الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حازم منير.. رسالة إلى نقيب الصحفيين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس أشق على النفس من الكتابة عن أستاذ وصديق فى مقام الأخ الأكبر يباغتك خبر رحيله بينما كنت بالأمس القريب فقط تشاطره حديث ممتد لأكثر من خمسة عشر عامًا.
بالكاد بدأت بعد نحو أسبوعين من رحيله أستوعب أن هاتف الأستاذ الكبير والكاتب الصحفى القدير حازم منير لن يجيب على اتصالى؛ هى بكل المعانى المرارة بعينها.
لكنها الكلمة التى جمعت بيننا مذ تعرفت إليه بشكل شخصى ومباشر فى صحيفة روزاليوسف اليومية عندما كان مديرًا لتحريرها فى أول إصدارها برئاسة تحرير الراحل الكاتب الصحفى الكبير عبدالله كمال.
وهى ذات الكلمة التى أخاطبه وأحبابه وأصدقائه وتلاميذه وقراءه بها بعد رحيله المفاجئ وكلى يقين أنها واصلة إلى مسامعه فالأرواح المحبة لا تغادر أحبائها وإن فارقهم الجسد.
لم يحمل فى قلبه وعقله إلا الحب ولم يسطر قلمه حرفًا إلا بالحب.
صاحبة الجلالة كانت أهم من أحب لأنها سلاحه الذى دافع به عن وطنه حبه الأول والأخير؛ ولأن المحب مخلص دائمًا فقد أخلص للصحافة ولم يستخدمها يومًا للابتزاز أو النفاق أو التدليس أو حتى لتجميل ما يؤمن به من أفكار وآراء.
تعلمت منه وكثيرون مثلى كيف تفصل بين الخبر والرأى، الموقف والتحليل، وكيف تحافظ على نزاهتك كصحفى فى السعى وراء المعلومة من كافة مصادرها وأطرافها لتهزم بداخلك انحياز لا يعبر سوى عن وجهة نظرك الشخصية لا الواقع كما هو.
فى روزاليوسف المنافسة الشريفة كانت على أشدها بفضل بيئة عمل مهنية صحية صنعها عبدالله كمال وحازم منير ومن شاركوهم إدارة الصحيفة اليومية الوليدة أذكر منهم الراحل الأستاذ القدير والكاتب الصحفى طارق حسن رئيس تحرير الأهرام المسائى فيما بعد، والراحل الكاتب الصحفى الكبير محمد حمدى، ومجموعة أخرى من كبار الصحفيين والكتاب الذين جاؤوا من مدارس مختلفة لصناعة تلك التجرية وكان من بينهم الصديق والكاتب الصحفى القدير إسلام عفيفى والصديق الأستاذ الكاتب الصحفى القدير كمال عامر وآخرون جعلوا من صالة التحرير خلية نحل بالمعنى الحرفى للكلمة.
هذا المزيج ساعد على إنتاج تجربة فريدة رغم كل الانتقادات التى طالتها وذلك من طبائع الأمور فليس من عمل كامل ينجزه البشر؛ لكن وجود صحفى مثل الأستاذ الراحل حازم منير يسارى التوجه ابن صحيفة الأهالى وصاحب التجربة المهمة بصحيفة الحياة اللندنية سمحت بأن تستوعب روزاليوسف الصحيفة القومية تحقيقات وملفات عالجت الكثير من القضايا الوطنية برؤية موضوعية ومحايدة غير منحازة وشخصيًا شاركت فى العديد من التحقيقات والملفات التى ناقشت أداء وسياسات الحكومة ووزاراتها وأجهزتها المختلفة.
حازم منير ورغم موقفه السياسى المعروف لدى القاصى والدانى، تعلمنا منه أن الصحفى يبقى صحفى فلا هو مؤيد ولا هو معارض بالمعنى السياسى والأيدولوجى عندما يمارس مهنته، هو ينقل المعلومة من كافة أطرافها وهو يمارس التفسير والتحليل بل وحتى النقد، لكن تأسيسًا على معلومة محايدة وأثناء التظاهرات التى شهدتها مصر فى فترات مختلفة كان ينصح الصحفيين دائمًا لا يجوز أن تقوم بتغطية المظاهرة أنت شاركت فيها بالهتاف ولا يجوز أن تقوم بنقل أحداثها بينما أنت تقف بين صفوف المتظاهرين، لابد وأن تختار لك موقعًا محايدًا يمكنك من رصد الأحداث من جميع الزوايا.
لم تنقطع صلتى بالأستاذ الكبير منذ بدأت فى صالة تحرير روزاليوسف، كان رقم الواتساب الخاص به أول مستقبل لروابط كل ما أنشر من روابط وتقارير، كنت أنتظر دائمًا ملاحظاته وإشادته ونقده، وكان يتعامل دئمًا بروح الأخ الكبير الحريص على تميز شقيقه الأصغر، والأستاذ الكبير الذى ينصح ويرشد، والأهم أنه كان حريصًا بنفس القدر على سماع وجهة نظرى المتواضعة –وهو من هو- فى مقالاته التى كان ينشرها بانتظام فى صحيفتى الوطن وروزاليوسف.
من الصعب أن تجد أستاذًا بهذا الحجم تستطيع مناقشته فى كل شئ وتسترشد به وتستأنس بحديثه وخبرته وحنكته، على الأقل فى تلك الأيام التى تبدوا وكأنها عاجزة عن ولادة أساتذة وصحفيين وكتاب بهذا الحجم.
غير أن الأستاذ القدير حازم منير وإن مضى بجسده إلا أنه ترك وراءه مئات المقالات وآلاف التقارير التى يستطيع كل صحفى التعلم منها على مستوى الأسلوب والصياغة والمعالجة فطالما قلت له أن مقالك يصلح أن يتحول إلى ملف كامل يقوم بإعداده قسم التحقيقات.
بيد أن للأستاذ حازم منير برامج تدريب وتأهيل مهنى لرفع مستوى كفاءة الصحفى تم إعدادها على أسس علمية ومنهجية أعتقد أنها بحوزة نقابة الصحفيين وأدعوا من خلال هذه الزاوية السيد نقيب الصحفيين الدكتور ضياء رشوان إلى اعتماد هذه البرامج من خلال مركز التدريب المتواجد بالنقابة وأدعوه إطلاق اسم حازم منير على المركز وعمل جائزة صحفية تحمل اسمه وفاءًا لروح هذا الرجل والذى كانت تربطه علاقة صداقة قوية بالدكتور ضياء رشوان، وهى نفس العلاقة التى جمعته بأغلب الصحفيين الذين عرفهم وصادقهم أو زاملهم.
يا أستاذى وصديقى وأخى الأكبر حازم منير وكأنك اتفقت مسبقًا مع عبدالله كمال ومحمد حمدى وطارق حسن على أن يكون الرحيل مباغتًا وصادمًا، بيد أن عزائى الوحيد أن مداد الكلمات التى جمعتنا لن ينفد أبدًا.