السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

رائدات من زمن فات| عزيزة حلمي.. ست الحبايب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحت مظلته الواسعة، وعلى خشبته المثيرة، تجتمع فنون التمثيل والرقص والغناء والأداء والتلحين والموسيقى، والمناظر والديكور، لذا كان المسرح أبو الفنون، وخلال رحلته الطويلة شهدت خشبته مجموعة من الرائدات منذ مراحله المبكرة، اللاتى قدمن بدورهن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان.
وقد اختص المؤرخ المسرحي د. عمرو دوارة «البوابة» بموسوعته الجديدة غير المسبوقة، التى تحمل عنوان «سيدات المسرح المصري»، التى لم تنشر حتى الآن؛ حيث تضم السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن في المساهمة بإبداعهن في إثراء مسيرة المسرح المصري. ويصبح لنا السبق في نشر 30 رائدة مسرحية على مدى ليالى رمضان الكريم، بهدف القاء الضوء على رائدات المسرح المصرى بمختلف تصنيفاته، وتكون بداية هذه السلسلة بالسيدات اللاتى برعن في تجسيد دور «الأم» لأهمية هذه الشخصية المحورية في الحياة بصفة عامة والدراما العربية بصفة خاصة.
بعد حصول الفنانة عزيزة حلمي، التي ولدت بمحافظة الشرقية في ٦ يونيو ١٩٢٩، ثم انتقلت مع أسرتها للقاهرة بعد ذلك، على شهادة الثانوية، التحقت بالمعهد العالي للتمثيل "المعهد العالي للفنون المسرحية حاليا"، ضمن الدفعة الثالثة عام ١٩٤٦ وهي الدفعة التي تخرجت عام ١٩٤٩، ولكنها لم تكمل الدراسة به نظرا لاحترافها الفن مبكرا، فقد انطلقت سينمائيا بعد تعرفها على المخرج أحمد بدرخان عن طريق بعض صديقاتها وفي مقدمتهن الفنانتان "فردوس محمد، زينب صدقي" وقدمها في فيلم "قبلني يا أبي" – حسبما ذكر الدكتور عمرو دوارة - وقدمت بعد ذلك العديد من الأفلام الذي تجاوزت المائتي فيلم من بينها: "سيدة القطار، بلال مؤذن الرسول، الوسادة الخالية، الزهور الفاتنة، دهب، المراهقات، أين عمري، ابنتي العزيزة، سواق الأوتوبيس" وغيرها؛ لم تستطع الشاشة الفضية للأسف الاستفادة من هذه الموهبة المؤكدة والخبرات الكبيرة لها، حيث لم تحظ أبدا بفرصة البطولات المطلقة أو الأدوار الرئيسة، بما لا يتناسب مع مكانتها الفنية، حيث اقتصرت مشاركاتها على مجموعة من الأدوار الثانوية في عدد كبير من الأفلام السينمائية.
وذكر دوارة، أن "حلمي" تميزت في تجسيد شخصية الزوجة الفقيرة المغلوبة على أمرها، وكذلك شخصية الأم الطيبة الحنون في فترة مبكرة جدا، وبالتالي فهي تعد من أولى الفنانات اللاتى جسدن شخصية الأم في السينما المصرية، وذلك نظرا لتمتعها بالموهبة مع تميز وجهها بملامح الأمومة الدافئة، وصوتها الراقي والحنون، والعاطفة الجياشة، حتى اشتهرت بلقب "أم الجميع"، "ست الحبايب"، ويذكر أنها قدمت دور "الأم" لأول مرة عام ١٩٤٧ مع الفنان محمد فوزى في فيلم "قبلنى يا أبى"، وكان عمرها آنذاك لم يتجاوز العشرين عامًا، وطبقا للأحداث الدرامية بالفيلم قدمت مرحلتين في حياة الأم، وهى في مقتبل العمر ولديها أطفال صغار، ثم مرحلة أخرى حينما تقدمت في السن، حتى ظلت طوال مسيرتها الفنية تجيد أداء دور الأم بمختلف مستواياتها الاجتماعية والاقتصادية ومختلف مراحل عمرها، حتى أنها كثيرا ما قامت بتجسيد دور الأم لأبناء في مثل عمرها أو أكبر، ولذا فقد ظلت دائما تمثل علامة الجودة الفنية ورمزا للحنان والعطاء والطيبة.
ويوضح دوارة أن الفنانة يحسب لها تألقها أيضا في عدد كبير من الأدوار التليفزيونية، بخلاف المسرح والسينما، وكذلك مشاركتها ببطولة مجموعة من السهرات والمسلسلات الإذاعية، وقد حققت شهرتها وتألقها التليفزيوني من خلال المسلسلات الأولى للتليفزيون المصري منها: "هارب من الأيام، الضحية، بنت الحتة"، إلى جانب مشاركتها في العديد من المسلسلات المهمة منها: "القاهرة والناس، دموع في عيون وقحة، رأفت الهجان"، أما بمجال الإذاعة فيظل برنامج "عائلة مرزوق أفندي" هو العمل الإذاعي الأشهر بالنسبة لها، فقد ظلت حريصة طوال مشوارها الفني على تقديم الأعمال الهادفة ذات المضمون والرسالة التي تتواءم مع إيمانها وقناعتها الشخصية بدور الفن في خدمة المجتمع.
ويشير دوارة إلى أن "حلمي" تعرفت من خلال دراستها التي لم تكملها بالمعهد على زميلها السيناريست "على الزرقاني"، الذي ارتبطت به وتزوجته في بداية مشوارها الفني، ومما يدعو للدهشة أنه برغم إيمانه الكبير بموهبتها كان يصر على ألا تجمعهما معا أي أعمال، وذلك باستثناء عمل وحيد وهو فيلم "المراهقات"، وذلك نظرا لإصرار الفنانة ماجدة، وإلحاحها على مشاركة الفنانة عزيزة حلمي في هذا الفيلم لتجسد دور والدة الفنانة زيزي مصطفى، وقد استمر زواجهما حتى تاريخ وفاته ١٩٧٨، ويشاء القدر أن تمارس دور الأم في الحياة لفترة قصيرة، حيث توفى ابنها الوحيد مبكرا، وإيمانا بقضاء الله قررت تكريس حياتها للفن وتجسيد شخصيات الأم بتلك المهارة التي اشتهرت بها، وكذلك ممارسة الأمومة أيضا في الواقع من خلال عطائها المستمر بالأعمال الخيرية، وقد عرف عنها طوال حياتها الالتزام والاحترام والطيبة والتواضع والعطاء والتضحية وحب الخير لكل الناس. وقد رحلت عن عالمنا في ١٨ أبريل عام ١٩٩٤ عن عمر يناهز ٦٥ عاما.
أما المسرح فكانت بداياتها الفنية من خلال فرقة "المسرح الحر" في بداية خمسينيات القرن الماضي، ثم فرق مسارح الدولة وبالتحديد فرقة "المسرح الحديث" ببداية ستينيات القرن العشرين، وتعد فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي من أزهى فترات تألقها المسرحي، فقدمت مع فرقة "المسرح الحديث" عروض: "سهرة مع الحكيم، دقت الساعة، في بيوت الناس" في ١٩٦٢، "الشيخ رجب" في ١٩٦٣، "عيلة الأستاذ ربيع" في ١٩٧٢، ومع فرقة "مسرح الجيب" عرض "حكاية ثلاث بنات" في ١٩٧٢، ومع فرقة "المسرح الحر" عرض "حسبة برما" في ١٩٥٣، وغيرها، إلى جانب المسرحيات المصورة منها: "زواج عصري" في ١٩٥٨، "خيوط العنكبوت" وغيرها من المسرحيات.
تعاونت "حلمي" من خلال أعمالها المسرحية مع نخبة من كبار المخرجين الذين يمثلون أكثر من جيل من بينهم: "محمد توفيق، عبدالرحيم الزرقاني، عبدالمنعم مدبولي، محمود مرسي، فايز حلاوة، محمود الألفي".