الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مفكرون خالدون| فؤاد زكريا.. التفكير العلمى والصحوة الإسلامية

فؤاد زكريا
فؤاد زكريا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكاديمي مصري وعلم من أعلام الفكر العربي المعاصِر، تتلمذ على يد الفيلسوف الدكتور زكي نجيب محمود، فكان من أوائل من تلقى العلم على يديه.
ولد فؤاد حسن زكريا في مدينة بورسعيد في ديسمبر عام ١٩٢٧م، عمل أستاذا ورئيسا لقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة عين شمس حتى عام ١٩٧٤م، انتقل بعدها إلى الكويت أستاذا ورئيسا لقسم الفلسفة بجامعة الكويت حتى عام ١٩٩١م، وذلك خلفا لأستاذه الدكتور زكي نجيب محمود. وعمل بالأمم المتحدة مستشارا لشئون الثقافة والعلوم الإنسانية في اللجنة الوطنية لليونيسكو بالقاهرة، ومستشارا لسلسلة "عالم المعرفة" التي تصدر عن "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب" الكويتي، والتي يعد من مؤسسيها. كما ترأَّس تحرير مجلتي "الفكر المعاصر" و"تراث الإنسانية" في مصر.
كانت رؤية فؤاد زكريا الفلسفية تتمثل في أن هناك فرقا بين معرفة الطريق الذي سنسير فيه، والطريق الذي يجب أن نتجنبه أو نبتعد عنه، وعلينا أن نعرف الفرق أولا، ثم نختار أي طريق نسلك.
ومنذ اشتغاله بالفكر والفلسفة والثقافة كانت رسالته الوحيدة بل همه الوحيد هو إحياء العقل النقدي، واستقلال فكر الإنسان وعدم خضوعه لسلطة تحد أو تمنع انطلاقه في النقد والتفكير بحرية، ودائما ما كان يدعو لتأسيس ثقافة مصرية وعربية جديدة تهدف إلى تحديث المجتمع، بفهم جديد للواقع والتصدي لمصادرة حق النقد والتفكير والإبداع، مع تحرير العقل المصري والعربي من التعصب وإلغاء الآخر..
كما دعا إلى عدم الالتزام بالأيدلوجيات والعقائد والمسلمات الفكرية، والرؤية الحادة التي تحاصر الفكر والتفكير، بمقولات ثابتة وجامدة، مع التمسك بالتفكير العلمي والمعرفة والتسلح بالنظرة العلمية في الأسلوب والتخطيط والعمل، باعتبار ذلك من ضروريات النهضة الحضارية.
والدكتور فؤاد زكريا أيضًا هو صاحب مقال "العلمانية هي الحل"، ردًا على دعوة "الإسلام هو الحل" (بمعناها الأيديولوجي)، وصاحب النظرية القائلة: إن الغزو الثقافي الغربي خرافة لا وجود لها، وأحد أبرز المعادين للمنهج السلفي ومنتقديه، فقد انتقد الاتجاهات الإسلامية المعاصرة الملتزمة بهذا المنهج، وأكد أنها بالتزامها به تُركز على التمسك بشكل الإسلام دون مضمونه، ودائما ما كان يحذر في كتاباته من ازدواجية الفكر والوقوع في أسر الجمود والحنين إلى الماضي.
وفي أحد حواراته، أشار إلى أهمية بناء العقول وإعادة تشكيلها، لكنه أوضح أن ذلك لا يمكن أن يتم بقرار، بل بصناعة محيط ثقافي يسهم في خلق ثقافة تحترم العقل وحرية التفكير، والإرادة الحرة.
تناول في كتابه "التفكير العلمى"، مشاكلنا كأمة عربية مع العلم، فهو لم يطرح المشكلة فقط، إنما أيضا أعطانا الحلول التى للأسف لم يلتفت إليها أحد مبكرا.
فقد أوضح في كتابه أن التفكير العلمى ليس حكرا فقط على العلماء ومعادلاتهم الخاصة، إنما تستطيع البشرية أجمع استخدام التفكير العلمى، فقال: لا بد من استخدام هذا التفكير العلمى في حياتنا اليومية وعلاقاتنا بالناس والمجتمع حولنا، ولن نصل إلى ذلك إلا إذا كان التفكير منظما مبنيا على عدة مبادئ نصل بها إلى حد أن تكون تصرفاتنا أو تفكيرنا العلمى لا إراديا، أى نفكر بشكل علمى في حياتنا اليومية كأنها فطرتنا التى فطرنا الله عليها.
أما في كتابه الصحوة الإسلامية في ميزان العقل، فقد ربط فؤاد زكريا الفكر بالواقع، فعندما شاعتْ مقولة «الصحوة الإسلامية» أصدر كتابه المهم «الصحوة الإسلامية في ميزان العقل»، وفيه ذكر أنّ أمريكا من أكثر المهتمين بهذه الظاهرة؛ إذْ بدأتْ موجة عارمة من الاهتمام بالإسلام، تبدو أكاديمية في ظاهرها، ولكنها موجهة لمعرفة ما يدور في عقول المسلمين. وأنفقتْ أمريكا الكثير من المال على مشاريع تفصيلية، شارك فيها عرب أو عرب أمريكيون. ورأى الأمريكيون أنّ «الصحوة الإسلامية» هي البديل من الاشتراكية التي كانت تتبناها التيارات المضادة للإمبريالية الغربية.
وكان من رأي فؤاد زكريا أنّ القهر في المجتمعات الإسلامية دفع تلك الجماعات للبحث عن مخرج، وكان الثمن تلطيخ سمعة البدائل الأخرى مثل: الليبرالية، ونظام الأحزاب، واليسار الديمقراطي. وفي ظل غياب العدالة الاجتماعية أعلن شباب الجماعات الإسلامية كفرهم بالأنظمة الدنيوية مقابل النظام الإلهي. وعلى الرغم من ذلك يهتف أعداؤنا «الأمريكان» احذروا الصحوة الإسلامية. ولكن لسان حالهم يقول: «مرحبًا بها ما دامتْ لا تُهدّد مصالحنا ومصالح حلفائنا الممسكين بدفة الأمور في العالم الإسلامي». وكان يرى أنّ الواقع الاجتماعي في تغير مستمر، فكيف يكون "الإسلام دينًـا ودنيا إذا كانت (الدنيا) لا تكف عن التغير؟ وإذا كان النص إلهيًّا فإنّ من يُطبّـقه ويُـفسره إنسان". وركز على ألوهية التشريع وبشرية القائمين على تطبيقه وإذا كان الإسلام مطبقًا إلخ، فمن أين أتى الاختلاف إنْ لم يكن من البشر؟ إذن العلمانية لا مفر منها حتى في صميم الحكم المرتكز على مصدر ديني. وإنّ الشعائر الشكلية تتستّر على المظالم ومساندة الاستبداد.