الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

جورج شاكر يكتب: القيامة تقضي على الخوف من الموت

الدكتور جورج شاكر
الدكتور جورج شاكر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نعم ! أعتى وأعدى عدو للإنسان هو الموت، حتى أن الرسول بولس يقول آخر عدو يُبطل هو الموت (1كو15: 26).
إنه العدو الذي بسط سلطانه البغيض على الجميع فإمتدت قبضته الرهيبة إلى البشرية جمعاء على اختلاف أعمارها وأجناسها ومستوياتها، فلم يفلت واحد من براثنه الجبارة، إنه ملك الأهوال، مجرد ذكر اسمه يزعج الإنسان، ويتصاغر أمامه الأبطال، لأنه لا أحد يعرف ماذا بعد الموت ؟ فالموت له رهبته وقسوته وأوجاعه وأحزانه ودموعه إذ يُنتزع الإنسان من بين أهل بيته وأقرب أصدقائه، وهو حدث بلا شك كبير، وعاداتنا الاجتماعية تعكس مدى انفعالنا بالموت، فنحن نودع موتانا في مواكب مهيبة نحيطها بالإكرام، ومع أن هذا كله حق يشهد له واقع الحياة إلا أنه لا يمثل سوى جانب واحد للحقيقة، الجانب المنظور المظلم الرهيب.
ففي ملء الزمان جاء المسيح إلى أرضنا وبعد حياة قصيرة حافلة بالعطاء، قدم حياته طوعًا واختيارًا إلى موت الصليب، لكي يعطينا الحياة، وبالفعل أمات الموت بموته، ونزع شوكته، وأزال رهبته، فمكتوب أبطل الموت وأنار لنا الحياة والخلود.
إن انتصار المسيح على الموت في موقعة الجلجثه لم يكن الانتصار الأول، فلقد سبقتها انتصارات كثيرة في معارك ضارية، فها هو يايرس يقع عند قدمي الرب يسوع، والدموع تنساب من عينيه على خديه، إذ أن ابنته الوحيدة تلفظ أنفاسها الأخيرة. وبينما يايرس يتكلم جاء واحد من دار رئيس المجمع قائلًا له: " قد ماتت ابنتك "، وتهالك يايرس على الأرض باكيًا، ولكن الرب يسوع راح يأخذ بيده، ويربت على كتفه، ويكفكف دموعه، ويقول له " لاتخف آمن فقط، وانطلق به إلى البيت، وبينما الجموع تبكي وتنتحب، يقول السيد: " لم تمت الصبية لكنها نائمة ".. وابتسم البعض ابتسامة السخرية والتهكم !! آه لو أدرك الإنسان من هو الذي يقول ذلك !! إنه رب الحياة.. إله المعجزات.
وفي يوم من الأيام التقى المسيح مع ملك الأهوال عند أبواب نايين، وكانت الضحية شابًا وحيدًا لأمه.. قلبها النابض، وعكازها الوحيد، ونافذة الرجاء التي تطل منها على الدنيا.. أشفق الناس على قلبها المحطم، ولكنهم أحنوا هاماتهم أمام سلطان الموت، أما الرب يسوع فأبى إلا أن ينتزع الفريسة من فم الجبار، وقال بصوت آمر مقتدر: " أيها الشاب لك أقول قم " وعاد الابن إلى الحياة فدفعه إلى حضن أمه.
وعاد ملك الأهوال ليجرب حظه من جديد، وكان في هذه المرة قد أطبق على الفريسة بقبضة من حديد، فالميت قد أنتن إذ كان له أربعة أيام في القبر، وتمت مراسيم العزاء، ولكن ها هو رب الحياة يأتي ويعلن بكل قوة وسلطان قائلًا: عند قبر لعازر وسط الجموع الغفيرة وبصوت عظيم {لعازرهلم خارجًا}.
على أن أعظم تلك المعارك جميعًا كانت معركة الصليب، فيومها بدا الموت وكأنه انتصر على الحياة، وبدا الظلام وكأنه أدرك النور، وبدا الوجود وكأنه قبر كبير.
كيف لا ؟! وقد اقتاد قادة اليهود سيدي إلى محكمة ظالمة غادرة تتسم بالجهل والحقد والأنانية وانتهت بصليب الجلجثه..
ووقتها قالوا: وصلنا للنهاية.. انتهت الرواية.. تحققت الغاية.. أُسدل الستار..!! ولكن كيف يمكن أن يكون الصليب والقبر نهايته.. ؟!.
أجل ! إن سحابة الظلم قد تغطي – إلى حين شمس العدالة، وقد تحرس المظالم باب الرجاء لتسجن نور الحقيقة عن الظهور، لكن صبرًا فهذا الحجر الذي أرادوه سدًا منيعًا، جعله الفادي المقتدر برجًا شامخا ً، والذى أرادوه حجر عثرة في طريق الحق، فإذا برب الحق يجعله حجر زاوية في بناءه الكنيسة.
ما أعجب تفكيرك أيها الإنسان.. فهل من المنطق أن يقف الحجر حائلًا أمام صخر الدهور؟!! وهل يُعقل أن يمنع الحراس الشمس من الشروق.. بكل تأكيد لا وألف لا !!! لقد عاد جيش الموت مدحورًا ومهزومًا، وأقبل رب الحياة رافعًا لواء الغلبة ظافرًا منصورًا قاهرًا شوكة الموت، وقضى على الخوف من الموت، وصدحت موسيقى السماء، وعلا هتاف الملائكة: " المسيح قام.. بالحقيقة قام... وأقامنا معه.
عبرة في عبارة:{ عندما يختبر الإنسان حياة القيامة... يفقد الموت مخاوفه الكاذبة، كما تفقد الحياة إغراءاتها الجاذبة}.