يعتبر الصحفى والكاتب الأمريكى بنجامين موسر واحدا من أهم الأصوات الأدبية في الولايات المتحدة حاليًأ.. ويعتبر كتابه " سوزان سونتاج: حياتها وأعمالها" أبرز كتبه الذي حصد به جائزة"بوليترز" لأفضل سيرة ذاتية..موقع "ذا توك"أجرى معه حوارا حول الكتابة..
■ لقد نشأت في المكتبة التي تديرها والدتك في تكساس. هل ساعدك ذلك على احتراف الكتابة؟
- نشأت بين أشخاص مهتمين بالكتب - لكنني لم أرغب في أن أصبح كاتبًا. لطالما أحببت الكتب، لكن هذا لا يعنى بالضرورة أنني فكرت أنا أكون كاتبًا وقتها. كنت قادمًا من خلفية لها علاقة بالكتب، لكني لا أعلم كيف يتم كتابتها. أعتقد أن احتراف الكتابة حدث عندما كنت أكبر سنًا بقليل، في أوائل العشرينيات من عمرى عندما اكتشفت كاتبين جعلنى أرغب حقًا في احتراف الكتابة: كلاريس ليسبكتور وف. إس. نايبول.
■ ما الذى ألهمك عند قراءتهم ؟
- أعطاني كلاهما فكرة عن نبل الكاتب، والإمكانيات التى يمتلكها الكاتب للتعبير ودوره في المجتمع. لقد اكتشفت الكاتبة البرازيلية كلاريس ليسبكتور أثناء دراستى اللغة الإسبانية في الكلية وقد أسرتنى كثيرًا. ما زلت لم أتغلب على تأثيرها أبدًا، لقد مر ٢٥ عامًا! كتاباتها لها تأثير جمالى قوى بشكل لا يصدق. وكان لدى ف.س. نايبول فكرة عن نبل الكاتب وواجبه تجاه المجتمع.
■ لأنك تعتقد.. "لا يمكننى أنه لا يمكنك الكتابة بهذه الجودة؟"
- بالضبط. ولكن بعد ذلك تجد طريقك الخاص: هذا جزء من عملية البدء في الكتابة، مجرد محاولة لمعرفة ما هو صوتك؟ وماذا لديك لتساهم به؟
■ إذن من أين بدأت؟
- أسلوب نايبول واضح جدًا ومثالي لدرجة أننى اعتقدت أن هذا هو المكان المناسب للبدء ككاتب، فقط أحاول كتابة بضع جمل واضحة. بالطبع، بمجرد أن تبدأ الكتابة، ستدرك مدى صعوبة ذلك. الكتابة بشكل واضح وبسيط أصعب بكثير من الكتابة المعقدة..خاصةً عندما تخترق عالم الكتابة من خلفية أكاديمية مثلما فعلت، فأنت معتاد على الكتابة عن أشياء غالبًا ما تكون معقدة. توماس مان لديه مقولة شهيرة يقول فيها "الكاتب هو شخص تكون الكتابة بالنسبة له أكثر صعوبة مما هي بالنسبة للآخرين." ويصبح الأمر أكثر صعوبة كلما تحسنت فيه.
■ ما هي الأشياء التي توقعت أن تكون أصعب مما كانت عليه في الواقع؟
- الكتابة هى الشىء الذي يحذرك منه الجميع. أعني، لا أعتقد أنك تصبح ثريًا ككاتب - أنا بالتأكيد لم أفعل ذلك - ولكن اتضح أن هناك الكثير مما يمكنك فعله ككاتب لكسب لقمة العيش. قد لا يكون الأمر كله كتابة، ولكن يمكنك العمل بالصحافة والتدريس... ليس عليك أن تكون فقيرًا ككاتب.
■ عندما بدأت في كتابة كتابك الأول، سيرة كلاريس ليسبكتور، لم يكن هناك اهتمام كبير من الناشرين؟
- بالفعل. عندما اكتشفت كلاريس كانت غير معروفة لدى قراء الإنجليزية، وفي الواقع، في أي لغة خارج لغتها، حيث تعتبر واحدة من أعظم الكتاب في القرن العشرين. أنا مقتنع بأنه إذا عرضت هذه الشخصية على الناس، فهناك عدد كبير من الأشخاص مثلى يهتمون بالفن والكتب والمسرح والموسيقى والرسم، وسيحب هؤلاء أن يقروا عنها! " لذلك أمضيت سنوات عديدة في الكتابة،بدون عقد، فقط أكت كلما استطعت، أسافر إلى البرازيل كلما استطعت. ولدهشتي، نجحت، وأحبها الناس. وكل من قرأ السيرة، أراد بعد ذلك قراءة عملها - حدث الشىء نفسه عندما كتبت عن سوزان سونتاج.
■ يبدو أن كتابة السيرة الذاتية أصبح بمثابة مشروعا عاطفيا بالنسبة لك..أليس كذلك؟
- بالطبع.. تتورط كثيرًا مع الشخص الذى تكتب سيرته، إنه مثل الزواج بطريقة ما: فأنت لا تعرف الشخص جيدًا عندما تتزوج، وكذلك عند الكتابة عن كاتب، "سوزان سونتاج: حياتها وأعمالها" استغرق سبع سنوات. هناك قدر مذهل من التفاصيل التى تبدأ في مطاردتك عند الكتابة. لا أحاول أن أقول إن الأمر يطاردك مثل الشبح، لكنها تتحدث معك من خلال كتاباتها، من خلال كتبها، من خلال رسائلها. إنها رحلة. إنها طريقة رائعة للتعرف ليس فقط على مجموعة الكتب، ولكن على الشخص.
■ هل تؤثر شخصيتك على طريقة كتابتك عن هؤلاء الأشخاص؟
- حسنًا، من السهل جدًا الحكم على الآخرين - فالناس يفعلون ذلك طوال الوقت!. وأحيانًا نكون على حق، وأحيانًا لا نكون على صواب، لكن بغض النظر. لا يهم حقًا ما أفكر فيه، من المهم ما تفكر الشخصية فيه. إنه أحد الأشياء التي أعتقد أنها تتطلب نضجًا معينًا لكاتب السيرة الذاتية.
■ لكن في الوقت نفسه.. لا تريد أيضًا إنكار شخصيتك أثناء الكتابة؟
- حقا. يفعل الكتاب ذلك غالبًا في السير الذاتية والأعمال التاريخية. لكن بصفتى كاتب سيرة ذاتية، فأنا لا أحاول إخفاء نفسى في كتبى. أعنر، لدى آراء لا أنكرها، لكننى أيضًا لا أريد أن أفرض آرائى على حياة الآخرين. أضع صوتى في الكتاب، بصفتى ناقدًا. لذلك عندما أقرأ أعمال سونتاج، على سبيل المثال، لا أقتبس من آراء ٥٠ شخصًا آخر حول أعمالها. أنا أخبرك برأيى في عملها.
