قبل أيام كانت مصر على موعد مع إعلان المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري وهي الإصلاحات الهيكلية، حيث أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر موسع، إطلاق الإصلاحات الهيكلية لبعض القطاعات التنموية.
واستعرض مدبولي أهم المحاور والمحددات التي يرتكز عليها البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، (المرحلة الثانية) التي تختص بالقطاعات المختلفة التي تحدد أهم مقومات الاقتصاد المصري، ورؤية الحكومة للاهتمام بهذه القطاعات خلال المرحلة المقبلة، على أن يلي ذلك المرحلة الثالثة التي ستختص بباقي القطاعات التي تقود وتؤثر، جنبا إلى جنب هذه القطاعات الأولى، في عجلة الاقتصاد المصري.
وأكد رئيس الوزراء أن أن الهدف من إطلاق المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، الذى يؤكد على ضرورة إجراء الإصلاحات الهيكلية للقطاعات، ولمنظومة العمل، وإجراء ما يتعلق بالحوكمة في مؤسسات الدولة المصرية؛ وذلك سعيًا لتحقيق الاستدامة لنمو الاقتصاد المصري، وزيادة معدلات النمو المرجوة خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن برنامج الإصلاح للسياسات النقدية والمالية لا بد أن يستتبعه مجموعة من الإصلاحات الهيكلية، وذلك بما يضمن الاستمرار في تحقيق معدلات نمو.
وقال "مدبولى" أن للإصلاحات الهيكلية دورا كبيرا في رفع كفاءة السياسات التي تستهدف جانب الطلب الكلي، من خلال رفع كفاءة السياسات التي تستهدف جانب الطلب، مثل السياسات النقدية، والمالية، لافتًا إلى استمرار التنسيق مع وزارة المالية والبنك المركزي في مجموعة كبيرة جدًا من الإصلاحات والرقابة المالية، للاستمرار فيما اكتسبناه من نجاحات في إصلاح السياسات النقدية والمالية، مضيفًا انه يتم العمل على تحديات كبيرة جدًا نعترف بها ونعلم تأثيراتها على الاقتصاد المصري، حيث سنعمل خلال الفترة القادمة بقوة شديدة في نظم التحول الرقمي، في كل مجالات الاقتصاد المصري، والحوكمة، وحل التحديات الخاصة بالتنسيق بين الجهات وبعضها البعض، وتيسير الإجراءات، وتسهيل التجارة البينية بين مصر وبلدان العالم، مع تبسيط إجراءات دخول وخروج المنتجات، وكل هذه إجراءات تعمل عليها الحكومة خلال المرحلة القادمة.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور على مسعود، الخبير الاقتصادي، إن الإصلاحات الهيكلية هدفها التركيز على أساسيات تنافسية الاقتصاد القومي والتنوع في الهيكل الإنتاجي، بمعنى أن ينتج الاقتصاد سلع وخدمات أكثر بتكلفة أقل وبالتالي تزيد من تنافسية الاقتصاد المصري.
وأضاف مسعود أن الإصلاحات الهيكلية نحتاج لبيئة تشريعية مناسبة تحسين بيئة الأعمال وتزيد من ثقة المستهلك، بالإضافة إلى زيادة وتحسين في الأداء الحكومة والتحول إلى الرقمية وتقليل التكاليف، بالإضافة إلى حاجتها لعامل فني مدرب وبالتالي منظومة تعليم جيدة وتشجيع الأفكار الجديدة للشباب وتوفير التمويلات اللازمة.
وشدد الخبير الاقتصادي على أن الإصلاحات الاقتصادية حولت مصر من دولة نامية إلى دولة صاعدة، والإصلاحات تسهم في مرونة الاقتصاد في مواجهة الأزمات، وذلك من خلال التنوع في الأنشطة الاقتصادية وبالتالي لو حدث ضرر أو خلل في أحد القطاعات يعالجه النمو في قطاعات أخرى، وهذا وضح جليا في فترة كورونا وقدرتنا على مواجهة الأزمة.
وأكد مسعود ان الزيادة في قدرة التنافسية والهيكل الإنتاجي يتحول إلى تنافسي وبالتالي يكون له القدرة على امتصاص الصدمات والتغلب عليها أقوى، مشيرا إلى أن من أبرز القطاعات التي ستشهد إسهام أكبر في المرحلة المقبلة قطاع الصناعات التحويلية بكل فروعه، نظرا لاهتمام الحكومة برفع نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي.
من جهته، أكد مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، أن المرحلة الثانيةغاية في الأهمية حيث إن المرحلة الأولى كان الهدف منها تثبيت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية من ارتفاع معدلات النمو وتثبيت معدل البطالة والتضخم والمرحلة الثانية تستهدف تحويل الاقتصاد غلى اقتصاد متنوع تنافسي وقادر على غزو الأسواق الخارجية من خلال جودة المنتجات وتوفير محفزات للمنتجين، مما يسهم في توسع الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى ان المرحلة الثانية هدفها الرئيسي زيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية القائدة في الناتج المحلي الإجمالي مثل الصناعة الاتصالات، وذلك بعد تهيئة مناخ الاستثمار من خلال سياسات نقدية محفزة وسياسات اقتصادية تشجه الاستثمار خلال الفترات الماضية والتي ظهرت نتائجها بعد كورونا حيث حقق الاستثمار المصري نمو ايجابي بلغ 3.6 في العام المالي 2019-2020، وهو ما دفع المؤسسات الدولية لمواصلة توقعاتها للاقتصاد المصري بمزيد من النمو في الفترة المقبلة.
وتابع: "ومن هنا نقول أن الحفاظ على تلك المكتسبات من أهم اهداف المرحلة الحالية من الاصلاحات الهيكلية"، وعن اليات النمو الاقتصادي ووصوله إلى 7 %، قال أبو زيد، إن ذلك يستوجب زيادة قدرات القطاعات الإنتاجية الزراعة والصناعة والاتصالات، والتعاون مع القطاع الخاص لتنمية هذه القطاعات، وبخاصة لان تلك القطاعات قادرة على زيادة فرص العمل للمواطنين وبالتالي زيادة نمو الدخول، وظهر تأثير هذا النمو على حياتنا اليومية.