السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

يا حلاوة الإيد الشغالة.. عمال مصر يواصلون ملحمة بناء الوطن

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«ياحلاوة الإيد الشغالة.. ورونا الهمة يارجالة.. المكن الداير من شوقه.. بيقول ياولاد احلى قوالة»، كلمات لها رنين خاص على آذان عمال مصر، تؤازرهم وتشد على أياديهم لبذل كل غالٍ لنهضة بلادهم، حيث يشكلون صورة ملحمية، تظهر عظمة تاريخهم.
هم «الإيد الشقيانة» التى تقدم لبلادها الغالى والنفيس، وبكدهم تتقدم البلاد، وبعرقهم تدار آلات المصانع.
تحتفل مصر والعديد من بلدان العالم، الأول من مايو بعيد العمال، وهو اليوم الذى أصبح بمرور الزمن رمزا لنضال الطبقة العاملة من أجل حقوقها.
أبطال الحديد المسلح.. «ابتسامة تهزم التعب»
وجوه مصرية أصيلة وأياد تتلف في حرير، هى أيادى عمال الحديد المسلح، العيون الساهرة التى تبذل الجهد بكل إخلاص وسعادة، يضربون أمثلة رائعة في العمل والبناء والتعمير بإتقان وعزيمة وإصرار على تحقيق الإنجازات والوصول إلى مستقبل أفضل يتمناه الأحفاد ويفتخرون بأجدادهم جيلًا بعد جيل.
يأتى مشهد عمال الحديد المسلح عناوين لقصص كفاح تعمل في المعمار والمشروعات بمختلف محافظات الجمهورية، فهؤلاء الأبطال الذين يساهمون في إنجاز وتحقيق طموحات وآمال المستقبل المشرق لمصر، يتحملون الصعاب والشمس الحارقة، يتصبر بعضهم بأغنية "هيلا هيلا.. يالا يارجالة"، ويجلسون لالتقاط أنفاسهم، يحاولون قدر الإمكان الاستمتاع بهذا الوقت الذى يعملون فيه رغم صعوبته، لأن غياب العمل في أحد الأيام يعنى غياب اليومية التى لا يملك غالبيتهم مصدرًا للدخل غيرها.
يبدو في عيونهم الإرهاق ورغم ذلك لا يتحدَّثون إلا مُبتسمين، وهي ابتسامة تدفع كلَّ من لا يشعر بما أنعم الله عليه من مال وصحة وراحة بالخجل، بينما هؤلاء العمَّال الكادحين لا يتقاضون إلا القليل ولا يعملون إلا تحت أشعة الشمس الحارقة، ولا يتخلون عن الابتسامة وحمد الله.
يقول محمد صلاح، عامل حديد مسلح، إنه رغم المعاناة التى هم فيها بسبب وجودهم في الموقع لعدة أشهر بعيدًا عن أسرهم، واقتصار إجازاتهم على فترات متباعدة نتيجة ضغط العمل، ولكن مع كل هذا تغمرهم السعادة لأنهم يعملون في مشروعات تخدم البلد، لافتًا إلى أن هذا الشعور موجود بداية من مهندس الموقع والاستشاريين إلى أصغر عامل، لأن تلك المشروعات ستكون شاهدة على عمالها وسيتفاخر بها أولادهم في إنجازها مثل تفاخر العمال حاليًا بأجدادهم الذين قاموا بحفر قناة السويس وبناء السد العالى.
ويقول مهندس إسلام عبدالنبى، إن عمال البناء والحديد والمعمار يعملون تحت أشعة الشمس الحارقة، يبدءون يومهم مع أولى ساعات النهار يقومون بتحديد ملامح المنشأة التى يشاركون في إنشائها ويقفون مع زملائهم في ساعات الصيام، طوال اليوم المليء بالعمل الشاق، الذى يحتاج الكثير من المجهود البدنى، يعملون في البناء والطرق منذ الصباح الباكر وحتى قبيل غروب الشمس؛ في ظلِّ ارتفاع درجات الحرارة غير المحتملة في الأماكن المكشوفة، بعضُهم لهم وقتَ راحة قصيرًا نسبيًّا عند الظهيرة، لكنَّهم في الوقت نفسه لا يُمكنهم الذهاب إلى مكان آخر ليتمكَّنوا من قَضَاء وَقْت راحتهم في ظروف جويَّة أفضل؛ مما يضَّطرهم إلى البقاء في موقع العمل تحت ظلِّ أي شجرة أو بناية، قبل أن يبدأوا العمل من جديد.
ويضيف محمد البرنس، مقاول عمال حديد مسلح، أن العمال يحلمون بمؤسسة لعمال المعمار ترعاها الدولة، كما يتمنون وجود تأمين صحى يضمن لهم العلاج ومعاش اجتماعي، لكى يتغلبوا على المعوقات وظروف المعيشية بسبب عدم انتظام أجورهم اليومية.
«دور يا موتور».. شعار العاملين بمصانع سكر أبوقرقاص
صوت الماكينات في آذانهم أشبه بالنغمات، التي تميل لها رؤوسهم طربا، انتمائهم لمصنعهم هو شعارهم في الحياة، سعادتهم تكمن في تقدمه، فهؤلاء المهندسون والعمال والفنون هم "الترس الداير" دون توقف في عجلة التقدم والإنتاج، رافعين شعار "دور يا موتور" الأغنية التي اشتهر بها عيد العمال.
قال المهندس محمد شحاتة، مدير معمل الرقابة والجودة، بمصانع سكر أبوقرقاص: جميع العاملين يتحملون مشقة ومجهود كبير، خاصة في شهر رمضان المعظم، فبرغم ساعات الصيام الطويلة ودرجات الحرارة المرتفعة إلا أن عمال الشركة يعملون على مدى الـ ٢٤ ساعة بنظام الثلاث ورديات، ومنهم من يتناول وجبة الإفطار بعيدًا عن أسرته ومنهم من يتحمل السهر طوال الليل، كل ذلك في سبيل الواجب دون كلل أو ملل.
وأضاف: الجميع يعمل كخلية في تناغم ونظام، نبذل كل جهد ليل نهار في موسم شاق يكون فيها جميع العاملين أكثر ارتباطا بالمصنع لتوفير المنتج وتنفيذ برنامج الحكومة وزيادة المخزون الآمن من السلعة الإستراتيجية، وفى نهار رمضان يشتد النشاط والعمل في مشهد يجسد الملحمة الوطنية بأسمى صورها، فالجميع يعمل على الماكينات وصوت العصارات والآلات يحكى قصة تاريخ هذه الصناعة التى تعد من أهم الصناعات الوطنية، حيث يبدأ جميع العاملين موسم البنجر بعد انتهاء موسم القصب حتى نهاية شهر يوليو.
وتابع، حيث نقوم باستقبال شحنات البنجر من المزارعين وتقدير نسبة الحلاوة والشوائب للشحنة بمعمل الاستقبال، مرورا بعمليات التفريغ الميكانيكي وغسيل البنجر ومن ثم تقطيعه إلى شرائح ثم استخلاص السكر منه بطريقة الانتشار للحصول على عصير بنجر خام، والذي يتم معالجته كيميائيًا باستخدام لبن الجير وغاز ثاني أكسيد الكربون للحصول على عصير رائق يمكن تركيزه واستخلاص بلورات السكر منه، ليتم تعبئته وتقديمه لكل أسرة مصرية، وفى عيد العمال نقدم التحية لكل عمال مصر وسنظل نعمل لأن العمل هو أهم خطوة لتحقيق أي تقدم ترغب الدول في الوصول إليه والعمل وحده هو من يصنع تاريخًا ومستقبلًا.
الجندى المجهول في قطاع البناء.. الرصيف يجمعهم والرضا شعارهم
يبدأ عمال اليومية أو "عمال التراحيل" كمان كان يطلق عليهم في السابق، في مدينة طنطا يومهم عقب صلاة الفجر، لحظة اختلاط ظلام الليل بخيوط النهار، فهم يعيشون بجملة الساعة البدرية منسية، ولعل يعجب بهم مقاول أو صاحب عمل فيستعين بهم حتى يعودوا آخر النهار ومعهم قوت يومهم لزوجاتهم وأولادهم، لذلك يجلسون على الرصيف في شارع الجلاء بميدان الأوبرا، يعاندون شمس الصيف ويقهرون برودة الشتاء، طلبا للشقاء ورغبة في أعمال شاقة يعجز عنها الشباب.
طبع الزمان علامات الشقاء على وجوههم بينما حفرت شقوق أياديهم وأرجلهم تعرفهم بالأسي المكتوب على وجوههم، أو حينما يلتفون حول سيارة ملاكي وقفت بجوارهم، فيسرع الجميع لعرض إمكانياته، بعضهم يعتمد على أدوات صناعته وبعضهم يعرض قوته الجسدية والبعض الآخر يستحي من وهن جسده وينتظر أن يناديه أحد من القادرين الباحثين عن العمال.
من أبرز الأعمال التي يعمل بها عمال التراحيل، الأعمال الشاقة مثل نقل الأثاث ومواد البناء والهدم، والتكسير في الخرسانات والطرق وحرث الأراضي بالفأس، وإلقاء خرسانات في الأسقف التي لا تستطيع الميكنة الدخول إليها لضيق شوارعها، ويضطر العمال إلى حملها على أكتافهم.
قال سامي عبد الرحمن، مبيض محارة، ٤٥ سنة، اجلس وسط العمال على الرصيف في انتظار أن يأتى مواطن أو صاحب عمل ليستعين بى في تأدية عمل يطلب منى بالمقابل المادى، الذى يقدره صاحب العمل، وأجلس لأيام بل أسابيع دون أن يطلبنى أحد للعمل، وأعود إلى أسرتى في هذه الأيام بلا نقود وكثيرا أعود إلى منزلي كما خرجت مكسور الخاطر.
ويضيف عبد الباري محمود ٦٧ عاما الناس بتخرج معاش وإحنا لا شغالين لحد اليوم الاخير في عمرنا، موضحا انه يعمل سنوات حياته كلها باليومية، مشيرا أن أجرة اليومية أحيانا تفرحنا ولكن تغضبنا عدة أيام بل أسابيع لأننا نجلس دون عمل، مبينا أن الحياة أعباؤها باتت أكبر من احتمالنا، ولا نستطيع مواكبة موجة غلاء الأسعار، فمنا من يعود ومعه ١٠٠ جنيه، متسائلا هذا المبلغ كيف يتم توزيعه ما بين التزامات للطعام والشراب والسكن والعلاج والتعليم والكسوة وغيرها من المتطلبات اليومية ناهيا أن هذا المبلغ غير متوفر يوميا فيأتي هذا المبلغ يوم أو يومين ويغيب أسابيع.
وتابع سعدالله الحنفى، نجار مسلح:" كل المهن فيها ركود ومفيش أي شغل بسبب ارتفاع مواد البناء، لهذا أتى إلى هذا المكان وأعمل في شىء يطلب منى سواء ردم أو هدم أو محارة وأى عمل يطلب منى سوف أقوم به المهم أن أعود إلى بيتى بما يكفيه، فكثير منا ساكن بالإيجار، وهناك بعض العمال من أصحاب المعاشات ولأن المعاش لايكفيهم فقد أتوا إلى هذا الرصيف للبحث عن جنيهات تسترهم وتستر أبناءهم من حاجة الدنيا".
وطالب عمال اليومية أن يسلط عليهم الضوء كونهم مصريين ليس لهم مطالب إلا الحياه بشرف والعمل، وضمهم لمشروع التأمين الشامل وإدراجهم ضمن جداول المؤمنين بنسبة يستطيعون على دفعها.