قال البطريرك إبراهيم إسحق بطريرك الإسكندريَّة وسائر الكرازة المرقسيَّة للأقباط الكاثوليك، أثناء قداس عيد القيامة المجيد من كاتدرائية مدينة نصر في كلمته إلى إخوتنا المطارنة والأساقفة، وإلى أبنائنا الأعزاء القمامصة والقسوس، الرهبان والراهبات والشمامسة، وإلى أبناء الكنيسة القبطيَّة الكاثوليكيَّة في مصر وبلاد المهجر.
النعمة والبركة والسَّلام في المسيح القائم من الأموات تكون مع جميعكم نحتفل اليوم بعيد قيامة المسيح المجيدة، راجيًا أن يحمل لكم ولعائلاتكم كلّ بركة روحيَّة وفرحة سماوية وقيامة حقيقيَّة " إنه ليس هاهنا، لكنه قام كما قال " ( متى 28: 5-6)
أولاً: من قبر المسيح ينبع الفرح والانتصار
إنَّ قيامة المسيح هي قلب الإنجيل وخلاصته. قام المسيح لننال نحن ثمار خلاصة أيّ غفران خطايانا والحياة الجديدة في الروح القدس.
يتجدد حدث القيامة كلّ يوم في الكون والكنيسة وفي قلب الناس وأحداث الحياة اليوميَّة، لأنَّ المسيح الذي قام " هو هو أمس واليوم وإلى الأبد". (عبر 13: 7)
وأضاف: ولكنّ القيامة هي حجر عثرة في كل الأزمان...في الماضي سخر السامعون من بولس الرسول عند كلامه عن قيامة الأموات. ويظل المسيح المصلوب القائم شكاً و جهالة للكثيرين ، أما عندنا نحن المؤمنين فهو قدرة الله وحكمته.(1كو 1 :18 )
واستطرد: نعم إن قيامة المسيح هي الأساس وهي الجواب على التساؤلات المصيريَّة:لماذا الموت؟ قيمة الجهاد في الحياة؟ قيمة العمل للبناء والإنماء والسعي لأجل مجتمع أفضل؟ الحبّ والزواج...؟ علاقة الحياة بالموت؟ هل هذا كلّه مجرَّد شغل للوقت واستمرار الحياة؟ هل اليأس هو الحالة النفسيَّة التي تليق بالإنسان ؟
هذه التساؤلات وغيرها يفكّ طلاسمها جواب السيِّد المسيح بقوله: "أنا الحيّ...كنت ميتًا وها أنا حيّ إلى الأبد" (رؤ1: 18) وإن كان واحد في تاريخ البشريَّة مات وقام ولا يزال حيًّا، فمعنى ذلك أن في كلِّ إنسان ما يمكنّه من الانتصار على الموت، وأن مصيرنا ليس الموت بل الحياة. إنَّ البناء والإنماء والإصلاح بالرغم من كلّ التناقضات والآلام والموت، هي قيم باقية للحياة التي لا تنتهي.
إنّ النجاح والانتصار في كفاح الحياة والنهوض بعد الوقوع، والتغلُّب على اليأس والفشل وشرور الناس، كل هذا لن يكون إلا بعد ألم و معاناة . وبنفس المقدار فإنّ القيامة الروحيَّة يسبقها ألم: فالقيامة من الخطيئة تستلزم جهاد مسيرة التوبة، والقيامة من البغض والحقد يسبقها الصراع من أجل المسامحة والصفح، والقيامة من الكسل والرذيلة تفترض الاجتهاد المستمر.
إنَّ المسيحيّ هومثل حبّة الحنطة التي حكى عنها المسيح في الإنجيل، لا تثمر إلا إذا دُفنت في الأرض. فمن قبر المسيح ينبع الانتصار والفرح والغلبة، ومن كان في المسيح فهو خليقة جديدة (2 كو 5 :17) متجددة دومًا. فقيامة المسيح تجديد وكلّ تجديد في قلب المؤمن هو قيامة.
إنَّ المسيحيّ لا يجهل أن سرّ الفصح هو سرّ موت وحياة، فينا وفي العالم، وأن قوى الموت لا تزال تعمل عملها. لكنَّه يؤمن أن قيامة الرب تعلن أن الحياة تنتصر على الموت، وان المحبة أقوي من الموت .