في ظل استمرار أزمة "سد النهضة" وتعنت الجانب الإثيوبي للوصول إلى اتفاق ملزم قانوني يضمن حقوق الدول الثلاثة "مصر- إثيوبيا- السودان"، عقد مركز مصر للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية بالتعاون مع مركز "ايجبيشن انتربرايز" للسياسات والدراسات الإستراتيجية، أمس، ويبينار تحت عنوان "تطورات أزمة سد النهضة وسيناريوهات التعامل المصرى في ضوء اللجوء الإثيوبي إلى مجلس الأمن"، وذلك عبر تطبيق "زوم".
"الري": "قدمنا 15 سيناريو لإثيوبيا والملئ الأول للسد تم بالمخالفة للقانون الدولي"
قال المهندس محمد غانم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الري، أحد المشاركين في "الويبينار"، إن الجانب الإثيوبي يُصر على اتخاذ إجراءات أحادية والمماطلة وهذه هي المشكلة التي نواجهها، حيث إنه يتضح أنه ليس هناك إرادة سياسية لدى الجانب الإثيوبي لتوقيع اتفاق، وهذا ما وضح خلال ال 10 سنزات الماضية، مضيفًا أن مصر قدمت أكثر من 15 سيناريو للجانب الإثيوبي خلال السنوات الماضية، وكلها تحقق مصالح الجانب الإثيوبي، ولكن لم يتم قبول أي منها، ولهذا نرى إجراءات متعمدة من الجانب الإثيوبي تحدث أضرار لدولتي المصب.
وأوضح المهندس محمد غانم، أن إثيوبيا قامت بالملئ الأول لسد النهضة كإجراء إحادي تم بالمخالفة للقانون الدولي، الذي يمنع أن تقوم أي دولة بإجراء يؤثر على دول المصب، والآن تعلن إثيوبيا أنها بصدد الملئ الثاني، وكانت في الملئ الأول بدعوى أنه بهدف توليد الكهرباء، ولم يتم ذلك وتستمر الأكاذيب والتضليل الإثيوبي بأن الملئ الثاني يستهدف أيضًا توليد الكهرباء بينما التوربينات ليست جاهزة لذلك.
نصيب الفرد من المياه في مصر نصف خط الفقر المائي
وتابع، أن حصة مصر من مياه النيل مازالت بنفس الكمية منذ أكثر من 60 عاما، بينما عدد سكان مصر تضاعف نحو 5 مرات وتعدى إلى 100 مليون نسمة، موضحًا أن الدولة انبهت لذلك منذ فترة طويلة واتخذت سياسات عديدة لمواجهة ذلك من جانبها، ولكننا نواجه مشكلة حقيقية، لأن موارد مصر المائية تشمل 55 مليار متر مكعب حصتنا من مياه نهر النيل، وبعد إضافة بعض المصادر الأخرى منها غير متجددة لا تتجاوز كمية المياه المتاحة كاملة 60 مليار متر مكعب بينما تبلغ احتياجاتنا 114 مليار متر مكعب، حيث إن الأرقام توضح حجم الشح المائي في ظل التحديات التي نواجهها مع سد النهضة والإجراءات الأحادية من الجانب الإثيوبي، وطلب مصر فقط هو أن يكون هناك اتفاق ملزم لتنظيم عملية ملئ وتشغيل سد النهضة.
ويوضح، أن نصيب الفرد في مصر من المياه الآن يبلغ نحو 550 متر مكعب سنويًا، وهذا يمثل تقريبًا نصف خط الفقر المائي الذي يحدد بـ 1000 متر مكعب سنويًا.
كما أكد الدكتور هاني رسلان، خبير الشئون الأفريقية، ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أنه لا بد من إدراك أننا في حالة صراع فرض علينا مع إثيوبيا، ومن يقفون خلف إثيوبيا، حيث إن مصر بذلت جهدا مضنيا بصبر كبير ومرونة، وخلال 10 سنوات لم نترك بابا إلا تركته ولا طريقا إلا سلكته، ولكن دون جدوى، لأن هناك أجندة غير معلنة تظهر للعلن بالتدريج، وهي أن إثيوبيا لا تريد التنمية ولا الكهرباء، وإنما تريد السيطرة على نهر النيل وبيع ونقل المياه خارج الحوض، وتريد في نهاية المطاف حصار مصر والتضييق عليها ووضع فواصل وعوائق بينها وبين السودان، ثم لديها أطماع في أراض بالسودان ثم تريد بعد ذلك استعادة اريتيريا لكي يكون لها منفذ على البحر.
ويستكمل، أن هذه الخطوات ليست تحليلا، ولكنها فعلية ولها شواهد من تصريحات رسمية وسلوك فعلي قائم على الأرض، نحن الآن في حالة صراع ويجب أن نكيف إدارتنا وعملنا وطريقة تفكيرنا على هذا الأساس، وعلينا أن ندافع الآن عن قوتنا، لأنه إذا تناقصت مياه النيل أو توقفت، فإن مصر ستتعرض لإخطار جسيمة، ولن ينفعنا في هذه اللحظة أحد، ونرى كيف أن كثيرين انقلبوا على مصر وأظهروا مواقف سلبية للغاية تجعل في الحلق غُصة.
ويؤكد الدكتور مساعد عبد العاطي، أستاذ القانون الدولي للأنهار الدولية، أحد المشاركين في "الويبينار"، ثبات موقف مصر القانوني، وأن كل قواعد القانوني الدولي للأنهار الدولية وكل تطبيقات القانون الدولي والتحكيم الدولي ترسخ لموقف مصر الشرعي وحقها في حماية الحقوق المكتسبة في مياه نهر النيل على وجه عام، كما أن الملف القانوني المصري ملىء بالحجج القانونية الدامغة التي تمكن مصر من الدفاع عن حقوقها المائية على كافة المحافل الدولية، مضيفًا أن مصر قدمت العديد من المبادرات بحسن النية وللتقارب مع الدولة الإثيوبية ومع الشعب الإثيوبي، ولا يوجد أي عداء بين الشعب المصري والإثيوبي، ويتجلى ذلك في تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي وفي خطابات الدولة المصرية الرسمية.
ويطالب الدكتور مساعد عبد العاطي، بعدم السكوت على السد بالمواصفات الحالية، والملئ الثاني لسد النهضة، لأن السكوت على الملئ الثاني والسد بهذه المواصفات سيكون محبسا استراتيجيا وسابقة فنية وقانونية لن يمكن لمصر أن تتصدى لها أو تواجه دول الهضبة الإثيوبية في المستقبل، لأن هذا السد بهذه المواصفات تحدي وجودي مقصود وممنهج وخطر استراتيجي للدولة المصرية، ولابد أن يستمر التنسيق والدعم والتعاون مع الأشقاء في السودان على كافة المحاور ولابد أن تقوم كل الوزارات المصرية بتنفيذ تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي المباشرة، والتي كان لها بالغ الأثر في التعاون مع السودان في دعم هذا التعاون، لأنه غاية في الأهمية، خاصةً التقارب والضغط المصري السوداني على مستوى القارة الأفريقية مهم جدا، لأنه لا بد أن نحيّد إثيوبيا في موضعها ونواجه للأسف دول عربية بالقارة الأفريقية تدعم إثيوبيا، ولهذا لا بد أن يكون هناك زيارات متبادلة ودعم بين الخارجية المصرية والسودانية للدول الفاعل بالقارة الأفريقية بصفة مستمرة.
ويستكمل، أنه لا بد أن نركز ونعول على الانتهاكات القانونية ومظاهر التعسف والانتهاك القانوني الإثيوبي أمام مجلس الأمن بإسهاب مطول وتطبيقات دولية على كل صور الانتهاكات الإثيوبية، والتركيز على جانب مهم قانوني وهو كيف تستطيع الخارجية المصرية والسودانية، أن تضع إثيوبيا في دائرة المسئولية الدولية في إطار قواعد القانون الدولي العام وقواعد الأنهار الدولية، وكيف أن إثيوبيا بإرادة صريحة وإستراتيجية موجهة أصبحت تهدد السلم والأمن الدوليين في منطقة القرن الأفريقي، وأن إثيوبيا لم تتجاوب حتى هذه اللحظة مع أي من المبادرات وأن العلة في التمسك بالاتحاد الأفريقي هو إدعاء لا يتنافى مع إدخال اي طرف أو توسيع مظلة التفاوض وبالتالي الدعم والتنسيق المصري السوداني مهم جدا، والتركيز على الجوانب القانونية في خطابنا لمجلس الأمن عندما تعقد جلسة طارئة، وأيضًا المنظمات الأخرى كالاتحاد الأوروبي ودول العالم الخمسة في مجلس الامن لا بد أن نبني الخطاب المصري على خطاب قانوني من واقع تطبيقات القانون الدولي للأنهار الدولية والقضاء والتحكيم الدولي، لانه سيحمي مصر، وذهاب مصر إلى مجلس الأمن مؤخرا حققت عنصر الأمان القانوني.
ويضيف خالد البرماوي، الصحفي المتخصص في الإعلام الرقمي، أن الموقف المصري إلى الآن موقف قوي بداية من عام 2014 على المستوى السياسي والفني والخارجي، ينبغي التركيز في الخطاب الإعلامي على مجموعة من القضايا لتوضيح موقف مصر بشأن السد وخورته يالمعلومات والأرقام والدراسات بما فيها دراسات قام بها علماء إثيوبيين، فلا بد من توجيه رسائل إعلامية بقوالب فنية وصياغات رقمية بشكل أكبر، كما يجب تحفيز القوى الرقمية برسائل عادلة ومنطقية دون معاداة، لأن قضيتنا عادلة وليست سياسية، متمنيًا على المدى المتوسط والبعيد أن نتفهم أن جزء كبير جدا مما حدث لرصيدنا هو التناول الإعلامي سواء في محيطنا الإقليمي أو العالمي، وهذا يعني خسائر كبيرة، وأي استثمار إعلامي سنضعه سواء على القطاع الخاص أو الحكومي سيكون مهما جدا، ولابد أن يكون لدينا وسائل إعلامية أكثر موجهة إلى محيطنا الإقليمي العربي والأفريقي.