يؤكد الحكيم ماركوس أوريليوس أن الزمن في حركته وتدفقه يجرف في طريقه كل شيء، فلا أحد يبقى ولا أحد يدوم ويستمر، فسوف يمر كل شيء وهو في طريقه للنسيان، ووسط كل هذا يجدر بالإنسان أن يتجنب فعل أي شيء ضد فطرته.
يقول "ماركوس" خلال كتابه "التأملات" الذي يضم آراءه وفلسفته: هل يخشى أحدٌ من التغيُّر؟ حسنٌ، فأي شيءٍ يمكن أن يحدث من دون تغيُّر؟ أو أي شيءٍ أعزُّ على طبيعة «الكل» وأقرب إليها من التغيُّر؟ هل بوُسعِك أنت نفسِك أن تغتسل إذا لم ينل التغيُّر خَشبَ المَوقد؟ هل بوُسعِك أن تأكل دون أن يتغير ما تأكله؟ هل يمكن أن يتحقق أي شيءٍ نافعٍ في الحياة بدون تغيُّر؟ ألست ترى، إذن، أن التغير بالنسبةِ لك هو الشيءُ نفسه، وأنه ضروريٌّ بنفس الدرجة لطبيعة «الكل»؟
ويتابع فيلسوف العرش: في مادَّة العالم، كما في تيارٍ جارف، تذهب جميع أجسادنا؛ فهي بطبيعتها متحدةٌ بالكل ومُتعاونةٌ معه، مثلما تتعاون أعضاء الجسد الواحد بعضها مع بعض، كم خريسيبوس، وكم سقراط، وكم إبكتيتوس ابتلعته الأبدية؟
ويوضح في إطار كل هذا الزوال: أنا لا أخشى إلا من شيءٍ واحد؛ أن أفعل شيئًا ما؛ لا تسمح به فطرة الإنسان، أو بطريقةٍ لا تسمح بها الفطرة، أو أفعلَ ما لا تَسمحُ به الآن. سرعان ما ستكون قد نسيتَ كل شيء، ويكون قد نسِيَك كل شيء
ماركوس أريليوس، فيلسوف، وإمبراطور روماني، حكم في الفترة من 161 وحتى 180م،، كرس حياته للأدب والفلسفة والمدرسة الرواقية، لقب بفيلسوف العرش، كتب هذه التأملات بشكل يومي باللغة اليونانية، ولم يقصد بها النشر أو مخاطبة القراء بل كان يكتبها لنفسه من باب التمرين والتدريب، تأثر بكثير من الفلاسفة السابقين مثل سقراط وهيراقليطيس.