في واقعة غريبة من نوعها، عين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نفسه في منصب رئيس لجنة إدارة ومراقبة وتقييم ما يسمي خطة عمل حقوق الإنسان، والتي من شأنها مراقبة تنفيذ خطة العمل بشكل فعال وبصورة شفافة إلى جانب متابعة وتنسيق أعمال الوزارات والمؤسسات العامة، مما أثار حفيظة الكثيرين الذين يرون أن السلطة التركية تريد أن تكون الخصم والحكم في نفس الوقت.
ونشرت الجريدة الرسمية التركية، خطة عمل حقوق الإنسان التي أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مطلع مارس الماضي، تحت رؤية «فرد حر، مجتمع قوي، تركيا أكثر ديمقراطية».
يذكر أن اللجنة ستتألف أيضًا من نائب الرئيس، ووزير العدل، ووزير الأسرة والخدمات الاجتماعية، ووزير العمل والضمان الاجتماعي، ووزير الخارجية، ووزير الخزانة والمالية، ووزير الداخلية، كما وُضِح أنه في حالة غياب أردوغان، سيرأس المجلس نائب الرئيس.
كان الرئيس التركي، قد أعلن عما اعتبره خطة عمل حقوق الإنسان يجري تنفيذها خلال فترة عامين، وهي عبارة عن وثيقة تتضمن 9 محاور و50 هدفًا و393 نشاطًا، ولجنة مراقبة حقوق الإنسان للمؤسسات العقابية، يأتي ذلك بعد أسابيع على فضيحة التفتيش العاري في السجون التركية، وأنكرها النظام الحاكم.
وفي كلمته باجتماع الإعلان عن خطة عمل حقوق الإنسان بمركز بشتبه للمؤامرات والثقافة بأنقرة، زعم الرئيس التركي أنه لا يجوز حرمان أحد من حريته بسبب نقده أو تعبيره عن الرأي مع احترام الحقوق الشخصية للآخرين، بينما يبدو الهدف من وراء خطة العمل هو كتابة دستور جديد قد يسمح بمد فترة حكم أردوغان.
وأوضح أردوغان أن نظامه أعدّ خطة عمل حقوق الإنسان، معتبرًا إياها «مثالًا على أن إرادتنا للتغيير والإصلاح مستمرة وستستمر، وكان المحدد الرئيسي في إعداد خطة عمل حقوق الإنسان هو احتياجات ومطالب أمتنا».
وبيّن أن خطة عمل حقوق الإنسان هي وثيقة تتضمن 9 محاور و50 هدفًا و393 نشاطًا، بجانب إنشاء لجنة مراقبة حقوق الإنسان للمؤسسات العقابية، بمشاركة ممثلين من نقابات المحامين والمنظمات غير الحكومية والجامعات. وقد أعدت بعد استشارات مستفيضة من خلال توفير تغطية جغرافية للقضاة والمدعين العامين، من أجل تعزيز الضمان القضائي.
وزعم أردوغان أن الهدف من خطة عمل حقوق الإنسان هو تعزيز استقلال القضاء والحق في محاكمة عادلة، و«يعيش البشر بحقوقهم غير القابلة للتصرف منذ ولادتهم؛ وواجب الدولة حماية هذه الحقوق وتنميتها. فكرامة الإنسان جوهر جميع الحقوق، وتخضع لحماية فعالة من قبل القانون»، مرددًا أن «الجميع سواسية أمام القانون، دون أي تمييز على أساس اللغة، أو الدين، أو العرق، أو اللون، أو الجنس، أو الرأي السياسي، أو المعتقد الفلسفي، أو المذهب، وما شابه ذلك من أسباب. نضع فوق رؤوسنا كل رأي يحقق العدالة بدقة ويعطي الناس حقوقهم».
وأضاف أردوغان, «نعمل على توسيع مكاتب التحقيق الخاصة للتحقيق بفعالية في جرائم العنف ضد المرأة في جميع أنحاء البلاد. وبصدد توسيع العقوبة في الجرائم ضد الزوج ليشمل أيضًا الزوجة المطلقة. سنواصل الكفاح مع كافة شرائح المجتمع حتى نصل إلى اليوم الذي لا تتعرض فيه أي امرأة للعنف. وبصدد توسيع نطاق مساعدة الزواج لتشجيع الشباب على تكوين أسرة. ونعيد تقييم جميع التشريعات المتعلقة بنزع الملكية، ونقدم سبل الانتصاف الإدارية للمحافظات ضد المصادرة دون نزع الملكية. ونعمل على زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة».
تأتي تصريحات أردوغان في الوقت الذي أصبح فيه العنف ضد النساء جزءًا مظلمًا من الحياة اليومية في تركيا. حتى أعلنت منظمة «KCDP» المناهضة لقتل الإناث، عن وفاة 29 امرأة في تركيا خلال حوادث عنف أسري، فضلًا عن وفاة 10 نساء في ظروف مريبة، خلال نوفمبر الماضي، فيما قرر النظام الخروج من اتفاقية المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي أو اتفاقية إسطنبول، هي اتفاقية مناهضة للعنف ضد المرأة، أبرمها المجلس الأوروبي وفتح باب التوقيع عليها في 11 مايو 2011 بإسطنبول، تركيا.
مزاعم أردوغان تفندها فضيحة مدوية جرت في ديسمبر الماضي، إذ خرجت فتيات تركيات عن صمتهن، وكشفن ما تعرضن له في السجون التركية من تعذيب وإجبار لهن على التعري.
ونشرت مجموعة من السجينات السابقات شهادات مصورة صادمة على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدن فيها تعرضهن لأساليب مهينة في التفتيش خلال اعتقالهن، ووجهن انتقادات لاذعة للحزب الحاكم الذي يتزعمه الرئيس التركي.