في حكمة بليغة وموزونة، يؤكد الحكيم ماركوس أوريليوس أن التغير والتبدل من أهم سمات الزمن من أمد العصور إلى أبدها، فلا ثبات لقدم، ومن أبسط الأمثلة أنه ما إن تنظر لعصفور جميل يتحرك أمامك حتى يختفي سريعًا.
يقول "ماركوس" خلال كتابه "التأملات" الذي يضم آراءه وفلسفته: بعض الأشياء تحُثُّ الخَطْو إلى الوجود، وبعضها يحُثُّ الخَطْو إلى الخروج منه، وبعض ما يُولد يكون هالكًا من الأصل. التجدُّد والتغيُّر يُجدِّد العالم على الدوام، كما يُجدِّد المسير الدائب للزمن أمَدَ العصور إلى الأبد.
ويتابع فيلسوف العرش: في هذا التيار المُتدفِّق؛ حيث لا ثَباتَ لِقدَم، ماذا يمكن للمرء أن يُجِلَّ من كل ما يتدافع أمامه؟ لكأنه ما يكاد يُولَع بعصفورٍ يطير أمامه حتى يكون قد اختفى عن بصره. شبيهٌ بذلك حياتنا نفسها؛ عابرة كزفيرٍ من الدم أو كشهيقٍ من الهواء. لا فرق بين شهقةٍ تأخذها وتعيدها إلى الهواء، مثلما تفعل كلَّ لحظة، وبين أن تَرُدَّ كل قُدرتكَ التنفُّسية، التي اكتَسبتَها عند ولادتِكَ أمسِ أو أمسِ الأول، إلى العالم الذي سحَبتَها منه أَوَّل مرة.
ماركوس أريليوس، فيلسوف، وإمبراطور روماني، حكم في الفترة من 161 وحتى 180م، كان رجلا فاضلا بمعنى الكلمة، كرس حياته للأدب والفلسفة والمدرسة الرواقية، لقب بفيلسوف العرش، كتب هذه التأملات بشكل يومي باللغة اليونانية، ولم يقصد بها النشر أو مخاطبة القراء بل كان يكتبها لنفسه من باب التمرين والتدريب، تأثر بكثير من الفلاسفة السابقين مثل سقراط وهيراقليطيس.