسيلة للرزق وقوت أولادنا بطريقة شريفة، وأنا فخورة جدا بنفسي إنى قدرت أنجح"، مؤكدة أنها تتقن فن الخبز البلدي والفطير وأنها استغلت مهارتها هذه من أجل كسب لقمة العيش وبدأت في هذا العمل منذ 14 عاما، وأصبح الجميع يعرفها ويأتى إليها لشراء متطلباتهم.
وأوضحت أن ابنتها الكبرى هدى وشقيقتها يساعداها في فكرتها ووصلا بالفعل لما كانوا يريدون فبرغم صغر مشروعهن، إلا أنه لاقى نجاحا كبيرا، مشيرة إلى أنها تأتى في كل يوم من العاشرة صباحا وحتى أذان المغرب، تبدأ في عجن وخبز منتجاتها أولا بأول وهو مايجعل الأهالى يقبلون عليها لجودة منتجاتها.
لافتة إلى أنها لها من الأبناء ثلاثة تعمل على تربيتهم وتعليمهم بمفردها وقد تحملت الابنة الكبرى مساعدتها، بعد أن اضطرت للخروج من سنوات التعليم من أجل مساعدة والدتها في تربية إخوتها.
وأشارت هدى الابنة الكبرى، إلى أنها لا تخجل نهائيا من مهنتها بل تحبها حبا كبيرا، وتشعر بالفخر بوالدتها التى عانت من أجلها ومن أجل أشقائها الكثير بعد أن رحل عنهم الأب وشغلته الحياه عن أبنائه، قائلة: "أنا بنت لكني أحسن من شباب كتير قاعدين على القهاوى وبياخدوا المصروف، أنا بشتغل من صغري عشان أجيب لقمتي بالحلال".