في ضوء عمل الدولة والقيادة السياسية على حماية الأطفال من الجرائم التي قد تُرتكب في حقهم يوميًا، وعلى رأسها جريمة "زواج القاصرات"، والتي تم المطالبة بإصدار قانون يعاقب كل من شارك في هذه الجريمة، تدرس وزارة التضامن الاجتماعي في الوقت الراهن بعض التعديلات على شروط الحصول على الدعم النقدي "تكافل" ومن ضمن هذه الشروط عدم تزويج القاصرات دون الـ 18 عامًا.
وأكدت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، أن هذا الشرط جاء للحفاظ على الفتاة المصرية من التداعيات الصحية والاجتماعية للزواج المبكر على الأم الصغيرة وعلى أطفالها، مما يهدد صحتهم وسلامتهم ومما يهدد استقرار الأسرة بشكل عام، مضيفة أن بعض الأسر التي تقوم بتزويج فتياتها دون توثيق رسمي ليتفادوا طائلة القانون، حيث إن الزواج غير الرسمي أو غير المُوثق أو "العُرفي" يزج بالفتاة في مشكلات تؤثر على نسب الأطفال وعلى إثبات حقها في حقوق الزواج وعلى ضياع حقها حال وقوع انفصال أو طلاق، بما يشمل جميع التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية.
وأوضحت، أن تزويج الفتيات زيجات غير ملائمة وغير آمنة للفتاة تصل إلى الصفقات الإنسانية أو الإتجار بالبشر هو جريمة تعاقب عليها قوانين متعددة سواء قانون الطفل أو قانون الأحوال الشخصية أو قانون العقوبات في بعض الأحوال، وتعمل الوزارة على تنمية الوعي المجتمعي بشأن التصدي لجميع العادات والممارسات السلبية التي تؤثر على تحقيق التنمية الأسرية والتنمية المستدامة، ومن بين هذه القضايا الأمية، والزواج المبكر وختان الإناث وتعاطي المخدرات والهجرة غير الشرعية والتعالى عن بعض المهن مما يؤدي للبطالة وعدم الاكتشاف المبكر للإعاقة والتمييز وعدم احترام الاختلاف، وغيرها من القضايا ذات الصلة التي تؤدي في مُجملها إلى تحسين جودة الحياة لكافة أفراد الأسرة.يُذكر أن وزارة التضامن الاجتماعي أطلقت برنامج الدعم النقدي المشروط "تكافل وكرامة" بهدف تحسين مؤشرات تنمية الأسرة من خلال مشروطية الرعاية الصحية للطفل والصحة الإنجابية للأم والالتحاق بالتعليم وتغذية الأطفال، ثم قامت الوزارة فيما بعد بتنفيذ برنامج "سكن كريم" لتحسين خصائص المنازل، وتبذل الوزارة في الوقت الحالي قصارى الجهود في تعزيز بقية مؤشرات التنمية للأسرة من خلال برنامج الألف يوم الأولى لمستفيدات "تكافل" الحوامل والمُرضعات، ومن خلال إلحاق الأطفال دون سن الرابعة بالحضانات، ومن خلال زيادة تخرج الأسر من الحصول على الدعم إلى الحصول على فرص عمل، بجانب تأهيل قيادات نسائية ومجتمعية داخل القرى وتدريب نحو ٢٠ ألف من الرائدات والمثقفات والمكلفات والمتطوعات لإكسابهن مهارات التواصل المجتمعي والاقناع بما يكنهن من ممارسة دور فعال لتوعية السيدات وتغيير السلوكيات السلبية بأخرى إيجابية تنموية.
وبدوره، يؤكد الدكتور طلعت عبد القوي، رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية، ورئيس الجمعية المصرية لتنظيم الأسرة، أن زواج الأطفال دون السن القانوني 18 عامًا يعد واحدًا من أهم المخاطر الاجتماعية والصحية التي تواجه المرأة والأطفال، حيث إن زواج الطفلة أقل من السن القانوني أمر غير معقول وغير صحي وغير منطقي على الإطلاق، فإن أعضائها التناسلية لم تكتمل بعد ولم تؤهل صحيًا ونفسيًا للزواج من الأساس، لافتًا إلى أن هذا الزواج ينتج عنه حمل وإنجاب متكرر، وأيضًا يتسبب في التفكك الأسري بشكل واضح، وبالتالي كان لا بد من عمل الدولة على إلزام المواطنين بزواج الفتيات وفقًا للسن القانوني وتفعيل العقوبات على غير الملتزمين بسن الزواج، وذلك لحماية الزوجة والأسرة والمجتمع المصري بأكمله.
ويستكمل عبد القوي، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن ربط وزارة التضامن الاجتماعي شروط الحصول على الدعم النقدي "تكافل" بعدم تزويج الأطفال حافز إيجابي جدًا، للتأكيد على عمل الدولة وتعاون كافة أجهزتها لمواجهة هذه الجريمة التي تُرتكب في حق الأطفال، وتعمل أيضًا على الجانب التشريعي بتغليظ العقوبات، باعتباره نوع من أنواع العنف المُمارس ضد الطفل، مؤكدًا أن زواج الأطفال مشكلة كبيرة تؤدي إلى زيادة معدل النمو وارتفاع عدد المواليد والتعداد السكاني بشكل عام، وهي أزمة خطيرة، مؤيدًا أي قرارات تقوم بها الدولة سواء الحوافز الإيجابية من خلال برامج الدعم النقدي، فهي أفكار جيدة جدًا، تدل أن الحكومة منظومة متكاملة تتعاون أجهزتها في حل الأزمات ومواجهتها بشتى الطرق، وهذا الأمر يعد إضافة كبيرة للحد من ظاهرة الزواج المبكر السلبية.
كما تضيف الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الدولة بكافة مؤسساتها تعمل في منظومة ممتازة متحدة لمواجهة القضايا الراهنة وعلى رأسها "زواج القاصرات"، فإن المراحل التي تتخذها الدولة لم نراها من قبل بهذه السرعة والتطبيقات والإدارة المتماسكة، والتي لها رؤية جيدة في حل المشكلات والإشكاليات داخل المجتمع المصري، مشيرة إلى أنه هناك 60% من الشباب و30% من الأمية داخل المجتمع، حيث ترتفع نسبة الأمية في الأرياف بشكل غير طبيعي، الأمر الذي يحتاج إلى أن يكون للعجلة الإعلامية دور كبير في توصيل الرسالة بشكل بسيط ومفهوم.
وتتابع الدكتورة سامية خضر، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن إطلاق وسائل الإعلام المختلفة "المرئية والمسموعة والمقروئة" للإعلانات البسيطة التي يستطيع المواطن فهمها بشأن هذه النوعية من القضايا الاجتماعية التي تهدد المجتمع، منها "ختان الإناث" و"زواج القاصرات" وتأثيره السلبي على المجتمع، حيث إنه يؤدي إلى الزيادة السكانية وزيادة معدلات الطلاق وتفكيك الأسرة، وذلك نتيجة مفاهيم وموروثات خاطئة، وبالتالي فإن التوعية وتوضيح دور الأم والأب ضروري جدًا، مؤكدة أن التليفزيون له دور هام في التوعية، بجانب التشريعيات وعمل الدولة بأجهزتها المختلفة في حماية الطفولة والمرأة المصرية والمجتمع بشكل عام، فلا بد من دور إيجابي وتوعوي وتنموي للمجتمع من خلال مختلف وسائل الإعلام.
وتوضح، أن الحكومة تبذل قصاري جهودها لمواجهة هذه الظواهر السلبية، وبالتالي لا بد من استكمال هذه الجهود بتعاون وسائل الإعلام، لزيادة توعية الأسر البسيطة وإيصال الرسالة بلغة يستطيعون استيعابها وفهمها، حيث إن "زواج القاصرات" ينتج عنه أزمة في الاقتصاد القومي والزيادة السكانية، تؤثر على المجتمع المصري ككل، وتؤثر على جهود الدولة المبذولة لتحقيق التنمية في شتى المجالات وتحسين معيشة المواطنين.